دبابِيسْ مُضلِّلة 

  أعلم, حتى بدون أن تقولي وفمكِ مفتوح, أنني قد أكون مخطئة! 


مع ذلك، أنا لا اكف عن دعائي المُستميت, لو تدخل حشرة قذرة لهذا الفم الفضولي والمستغرِب وتُنهي هذه الملامح التي لا اطيقها أبدًا عندما ترتسم على وجهِك


 !حقًا اكره اسئلتكِ التي تتدفق بعد هذا التعبير المُقلق


(استهلال)

 لا أُتقن فن الحديث, اتلعثمُ في كل مرة أحاول فيها أن أنطق شيئاً اعتيادياً ,فيرتفع صوتي من القلق حين أحاول نطق جملة واحدة بعد محاولات عديدة لاستدراك لحظة حاسمة للحديث,  وهذا الارتفاع يُربكني اكثر، لدرجة إثارة صَمت المحيط الذي اجلس فيه, أشعر بالعيون كالدبابيس المغروسة في جلدي, حتى لو كنت أطلب طلباً صغيراً من قبيل (ناولني ملعقة الشاي) ودائمًا تنتابني مثل هذه الأفكار: أما كان من الاسهل لو انني شربت الشاي بلا سكر؟ إنه مُر و لكني سأُهدئ من روع أفكاري الملحّة بحقيقة أنني لو بقيت صامته ولم أطلب ما اردتُ لكسبتُ خياراً صِحياً, داخل رأسي في معظم الحالات، شخص ثرثار تخبرني تحليلاته بأن الآخرين يتهامسون فيما بينهم ليقولوا أني حمقاء ولا أُجيد الكلام, يقتلني اعتقادهم بأن سمو العقل البشري مرتبطٌ بإتقان الحديث والثرثرة التي يبجلها الكثيرين, أكثر سؤال يتكرر علي عندما يعرف أحد ما بقصتي هذه، هو من أين ومتى بدأ خوفي من الحديث؟

لم أكن منذ البداية هكذا, هناكَ أمر ما يهرب مِني كلما حاولتُ أن أدركه, أمرٌ له علاقة بحقيقة تلعثمي أو بحقيقة خوفي من المبادرة بالكلام.


والآن ستتمنين لو دخلت لفمي حشرة، إذا فتحت فمي لأسألكِ شيئاً ما.

ما أكثر أمرٍ تخشينه؟

و لماذا توجهين لي رأس السؤال الآن؟

هل فهمتِ الان بأن شعوركِ الحالي هو شعوري ذاته, لماذا يجب علي انا ان اجلس على كرسي الأسئلة للاعتراف؟

حسناً هذا سؤال مُبجل!

إنني  اكره التبجيل, خصوصاً التبجيل ذو المفعول العاطفي الذي تقصدينه بألفاظكِ الصريحة هذه لتنالي غايتك.

        ويحكِ! كيف لكِ ان تربطي لفظي هذا بغايةٍ في نفسك؟ لا شأن لهما ببعض, إذ أنني استلذُ بالحديث بهذه الألفاظ  معكِ انتِ فقط, لا وفقًا لغاية لا اعرفها  فلدي مليون طريقة تجعلني احفر نفق مخفي اجدى من طريق الكلمات المنمقة!

         أقول هذا لأنكِ عنيدة, وتشرعين دائماً بأخذ دور ما وكأنكِ الممثل الشغوف الذي يأتي مقتحماً للدور دون أي اعتبار للعوائد ! بلا أي مخاوف تظهرين وكأنكِ داخل عقول الآخرين و تشيرين اليهم  بكل ثقة, وكأنها وظيفتكِ رافعةً سبابتكِ التي تبدو مثل مسدس غاضب  في وجوه أصحاب هذه العوالم, تصوبين عليهم !! كذلك لا تخجلين من وضع كفكِ على خصركِ مع أن هذا يجعلكِ تظهرين بصورة فظة للغاية, لما لا تتعلمين اكثر عن لغة الجسد, وتذكري انت في مساحات الآخرين لستِ في مسرحك الخاص يا رئيسة نادي الالقاء والمسرح! 


في حركة مسرحية رفعت ليلى يدها وقالت:

        لا تسرقي كلماتي!  كم من مسرحياتِ شكسبير التراجيدية قرأتِ؟ وكم من رسائل كافكا لميلينا قرأتِ, في أي دورٍ كارثي حبستِ نفسك، هل يا ترى توقف الزمن بكِ في روايتهِ المسخ؟ هل تشعرين بالكابوس الذي صار واقعاً مُراً عليكِ مثلما حصل مع جيرجور سامسا عندما تحول الى حشرة فجأةً وبلا أي مقدمات, حتى انكرته اسرته وعاملته كالحشره؟  هل هو خوفكِ من الرفض؟ كيف لكِ ان تتهميني لأني أتصرف وفق طبيعتي فهذه الشخصيات لم تخرج من عقول أصحابها إلَّا وهي قد كيّفت نفسها لتكون داخل عقولٍ أخرى قادرة على استقبالها باختلاف اطبعاها، ومع ذلك تضعيني في داخل معادلة الدور الذي لوثته أيادي التأييد الطامعة وتنسين نفسك! عليكِ أن تفهمي معنى حضور الشخصيات في نفسك, كان عليك أن لا تقحمي نفسكِ في هذا وأنت ترفضين الأسئلة وبسؤال أدق: 

"كيف تصنعين من نفسكِ شخصاً آخر وتعرضين عني"؟

ملامح متبدِلة

اصطكت الأسنان وانخفض الحاجبين وباتت الملامح الهادئة حادة كالسكين. 

Join