علاقة العقل بالأمعاء

د. إمران ماير

كيف يؤثر الحوار الخفي داخل أجسامنا في حالتنا المزاجية؛ وخياراتنا وصحتنا ككل؟

 

قرأت الكتاب على مهل خلال ليالي شهر رمضان المبارك، فيه وجدت معلومات متشعبة عن العلاقة المجهولة بين العقل والأمعاء مدعمة ببحوث ودراسات وحالات مرضية مرت بمؤلف الكتاب، تبدأ العلاقة بين العقل والأمعاء في الشهور الأولى للطفل خلال فترة الحمل ، فَصِحة الأم الجسدية والنفسية ذات تأثير كبير على الطفل بشكل عام وعلى علاقة عقله بأمعاءه وبجودة صحته أو بالأمراض التي قد يصاب بها خلال حياته لاحقاً ، الصحة النفسية للأم تشمل الصدمات التي قد تمر بها خلال فترة الحمل ولا تتعامل معها بالشكل الصحيح هذه المعلومة ذكرتني بمنهج كنت قد درسته خلال المرحلة الجامعية عن صحة الأم والطفل حين ذكرت أستاذة المادة أن المرضع في حال مرورها بأي ظرف سيئ أو سماع خبر سيئ عليها في هذه الحالة التوقف عن إرضاع طفلها مباشرة لما لذلك من تأثير سلبي عليه وعلى صحته النفسية والجسدية.

الجهاز الهضمي والعقل مرتبطان بشكل معقد مع بعضهما، ولذلك فالجهاز الهضمي أكثر حساسية وتعقيد وقوة مما نتخيل، وتشير الدراسات الحديثة إلى أنه في التفاعلات الوثيقة مع الميكروبات الموجودة في الأمعاء يمكن أن تؤثر الأمعاء على العواطف الأساسية والحساسية للألم والتفاعلات الاجتماعية بل وتوجيه العديد من قراراتنا وليس فقط تلك المتعلقة بتفضيلاتنا الغذائية وأحجام وجباتنا، بل حتى أهم قراراتنا الحياتية، ويعتبر د. ماير أن الأمعاء مسرح تعرض فيه المسرحيات العاطفية.

ومع ذلك تختلف حدة الاستجابات المعوية للمواقف العصيبة أو مشاعر الخوف والغضب بين الأفراد بحسب جيناتهم أو الصدمات العاطفية التي مروا بها في طفولتهم، وفي هذه الحالة مهما كنت تتناول الطعام في حالة من الاسترخاء لن تكون في معزل عن حدوث الاستجابات المعوية المزعجة.

يذكر د. ماير أن عدد من الأنظمة الغذائية التي ظهرت مثل أنظمة التطهير (الديتوكس) أو نظام الغذاء النباتي أو الكيتو  وحتى الأغذية الخالية من القلوتين في حال عدم وجود حساسية مؤكدة منه إنما هي أنظمة غير مؤكدة التأثير ويقلل من جدوى الدراسات العلمية التي تدعمها، وهذا يذكرني بالحسابات التي اتابعها لمختصين أو مهتمين بالأنظمة الغذائية وتناقض المعلومات التغذوية التي يقدمونها، وقد يعني هذا أن لكل جسم ما يناسبه ودورك كشخص هو مراقبة جسدك لتحديد المناسب لك، وأيضاً بذل جهدك في حماية  الميكروبات المعوية من التغييرات بفعل المؤثرات الخارجية مثل المضادات الحيوية والأغذية المصنعة والتوتر والقلق.

يختصر د. ماير التعامل مع الجهاز العصبي المعوي في حال عدم وجود مرض عضوي ظاهر لتخفيف الاستجابات المعوية للمشاعر العاطفية بثلاث طرق يذكر أنها مساعدة على تخفيف ذلك وليست للعلاج.. تناول البروبيوتيك (الأطعمة المخمرة – الزبادي- أو كبسولات البروبيوتيك) والاتجاه للعلاج السلوكي المعرفي مع مختص أو تعلم آلياته وممارسة النشاط البدني كالرياضة وأساليب الاسترخاء.

إعادة إصلاح بيئة الميكروبات المعوية لن ينحصر تأثيره على تحسين الصحة الجسدية بل سيسهم في زيادة التركيز وإزالة الضبابية والتشوش في اتخاذ القرارات الحياتية.

انصح بقراءة الكتاب إذا كنت لن تصاب بالهلع من المعلومات الموجودة فيه ولن تتأثر بالنظرة المتشائمة لمؤلفه، ولديك النيّة الكافية لتطبيق الطرق المناسبة لصحتك.


  • الكتاب من إصدارات مكتبة جرير.

 



Join