مذكرات شاهد للقرن


مالك بن نبي

على عكس ما يتوقعه القارئ من عنوان الكتاب وحجمه، فإن مالك بن نبي في سيرته لم يتحدث إلا عن فترة الطفولة والشباب، أي ما يقارب ال 30 سنة، على الرغم من أنه قام بكتابتها وهو في الستين من عمره..


ينقسم الكتاب إلى قسمين، يشتمل الأول على فترة الطفولة (1905-1930)، وحياة الكاتب بين قسنطينة وتبسة، ثم عمله كاتب عدل متنقلا في أرياف الجزائر..

وهذا القسم سجل حافل لمن أراد أن يتعرف على الطبيعة الاجتماعية والدينية والتعليمية والسياسية للجزائر في تلك الفترة، وعن الاستعمار الفرنسي وطبيعة تأثيره في البلاد..

أما القسم الثاني فتحدث فيه عن حياته في فرنسا طالبا (1930-1939)، فبعد استقالته من عمله، ونظرا لطبيعة تكوينه واهتمامه بالأدب والفلسفة؛ قرر بن نبي أن يواصل دراسته في معهد الدراسات الشرقية في باريس، إلا أنه رُفض بسبب جنسيته..


قام بن نبي بعد ذلك -بإشارة من أحد أصدقائه- بالتقدم إلى مدرسة اللاسلكي، ليتلحق بعدها لدراسة الهندسة الكهربائية، في خطوة لم يكن بن نبي يخطط لها أو يتوقعها أصلا.. ليصبح مهندسا في النهاية..

كانت فترة الدراسة في فرنسا حافلة، شهد فيها تكونه السياسي، وأول تجاربه الفعلية في العمل نحو استقلال البلاد.. كما تسببت له هذه الفترة بالعديد من المشاكل له ولأسرته في

الجزائر..

لعل من أبرز المحطات التي شدتني خلال هذه المرحلة؛ هي عمل بن نبي مدرسا للعمال الجزائريين

الأميين في فرنسا.. حيث لم يقتصر أسلوبه على فك الخط وتعليم الحساب، وإنما تجاوز ذلك إلى الاهتمام بتكوين الشخصية المتحضرة المفكرة، التي تأبى الضيم وترفض الاستعمار، وتسعى في رفعة نفسها وأمتها.. وأظن أن هذه المحطة كانت حجر الأساس في مشروعه: (مشكلات الحضارة)..


الكتاب جيد في الجملة، تتعرف فيه على حياة بن نبي والمحركات الأساسية التي كونته وصقلته، ولكنه لا يستعرض أيا من الأفكار التي طرحها بن نبي في مشروعه الفكري..

عدد الصفحات

428

خليل الشيخاوي

Join