تابعت والدتي كأس العالم 1994، أثناء وصول المنتخب السعودي لدور الستة عشر، ممثلاً عربيًا هو الثاني في تاريخ مشاركات المنتخبات العربية في كأس العالم آنذاك. وخلال طفولتي استذكرت معنا مرارًا هذه المشاركة، أما أنا فلم أكن أعبأ، لسبب وحيد، أني بلا مشهد قديم وعزيز يوقظ فيّ الأمل.
في الوقت نفسه، كان ينمو فيّ جوع يستفز حسرات تراكمت، جراء ما كنت أشاهده من أمجاد كُروية تعيش عليها الشعوب الأخرى.
كأس العالم 2022، أنضم لاجتماع عمل في شوط المباراة الثاني بين السعودية والأرجنتين، ويحصد المنتخب هدفين من أروع ما رأيت في حياتي، فيفوز على الأرجنتين، ويقدم مباراة جيدة أمام بولندا، ومخيبة أمام المكسيك، لكني قفزت مع هدف ياسر الشهراني، وركضت نحو الشاشة التي طاولت الجدار، لعل الهدف الثاني والثالث يتبعانه فتتنزع التأهل من بين أنياب المكسيكيين.
خسرنا البارحة وخرجنا من كأس العالم.
لكننا فزنا جميعًا بالذكرى، فزنا ببطولة القتال، بدماء ودموع ياسر الشهراني، باستبسال العويس، الرجاء غير المنقطع بمحاولات المالكي، ورأس العمري التي أزهقت الفرصة الأرجنتينية، التي كانت ستردينا قتيلين بعد عاصفة الأمل المحموم.
وعندما تدور الأيام معلنة دورة كأس عالم جديدة، سنبتسم، لأننا كنا هناك، وحجبنا مرة شمس الأرجنتين، وارتشفنا رشفة من مجد، سنتطلع لاكتماله.