طوق النجاة

سنتين في الفلبين

بدأت رحلتي بمغامرة في مدينة لا أفقه شوارعها، ولكنةٍ عربيةٍ لم أسمع بناطقينها من قبل، أضحك مع أوجهٍ لم اعتد عليها، كما لو انني قد رافقتهم لدهر.
انا التي لاتغادر منزلها إلا للمدرسة، أو منزل خالتها، ترمي الحياة لها بمفاجأة جديدة.

فأشهد أنني حر وحي؛ حين أنسى 

كان موعد رحلتي إلى الفلبين وتحديدا للعاصمة مانيلا في أحد أيام شهر أوقست من سنة 2018، وعمري حينها 18 عاما، بجروح كهلٍ في الثمانين؛ بعد فقداني تؤام روحي وأختي الحبيبة المحبة؛ بسبب مرض نادر وخاطف يدعى فقر الدم اللاتنسجي، وخسارة جدتي مربيتي الأولى، وخسارة منزل طفولتي التي قبعت فيه كل ذكرياتي معهم في ثلاثة أشهر فقط، كما لو أني أرى حياتي من نافذة، كما لو اني ارى جدتي وأختي ومنزلنا في شاشة سينما وأنا أقبع وحيدة في صالتها، شاشة لاتخترق وأحداث لا تُغير. 

نحن في الواقع لا نتخذ القرارات، وإنما القرارات هي التي تتخذنا

كل تلك الأحداث صنعت قرارا فارضا لنفسه بلا مقاومة مني، ليحين موعد التغيير وصناعة نقطة تحول؛ فلا طريق للعودة الآن؛ لم أكن قادرة على تحمل الحياة أكثر في مدينتي العزيزة الرياض، (ويعلم الله اني حين كتبت اسمها الأن خفق قلبي من الحنين).
في خلال يوم واحد فقط أو في الأحرى ليلة واحدة اتخذت قراري الذي خلق مني شخصًا آخر الأن، قررت أن أحذو حذو أختي الكبرى في الإنتقال والعيش في الفلبين، حينها،استيقظت من النوم وأخبرت والداي للإستعداد، كلاهما كانا دائمًا داعمين لي ورأيا صحة الأمر وضرورة
حدوثه الأن.

ماذا بعد ذلك ؟

ثلاث فتيات كن رفيقات أختي في الفلبين وفي إجازة صيفية في الرياض، تواصلت معهم عبر الرسائل النصية فقط، وأخبرتهم أنني أريد أن أعود معهم للفلبين، كوني وبالطبع لا أعلم شيء عن مطار مانيلا وشوارعها وأزقتها وبالطبع مواطنيها، وأخذت الموافقة منهم بكل ترحاب.
بدأت بتحضير حقيبة السفر، حقيقة لم أكن مهتمة أو أملك حماسًا للأمر، كنت باهتة، شفافة حتى تكاد أن ترى الأشياء من خلالي، حتى اختلطت الجمادات بي، يكاد لا يرى وجودي ولو كنت أرتدي الفسفوري.
أمي العزيزة هي التي تولت أمر حقيبتي، لم أكن أعلم نصف ما بداخلها حتى وصولي إلى وجهتي.

 في المطار
خط الرحلة كان (الرياض-المملكة العربية السعودية إلى مسقط-سلطنة عمان إلى مانيلا-الفلبين).
والدي ووالدتي رافقاني للمطار، وفي الوقت الذي ذهب فيه أبي لتحويل بعض من النقود للعملة الفلبينيه (البيسو)، أمي تلت علي وصاياها، أن لا أنسى الله، وأن خسران كل شيئ بالحياة لايصل لمقام خسارة الرابط مع الله، وحين وصل أبي وادلى بدلوه من نصائحه، حان وقت الوداع وأقبلت أمي لاحتضاني وملأ عينيها الدموع، وحين اقتربتُ لتقبيل رأس أبي أقبل هو لتقبيل جبيني ليسبقني كعادته؛ يفعلها كل مرة أغادر فيها المنزل، كما لو انه يصب كل حنانه لي حتى لقاء آخر.

