عادات سويدية
أمضيت من عمري أكثر من سبع سنوات بالسويد، فترة ليست بالبسيطة للتعرف على هذا الشعب الراقي عن قرب، بالإضافة إلى العمل معهم و التحدث بلغتهم سهل كثيراً من التأقلم ورؤية كل ماهو جميل في عاداتهم. أول هذه العادات هي شرب الكثير من القهوة السوداء القوية. يكون للقهوة هنا طعم آخر وخصوصاً مع فترات الشتاء الطويلة والمظلمة وذلك بالحصول على بعض الطاقة والدفء. ليست لدي إحصائية عن متوسط عدد الأكواب التي يشربها السويدي يومياً لكن يبدو لي أنهم يحبون القهوة حقًا، فهي تعتبر جزء أساسي من الروتين اليومي عند الفطور، كثرة عدد أكواب القهوة في العمل وكذلك في المساء لكن ليس بوقت متأخر حتى لا تتأثر جودة النوم.
من العادات المحببة كذلك هو أكل الحلويات كل يوم سبت وخصوصاً الأطفال. الآباء والأمهات السويديون يمنعون الأطفال من تناول الكثير من الأشياء عن طريق تبني قاعدة تعلموها بأنفسهم كأطفال وهي أنه يفضل تناول الحلويات يوم السبت فقط. يُطلق على مفهوم قصر النفس على تناول الحلوى بشكل أساسي في أيام السبت اسم lördagsgodis وتحظى بشعبية كبيرة بين السويديين. تكون طريقة الشراء بأخذ كيس خاص للحلوى بأقرب محل حلويات وتبدأ باختيار أنواع عديدة من الحلويات والجلي والشوكولاتة ومن ثم يتم وزنها للحساب.
اسمع كذلك من بعض الزملاء السويدين أنهم يفضلون عدم الحديث مع الجيران والغرباء، أنهم يتجنبون هذه النقاشات الجانبية بقدر الإمكان، وقرأت في موقع thelocal.se أن بعض السويدين يطلقون على منطقة الرواق أسفل العمارة -على سبيل المزاح- بمنطقة (الخطر) وذلك لأنه من الممكن أن يلتقي الشخص بأحد الجيران وتبدأ النقاشات الجانبية عن الطقس والتعرف ببعضهم، مما يعتقدون أنه مضيعة للوقت، وقبل خروجهم من باب المنزل يحاولون تجنب رؤية الجيران بالتحقق من (فتحة/عين) تجسس الباب إذا ماكان أحد منهم في الخارج فينتظرونه حتى يبتعد أو يدخل إلى منزله. لم ألاحظها بوضوح كما يصفها الزملاء خلال فترة إقامتي هنا بالسويد.
من الأمور الجميلة أيضاً مفهوم lagom (متوسط أو وسطي). هو مفهوم جوهري لطريقة الحياة السويدية. هو عمل متوازن ورغبة في عمل الأشياء بالطريقة الصحيحة المعتدلة دون زيادة أو نقص. Lagom هي تجربة وأسلوب حياة، تحكم كذلك مفهوم التصميمات والديكور الداخلي والهندسة المعمارية وكل شيء بالسويد.
أنصح بقراءة كتاب the Swedish way of living just right, the book of lagom للمؤلف Göran Everdahl لمعرفة تفاصيل أكثر عن هذا المفهوم.
كما تعتبر إعادة التدوير من العادات الرئيسية الثابتة بالمجتمع السويدي بغض النظر عن مكان السكن أو العمل، وهي عادة يتأقلم معها الساكن بالسويد فوراً. هناك صناديق إعادة التدوير في معظم الأحياء والعديد من المباني لفرز النفايات. الجميل أن يكون للجميع دور في تحسن الوضع البيئي والمحافظة على النظافة وعمل كل ما هو في صالح أن تكون الطبيعة بأفضل حال، بالإضافة إلى الإستفادة العظمى من التدوير في إنتاج الطاقة والاستفادة من المخلفات.
ومن العادات الرائعة التي للأسف لم أمارسها هنا الرياضة وخصوصاً الجري في كل الأجواء. تألق السويديون في عادة الجري على طول الواجهات المائية والحدائق العامة وبالأندية الرياضية. لم يكن الطقس عقبة أبدا ولم يمنع الشتاء البارد المظلم العدائين من إرتداء أحذية الجري وزيادة معدلات ضربات القلب لديهم.
وتعتبر المصافحة باليد هي البداية في كل لقاء وعند التعريف بالشخص، و(الحضن) بين الأصدقاء والزملاء المقربين. يتميزون كذلك باحترام المواعيد على كل الأصعدة سواء في مواعيد العمل، اللقاءات، مواعيد القطارات ووسائل النقل الأخرى وكذلك على المستوى الشخصي.
التعامل المالي بلا مبالغة يكون ببطاقات البنك أو تطبيق swish المربوط بالحساب البنكي ورقم الجوال حيث يستطيع الشخص بتحويل مبلغ بمجرد معرفة رقم جوال الآخر، أكاد أجزم أن هناك بعض العملات النقدية السويدية لاأعرف شكلها لاستخدامي النادر جداً للعملة الورقية.
هذه بعض من العادات والأمور التي لاحظتها والأكيد يوجد عادات أخرى وعديدة يتميزون بها، الجميل دائماً أن يحاول الشخص دائماً التقدم للأمام وتطوير ذاته وتقبل المجتمعات والإستفادة من تجارب الآخرين.