أدب الرسائل

بشرى العقيل 



إن للرسائل أرواحاً، وإنها لتتكلم، وإن فيها من القوة ما يعبرعن نشوة القلب وليس ينقصها شيء من حرارة العواطف،وإنها لتبعثها في القلب كما يبعثها الكاتب نفسه، وقد يكون فيها  أحياناً من الجرأة على التعبير مالا يستطيعه الكلام .ـ

لطالما كانت الرسائل هي الحبل الوثيقُ بيننا، فهي جسر التواصل الذي منه يمتد الإحساس بالطرف الاخر ومنه يشعر الكاتب بقدرٍ أكبر من الحرية وبحميميةٍ شديدةٍ مع من يُكاتبه فيَخلع أقنعته ويكتب بصدقٍ وأريحية ليوثق اللحظة و الخاطرة والفكرة بأكثر حالاتها تجردًا، فتصف لنا الكاتبة ميردوخ في أحد رسائلها بأن عملية كتابة الرسالة بالنسبةِ لها جزءٌ من الوجود الإنساني كله.ـ

فبالتالي من الواضح جليًّا هنا بأن الرسائل كانت ولا زالت عمادًا من أعمدةِ الأدب ونوعٌ من الأنواع الهامةِ والفارقةِ في الكتابة، فأدب الرسائل أدب لَّونيٌّ مميز لمَا يحمله من تضاد وتباري بين طرفين مختلفين يتنافسان فيما بينهما من أجل إظهار أبرع وأروع العبارات والأوصاف.ـ

ولعلنا نذكر هنا أحد أبرز الرسائل الأدبية عالميًا وعربيًا، فنجد جبران خليل جبران في رسائله مع مي زيادة مثال رائع عن المراسلات الأدبية اللطيفة والمساجلات الفكرية الروحية التي الفت بين قلبين وحيدين ومغتربين يبعد أحدهما عن الآخر آلاف الكيلومترات ورَبطت بينهما.ـ

ولا ننسى أيضا على الصعيد الاخر صداقة عبد الرحمن منيف ومروان قصابورسائلهم المتبادلة التي أدت إلى نهضةِ هذا الأدب المميز عربيًا.


الجانب العالمي نرى كافكا ورسائله الشهيرة إلى ميلينا في كتابه المعروف "رسائل إلى ميلينا" فهو يُعتبر في مقدمةِ كتب أدب الرسائل العالمية.ـ


 

ختامًا.. ما مستقبل أدب الرسائل مع التقنية التي نعاصرها، هل سنترك إرثًا للأجيال المقبلة كما تركوا لنا أجدادنا بالماضي ام لا؟ فمع برامج المراسلة والتواصل الاجتماعي فقدنا لهفة الرسالة وقراءتها بتمعّن مرةً تلو الأخرى وكتابة الرد وتنقِيحه وإرساله وترقب رد الطرف الآخر.ـ

لذلك ندعوكم أصدقائنا بأن تعيدوا إحياء هذه العادة الحسنة من جديد وأن توثقوا أفضل وأجمل الرسائل التي وصلتكم في طباعتها والاحتفاظ بهـا . ـ


Join