بعد أن قطعت تذكرتي وتوجهت لصالة الإنتظار، التقيت بالفتيات الثلاث، ابتهاج وابتهال التؤام المتطابق، وشهد.
كنا نتحدث طيلة الوقت في صالة الإنتظار وهن ينادينني بإسم اختي الكبرى، كان خطأ يغتفر بالطبع، كنت اتحدث معهم في شتى المواضيع وعقلي يقول "هذا، هذا هو التغيير احسست فيه الآن! انا في فصل جديد!" وكان قلبي واخيرا يقرقع من الحماس، لقد فعلتها.
اتممنا ساعة من الإنتظار و تلتها ساعة اخرى، ثم أربعة حتى قطعنا ال 12 ساعة في صالة الانتظار؛ تأخرت الرحلة لمدة 12 ساعة!! خارت قوانا ولم نملك القوة لنكمل الاستمتاع في وقتنا، أصبحنا أقرب لبعض أيضا في خلال 12 ساعة، لم نستطع النوم في المسجد النسائي وتم طردنا منه، بعد ذلك توجهنا لمقاعد صالات الإنتظار للنوم بوضعية الجلوس، ووضع النظارات الشمسية كان كفيلا في جعلنا نغط في نوم عميق من فرط التعب.

مسقط - مطار مسقط الدولي الجديد
في أروقة مطار مسقط الجديد الذي قل مايقال عنه تحفة هندسية بديعه، تعرفت على صديق لا يزال رابط الإتصال بيننا قائمًا حتى الأن، سالم.
من هو سالم؟
حين وصولنا لمسقط كانت الرحلة التي سوف تلقنا إلى مانيلا انطلقت منذ وقت طويل، ورفضت الخطوط وأنظمة المطار أن تسمح لنا بالبقاء والسكن خارج مطار مسقط، كون أقرب وقت لرحلة أخرى كان بعد ساعات قليلة، وبعد جدالات طويلة مع الموظفين، أقبل علينا شاب عماني يدعى سالم، أخبرننا بلهجته الأخاذة أن لانقلق، وأننا إخوه، وسوف يمد يد المساعدة لنا ويقوم بحل كل الأمور لتكون رحلتنا غدًا صباحًا، وبعد حجزه غرفًا فندقية لنا، أوفى سالم بوعده وأخرجنا من مطار مسقط من مسار الدبلوماسيين، ثم طالب برقمي من أجل أن يراسلني في حال عثوره على حقائبنا الضائعة.

انتقلنا للفندق عبر باص خاص بالمطار، كان شعور مذهلا أنني خططت للسفر لدولة ما، ومن ثم اجدني في دولة أخرى، هواء مختلف، افتح نافذة الفندق واتأمل شوارعها، واشعر بالإختلاف، كل شيء مختلف عن الرياض حتى لو انه كان مطابقًا له.
وبعد أن رسينا في غرفنا، قالت رفيقة : لدينا يوم واحد فقط في عمان، لماذا نقضيه في الراحة؟
لنتفق جميعا على رأيي واحد ونستعد للخروج.

بدأت رحلتي بمغامرة في مدينة لا افقه شوارعها، ولكنةٍ عربيةٍ لم اسمع بناطقينها من قبل، اضحك مع أوجهٍ لم اعتد عليها، كما لو انني قد رافقتهم لدهر.

في دقائق معدودة، انتهينا من وضع مستحضرات التجميل على الهالات التي صنعها الإرهاق.
لم نكن نملك العملة العمانية؛ لذلك توجهنا للإستقبال لنستفسر عن التحويل فقام هو بذلك، وكانت الصدمة ان (كل عشرة ريال سعودية تقابل ريالًا عماني).
طلبنا منه ايضا أن يستدعي سيارة أجرة؛ وحين اتى لم يكن لدينا شبكة إنترنت في هواتفنا لتدلنا على الطريق، قلنا له "خذنا لأقرب مركز تسوق من هنا"، وسرعان ماسيطر فضوله على الساحة؛ كوننا أربعة فتيات يخرجن من فندق في وقت متأخر من الليل لذهاب إلى التسوق، ليبدأ بطرح العديد من الأسئلة، من نحن ومن أين اتينا.

