-العقول التي لا تقبل التحديث-


بقلمي/ عبدالمجيد بن سعيد

عند خط البداية في أي سباق محكم يقف العداؤون بشكل متساوً حتى يبوح مسدس الانطلاق بصوته، فيبدأ التفاوت بينهما إلى أن يصلوا لخط النهاية، فيعرف كل عداء مركزه النهائي، المركز الأول والثاني والثالث وهكذا ..


ماذا لو كنت مذيعاً وقابلت صاحب المركز الأول وسألته عن شعوره بعد حصوله على المركز الأول وقال لك: إن الفوز بالمركز الأول ليس بالسهل وأنه جاء بعد تطبيق جدول تمارين شاق ومُجهد وطويل و انضباط تام لنظام غذائي صارم. انتهى..


عندها سترفع قبعة الاحترام له وتشكره ثم تصافحه ، ثم تذهب لمقابلة صاحب المركز الأخير و تسأله نفس السؤال ، ما هو شعورك بعد تحقيق المركز الأخير ، وقال لك : أن صاحب المركز الأول أعرفه جيداً ،كان بجانبي لمدة دقيقة عند خط البداية لونه كذا وشكله كذا حتى حذائه رديء وجودته أقل من جودة حذائي الجميل؛ وأنا مندهش كيف حصل على المركز الأول كان بجانبي عند خط البداية.!!
كيف تختم الحديث معه؟.


هذا المشهد البسيط مع "صاحب المركز الأخير" يتكرر دائماً في حياتنا دون أن نشعر باعوجاج المنطق وسطحية المسألة ومع ذلك نختم الحديث برفع قبعة الاحترام والتصفيق له.
الحياة تشبه مضمار سباق كبير والبشر عداؤون يتسابقون ، فالذي في المركز الأول اليوم ربما يصبح الأول أو الثاني أو الأخير في اليوم التالي ، لا يهم فالعداء بمجهوده يتقدم.


ومع ذلك تجد في حياتنا من يقول عن الشخص الناجح "فلان هذا كان وكان وكان وأنا كنت بجانبه أُشاهده (وشلون صار كذا) ! " مثلما قال لك صاحب المركز الأخير وأفضل ختام تختم به حديثك معه بقول (الإنصاف حق مهدور).
هؤلاء هم أصحاب العقول التي لا تقبل التحديث متجمدة عند لحظة زمنية معينة ،و تعتقد أنها مسطرة صالحة لقياس مواقع البشر.
ربما تقول العداء الأول غير نزيه يسابقنا بخيلٍ مُضمّر ،لا يهم فالمركز الثاني النزيه هو الأول لنا جميعا.

*قفلة: ربما تكون أفضل مني اليوم أو غدا ، لا يهم المهم أن لا نكون في المركز الأخير. 🌿
 

Join