في

تحليل رسالة عادية جداً

صباحاً هادئة بشكل مُلاحظ، واقفة أمام الموقد أحرك القهوة التي وضعتها للتو في الكنكة بيدي اليمنى، وبيدي اليسرى اقرأ رسالة كُتبت على ورق دفتر . انتظرتها أسبوعاً كاملاً، رسالة عادية جداً، مكتوبة بعناية، معلومات عن فنانة ما، كان شاملاً ومختصراً، اختصارٌ للآن لم أعرف كيف آليته حينما تقول لي معلمتي في حصة المطالعة: اختصري القطعة. كان يعرف كيف يفعل ذلك جيداً ، وبعض الكلمات شُطبت بذات القلم الجاف ولم يجعل منها رسالة فوضوية، لديه خطأ املائي واحد ومكرر، لكن يبدو أنها تحمل معنىً آخر ، وفاة : وفاء ، ولأني حساسة جداً تجاه العواطف فلا يمكنني ردها حينما تلج إلى قلبي وساقرأ الرسالة خلسة من ثلاث إلى أربعة مرات رغم أنها عادية جداً.

في نهاية الورقة كتب ليختم : مع - وكلمة تتبعها يضع فيها مكانته لدي ..يريد أن يوضّح أنه كذلك.. وكأنه يقول (يجب أن تعرفي أنني كذلك بالنسبة لك) ، كان رداً على رسالتي التي بدأتها “بعزيزي” وانهيتها باسمي الثنائي بشكل رسمي كانت رسالتي لأخيه ولأن أخاه لا يعرف الكتابة بعد، تولى القيادة ليحدثني بشكل غير مباشر.. ربما- ثم كتب اسمه أولاً ثم اسم أخيه ورسم قلبٌ صغير بجانبه ولا أعرف هل هذه اضافة منه أم من الآخر؟ هل تردد في وضعها أم كانت حاسمة؟ لا أرغب بأن ألعب بالنار ،وأراسل طفلين لم تُحسم فيه بداخلي الأمور بعد تجاههما، لكن لم أقاوم فكرته بأن يرسل لي رسوماته ،أربعة رسومات متعددة ويرغب مني أن أراها ، كم هذا استثنائي.

أخذتُ الأمر بجدية ، رغم ارهاقي تلك الليلة، جلستُ على مكتبي قبل النوم ، تأملتها ، اخترت عمل فني لي أحبه ورأيت بحدسي المتواضع أنها مناسبة له ، قلِبتها وكتبت رسالة مطولة ، أحدثه عن  اعجابي بكل رسمة له على حدى، ثم ختمتها بأن يحفظها في مكان آمن، وأن يبحث عن فنانة ما ويكتب لي ماذا عرف عنها.. ولقد فعل.

لم أكبح جماح رغبتي بالمراسلة مع طفل لا أعرف لماذا رغب مني مطالعة رسوماته وكيف عرف أنه سيجد مدخلاً بسهولة إلي ، أفكر الآن كيف أرد على هذه الرسالة ، وهل اكتب عزيزيّ ؟ أم اعترف بتموضعهما الذي كتباه لي؟

أم اترك لهما ندبة الخيبة الأولى؟



Join