العالم لن يتغير بعد كورونا

نقرأ كثيراً عن العالم بعد كورونا و كيف سيكون وضع الإقتصاد ونماذج الأعمال وتصرف الأفراد بعد إنتهاء الجائحة بإذن الله. وهذا النقاش والطرح منطقي كون المعطيات غير واضحة ووضع الشك والريبة عالي جداً مما يزيد من التكهنات والنظرات المتفائلة والمتشائمة.

الإقتصاد يقوم على نظريات و قواعد من الصعوبة تغييرها في يوم وليلة. هناك دول وضعت خطط لسنوات عدة قد تتغير أو تتأخر النتائج ولكن تظل الأهداف والرؤى ثابتة إلى حد ما. هناك منشآت وأفراد وضعوا أهداف على المدى الطويل من الصعب جداً أن تتلاشى في يوم وليلة. قد تتغير الأدوات لتحقيق الأهداف، ولكن من الصعب جداً أن تتغير عناصر الإقتصاد بين عشية وضحاها.

سأركز حديثي على القطاع الخاص من منشآت صغيرة و متوسطة و كبيرة. هذة المنشآت قامت بالإستثمار في أصولها و عملياتها و مواردها البشرية على مدى سنوات بل وعشرات السنوات لكي تصل إلى ما وصلت إليه. من صاحب المطعم البسيط أوالبقالة أو المغسلة إلى الشركات المساهمة في جميع القطاعات لديهم أصول ومصاريف ثابتة ومتغيرة يصعب جداً تغيير نماذج عملها بشكل سريع بسبب أزمة مهما كان أثرها. قد يحدث تغيير لبعض نماذج العمل ويتم تعديل طريقة استخدام الأصول، ولكن تحتاج إلى وقت ليس بالقصير لتصل إلى نموذج عمل متكامل ومستدام.

العالم اليوم يشهد تحركات لإعادة فتح الأسواق بعد إغلاق دام لحوالي شهرين تأثر من خلاله جميع القطاعات بلا استثناء. هناك منشآت توقفت أعمالها بنسبة 100% وهناك جهات تضاعف الطلب عليها 400%. جميع هذة الجهات اختل لديها التوازن وأصبحت مطالبة بتعديل سريع لنموذج العمل، وهذا صعب للغاية خصوصاً مع وجود حظر تجول جزئي أو كامل. عملية فتح الأسواق لن تكون بنماذج عمل جديدة لأنه من المستحيل تطبيق النماذج في هذة الفترة القصيرة مع الإغلاق الجزئي. وإنما من وجهة نظري ستكون ببروتوكولات جديدة تماشياً مع الإجراءات الإحترازية الصحية. جميع هذة المنشآت ستكون متعطشة لعودة نشاطها تدريجياً بالبروتوكولات الجديدة، وسترجز على تعديل نموذج العمل على المدى الطويل وبناء خطة لنموذج أكثر استدامة.

حضرت خلال الفترة الماضية عدة نقاشات حول البوتوكولات الجديدة لصناعات مختلفة مثل المطاعم والسوبرماركت على مستوى المنشآت الصغيرة، وشركات الطيران والفنادق على مستوى الشركات الكبيرة. جميعهم يتحدث عن إجراءات احترازية كخطوة أولية ليستعيدوا جزءاً من العمليات والإيرادات المتوقفة خلال فترة الحظر، وبدؤا فعلياً ببعض القرارات للتحضير لنماذج العمل الجديدة.

لنبتعد عن نظريات تغير العالم بعد كورونا، فالتغير الذي نتوقعه يحتاج إلى فترة ليست بالقصيرة. قد نشاهد حلول مبدئية على المدى القصير، لكن اكتمال نماذج عمل جديدة حسب ما نقرأ لا يمكن تطبيقة في يوم وليلة.

Join