الساعة العاشرة مساءً وكل الشوارع خالية، إن مسقط هادئة لأبعد حد.
عند وصولنا إلى المركز التسوق كانت المحال التجارية مغلقة، لنعود بأدراجنا لسيارة أجرة أخرى.

تقول صديقتي له : خذنا لأقرب مقهى يقدم الشيشة.

بدأ بالتحدث عن الطبيعة في سلطنة عمان والسياحة فيها، ثم اصطحبنا
للبحر، قال أنه يوجد العديد من المقاهي هناك، كان خاليا ومظلمًا، ويحف الشاطئ عدة مقاهي.
المرة الأولى التي أرى فيها البحر، الظلام دامسُ ولا شيء يرى، بسعتي أن اسمع موجه والمس رماله وتصفعني رياحه، شهقت من الإنبهار حتى تدحرج الشعور من حلقي ليتربع في قلبي ويملأه بالإتساع.
ومن ثم، توجهنا للمقهى، في الاستقبال كان هناك رجل ابيض اشقر من جنسية غربية، كان يتحدث على الهاتف، حاولنا أن نقاطعه لنعرف أين المقهى المزعوم ولكن فشلنا.


بقليل من التحري توصلنا لبوابة المقهى، كانت البوابة تفتح كما تفتح أبواب الأسواق، زجاج مغبش يفتح أليا في حال وقوف شخص أمامه، وقفنا نحن الأربعه وبدأ الباب بالإنفراج كما تسحب السدائل في المسرح، أربعة فتيات يرتدين الحجاب و العباءة السوداء بمواجهة عشرات الشباب بأثواب بيضاء، دخان كثيف في الأجواء، كان مشهدًا قل مايوصف عنه بالملحمي، كما يلتقي جنود المملكة بنظائرهم في أوج المعركة، لتخترق تلك النظرات الثاقبة أرواحهم، وفي منحنى كوميدي بجانب آخر من تفكيري، تذكرت لعبة الطفولة "يالعمال العماليه، عطونا بنتكم الحلوه الجميلة"
كل هذا في دقائق فقط، لنخرج بعدها مسرعين من المكان، وكأن ماكان لم يكن.


توجهنا لمقهى آخر في نفس الصف، كانت النادلة والنادل من الجنسية الإسبانية، والمقهى خال.ٍ إلا منا، تناولنا ايس كريم الفراولة واستمعنا لموسيقى عبدالمجيد عبدالله، حتى حان موعد العودة للفندق وفقط حينها اكتشفنا حقيقة الأمر…أننا لا نعرف اسم الفندق ولا نعرف موقعه ولا نملك أية معلومة عنه.

الشاطىء خالي من سيارات الأجرة، قطعنا طريق طويلًا حتى وجدنا واحدًا،و كان شخص لطيف حاول أن يساعدنا بوصفنا له الأماكن التي عبرنا بها، شكل مركز التسوق ومسجد كبير ونفق، حتى وصلنا والحمدلله لوجهتنا.

هناك عادة غريبة لسائقي الأجرة في سلطنة عمان؛ هم يضعون أرقامهم في بطاقات ورقية لإعطاءها للركاب، احتفظت بتلك البطاقات للذكرى، وقليل من العملة العمانية أيضا.
في صباح اليوم التالي توجهنا للمطار، وهناك قمنا بشراء بطاطس عمان لتناوله في الطائرة، كيف نخرج من سلطنة عمان دون تذوقه!

الحرية شمس يجب أن تشرق في كل نفس، فمن عاش محروماً منها عاش في ظلمة حالكة.

