قالت العرب إن التجارب تهذب العقل وتجعله أكثر نباهة، فالإنسان بطبيعة الحال كائن يستقبل ما يشعر به من خلال حواسه الخمس ويخرج بتصور خاص باستخدام عقله الممتلئ بالانطباعات والتحيزات الدفينة وما إلى ذلك، ومن هنا يظهر لنا التفاوت بين البشر في التعامل مع جميع مناحي الحياة، لذلك تجد الحكمة والتعقل مع الأكثر تجربة والأكثر مشاهدة واطلاعا بضرورة وجود التأمل في الحال والمآل.

 وهذا يجرنا نحو سؤال مهم هل معاييرنا واضحة عندما نتعامل مع الأشياء ومع الحياة ككل؟ وماهي المعايير التي يجب علينا إدراكها واعتمادها؟ وهل المعايير يجب أن تكون ثابتة أم متغيرة؟

تساؤلات يصعب الإجابة عليها في هذه المقالة وأترك لك الإجابة، ولكن ما أود قوله إن تعاملاتك في الحياة بجميع مستوياتها وأنواعها سواء في العلاقات الإنسانية أو مع قراراتك أو مع نفسك أو حتى طريقة مشيتك أو ابتسامتك، لابد أن تخضع لمعاييرك التي تشكلت منذ نشأتك وحتى هذه اللحظة، وليس بالضرورة أن تكون معاييرك صحيحيه فربما كانت خاطئة أو مشوهة أو غير ثابتة.

لذلك هل تساءلت يوما هل الوضوح الكامل مطلب أساسي لكي نفهم الأشياء من حولنا، وما الفائدة المرجوة من إيضاح الجزء المجهول العصي طالما أنك تمتلك الجزء الأكبر من الوضوح. 

فربما كان البحث عن الجزء المفقود من الوضوح يجعلك تلهث خلف جزء لا يسمن ولا يغني لك شيئاً، وأحيانا يكون الوضوح برمته غير مفيد لك، لذلك تجد الأشقياء هم من يبحثون عن تفسيرات الظنون وخلق نتائج من الشكوك المتعبة، ومع ذلك ليس الغموض على إطلاقه جيدا.

ان تصبح إنسانا واقعيا بوضوح مقبول أكثر سلامة من أن تكون مثاليا، فالبحث عن المثالية دون فهم للواقع والممكنات هي نوع من أنواع العذاب المستجلب بمحض الإرادة، فأنت لست الوحيد الذي يكابد الحياة لوحده ولست الوحيد الذي سينقذ العالم،هدي من روعك ياصديقي ودع الحياة تجري (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ)، وختاماً لا تفقد لذة التمتع بالجزء الأكبر من الوضوح، فاجعل معاييرك ثابتة وتقبل نتائجك الواقعية بصدر رحب يا صديقي، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

قفلة: الوضوح الناقص سعادة🌿

حررت هذه المقالة بتاريخ 6 فبراير 2024م، بسبب شخص عزيز على قلبي قال لي ذات مرة سأصبح إنسانا واقعيا لا مثالياً.