مانيلا - الفلبين
المطار مزدحم بالشعب الفلبيني بالطبع، كنا نقف في صف الأجانب لوضع ختم الدخول، وهناك عدد كبير من الجنسية الالمانيه والكورية، وبعد حصولنا على الحقائب وشراء شرائح الاتصال، خرجنا من المطار.
أول ما قبضته حواسي في مانيلا هي رائحة السمك، مانيلا تمتلك رائحة سمك فواحة،شممت تلك الرائحة وميزتها لمرة واحدة فقط خلال سنتين، ولم استرجعها مرة اخرى؛ من الإعتياد ربما.
توجهنا من المطار إلى محطة الباصات من أجل الوصول لوجهتنا الأخيرة، القرية التي أسكنها الأن.
شوارع مانيلا مليئة بالأشجار، وكأنها "جومانجي" والعديد من اللائحات الإعلانية العملاقه؛ لتجمع التناقضات بذلك، وجسور سيارات مهترئة، ويتوسط الطريق وسيلة مواصلات شعبية زاهية بألوانها، تدعى"الجبني".

الجبني الفلبيني

ونحن على متن الباص كان المطر يهطل بغزارة متواصلة، والليل أوشك على الانشلاح، الجُوُ باردُُ جدًا و لا توجدُ طريقة لتخفيف التكييف، صديقاتي غططن في نومٍ عميق وبقيت أنا مستيقظة وعيناي تراقب الطريق، طريق السفر الذي يتوسط غابات ومزارع، انقضت ثلاث ساعات حتى الأن، وبقية ثلاثة أخرى للوصول إلى وجهتنا.
مطر وشجرُُ وتجمدُ الأطراف من البرد، ياله من استقبال!

محطة القرية
ترجلنا من الباص، وكان هذا هو مفترق الطرق بيني وبين التؤام المتطابق، فهن يسكن منزلًا مختلفًا، أما أنا فقد ذهبت مع شهد لمنزل اختي ورفيقاتها.
ركبنا وسيلة مواصلات شعبية تدعى ترايسكل، وهي دباب فيه كبينه صغيره، تحسبُ انها لن تتسع إلا لشخصين!

حين رؤيتي لها أخبرت شهد أنها لن تكفي الحقائب، والمفاجاءة أن السائق وضع الحقائب فوقها، وانطلقنا.
لم أعي بالطريق او اصب تركيزي فيه، كل همي هو أن السقف سوف يسقط علينا من ثقل الحقائب، وتهُشم هياكلنا.

*الأن أستطيع أن أقسم أننا سافرنا فيها لعدة مدن وعلى متنها خمسة أفراد. 

ترايسكل فلبيني

تقول شهد : بارا ديتو بو!
الترجمة : توقف هنا سيدي، كلمة "بو" ترجمتها الفعليه ليست سيدي، ولكن تقال لكل الأشخاص من باب الإحترام.
فتوقف السائق أمام أكبر منزل في الحي، يملك حديقة واسعة وأسوار عالية، وزينة بوابتهُ بحرف ال S كنايةً عن العائلة المالكة له، ومن سكن المنزل كن "ساره، شيماء، شهد، شذا" وكان هذا منزلهن، ومنزلي انا الدخيلة، R.

منزل S والدخيلة R

ساره كانت أول فرد أراه من سكان المنزل بعد شهد؛ فهي من رحبت بنا وقامت بمساعدتنا لرفع الأمتعة للأعلى، في حين أن شهد كانت قلقة من تواجد الصراصير على السلم.
عند دخولي للمنزل، لم أرى أختي حتى انتهيت من الإستعداد للنوم، اقبلت علي لتخبرني اين سوف أنوم هذه الليلة، ثم غطستُ في النوم كطفل وجد الأمان اخيرًا.

حين استيقظت في ظهيرة اليوم التالي لم أجد أختي وبقيت الفتيات، ترقبت لوقت طويل على السرير، لعلي حجرت في حلم ما؛ ماقبل البارحة كنت استلقي على وسادتي في الرياض، لتليها ليلة على وسادة

مسقط، واليوم استيقظ في الفلبين.

بقيت لوقت طويل انتظر اقبال احد إلى الغرفة، غرفة النوم واحدة تجمعنا نحن الخمسة.
توجد خمسة أسرة، تسريحة واحدة ودولاب ملابس واحد، نملك غرفة نوم أخرى حولت لغرفة للملابس والحقائب، كون أن جهاز التكييف لا يعمل فيها.

أصدر باب المنزل صوتا؛ فإذا بسارة تدخل الغرفة بعد عدة دقائق، أخبرتني أن أختي وشذا في المستشفى في انتظار نتيجة تحليل مرض معدي يدعى "حمى الضنك".


بعوضة الزاعجة المصرية - ناقلة لحمى الضنك

حمى الضنك مرض شديد الإنتشار في البيئات الماطرة التي لاتمتلك تصريفات جيدة لماء المطر، فتتكون مستنقعات تتجمع عليها بعوض من نوع محدد حامل للمرض، وهو ومنتشر بشدة في الفلبين ويعد من أحد أسباب وفاة الأطفال فيها.

أحد أبرز أعراضه تكسر الصفائح الدموية، ليفتقد الدم قدرته على التجلط فتتكون أنزفه في عدة مناطق بالجسم، وكان هذا أيضا من أرز أعراض مرض أختي المتوفاة.


ارتديت عبائتي وخرجت مسرعة مع سارة، أول مرة أرى فيها القرية على ضوء النهار كان من نصيب طريق المشفى، يبعد مسافة ربع ساعة عن المنزل وهو المشفى الوحيد لكل سكان القرية وزوارها.
أما عن الطريق، قل ما ترى فيه سيارة؛ الكثير من الترايسكلز وبعض الدراجات الهوائية والنارية، تحفه المزارع من كل الجهتين، وتقبع داخلها حيوانات الحظيره (الخنازير والأبقار والدجاج)، الكثير من الكلاب الضاله تتوسط الطرقات، تظن أن بإستطاعتها أن تغزو المكان من فرط عددها، بإمكاني أيضًا أن أرى البقر يقطعن الطريق العام معنا، فلا عجب أن تقوم بقرة بالإصطدام بك يوم ما كما حدث مع إحدى رفيقاتي، وهذه قصة لتدوينة أخرى.

عند وصولنا للمشفى توجهنا لقسم الطوارىء، الكثير من الفتيات كن هناك ولا أتذكر العدد تحديدًا، كان أقرب لجمعة فتيات من كونه مشفى.
وفي مراتب الطوارىء تقبع صديقة أختي التي بدأت بالهلوسة من إرتفاع درجة حرارتها، تبكي تارةً وتارة تضحك معنا، وتقابلها أختي في الجهة الأخرى تجعل من الأمر صغيرًا اكثر مما يجب حتى تكاد تجزم أنها من الزائرين، وكأن لم يصبها شيىء.


هل الأشياء التي أهابها تعود إلي دائمًا لتذكرني بهيمنتها؟ أم أنها تريد محو وقعها القوي على قلبي لتصبح كشرب ماء او تناول غذاء، لتختلط في ايامي، حتى تغدو عادةً يوميةً يشتاق إليها، وشيئٌ مؤكدٌ حدوثهُ، صُفى لأخر قطرة من شعور المفاجأة.

لم تكفيه كل تلك الخسارات، لم يكفيه هذا الترحال، ولم يكتفي بصنع أكبر قرار، بل أراد اكثر من ذلك، يخبرني حدسي أنه يقول "بقي المزيد، لم ينتهي الدرس بعد”.


بالطبع، ظهرت نتيجة التحليل إيجابية لحمى الضنك، ومن ثم رقدت أختي وصديقتها في المشفى داخل غرفة بسيطة جدًا ولا يوجد فيها إلا سريرين وكرسي بلاستيكي، وعلى الحائط فوق كل سرير صليب من خشب، كون القرية بأسرها من الكاثوليك؛ ولكل حادث حديث في تدوينة قادمة.

لازمتهن حتى غدا الوقت ليلا، تارة في إعطائهم الماء، وتارة في الذهاب للصيدلية، وأخرى في تدليك اياديهن بالكريم المرطب، فأنا اعرف معنى أن تكون يداك جافتان من إرتفاع الحراره.

في خلال اليوم تعرفت على كل صديقاتهن اللاتي يسكن القرية، وفي نهاية اليوم انطلقت أنا وسارة للمنزل، لنأخذ قسطا من الراحة لغد.

Join