book review
مُراجعة كتاب
A Human Algorithm
الخوارزمية البَشريـة
قبل عدة ايام شرعت بقراءة كتاب
« الخوارزمية البشرية » للكاتبة « فلين كولمن» وهو كتاب يتحدث بإسهاب عن التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وطبيعة العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والبشرية، يُثير هذا الكتاب العديد من التساؤلات في ذهن القارئ، بدايةً من كيف أصبح الذكاء الاصطناعي احد ركائز الثورة الصناعية الرابعة؟ مروراً بالتساؤل حول اذا ما كان الذكاء الاصطناعي اليوم يحدد سلوك البشرية وهل يمكن للبشرية تغيير سلوكها بما يتوافق مع الآلآت؟ نهايةً بماهية الذكاء الاصطناعي وحوكمته وشرعيته.
تجيب « فلين كولمن» على هذه التساؤلات المُثارة وأكثر في كتابها
« الخوارزمية البَشرية،كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تحديد من نحن»
الصادر عن الدار العربية للعلوم، وهو يقع في 342 صفحة مكونه من 10 فصول شاملاً المراجع.
عن الكاتبة
FlynnColeman
فلين كولمن
هي مؤلفة ومحامية دولية وزميلة في جامعة هارفارد متحدثه وكاتبه حول قضايا جرائم الحرب والإبادة الجماعية والتكنولوجيات الناشئة والاقتصاد السلوكي
تقول كولمن في مُقدمة الكتاب:
« يُناقش هذا الكتاب كيف ان علاقتنا مع التكنولوجيات التي ننشئها ستساعدنا على إعادة تحديد معنى أن نكون بشراً ومن يمكن شمله في تعريف البشرية. »
والتكنولوجيات هُنا في إطار تعريف كولمن
( الفصل الأول )
تتدرج تاريخياً
بداية من « النار » نهايةً عند « الذكاء الاصطناعي فائق الذكاء»
فالتكنولوجيا في تعريف كولمن هي:
« أي أداة تتيح لنا أن نبتكر ونحل المشاكل
. النار تكنولوجيا، واللغة تكنولوجيا...»
تقول كولمن ايضاً بما يتوافق مع التكنولوجيا اننا نعيشُ اليوم في نهاية المرحلة الأخيرة للتطور التكنولوجي الذي قاده البَشر كلياً، وان الذكاء الاصطناعي سيعرف ويحدد العَصر التكنولوجي القادم، وبالتالي مُستقبلنا، وهو حديث مُهم تشير فيه الكاتبه إلى اي مدى سيستطيع الذكاء الاصطناعي تغيير المُستقبل؟ وهل الثورة التكنولوجية القادمة التي سيحددها الذكاء الاصطناعي ستُسبب أزمات؟ ماذا عن حوكمة الذكاء الاصطناعي والاهتمام به كسلاحٍ فتّاك من جهةٍ أُخرى؟
تَقتبس الكاتبة في مقدمة الكتاب من العالم
«ستيفن هوكينغ»
«سيكون الذكاء الاصطناعي على الأرجع
أفضل او أسوأ شيء حَصل للإنسانية»
وهذا اقتباس يحمل من المضامين والمعاني ما يَحملُه .
تقول كولمن ايضاً :
« إننا نصبح متكلين على الكمبيوترات والآلات بشكل غير قبل للعكس،
ونستخدم ذاكرتنا البشرية أقل بكثير من السابق،
ونتجنب بإرادتنا تحمل أعباء المزيد من إنتاج المهام وحل المشاكل والتعلّم.
وقد أصبحت نماذج بسيطة من الذكاء الاصطناعي
موجودة بيننا ومؤثرة من قبل- من التكلم مع سيري،
إلى استعراض نتفليكس و جُوجل، الذي تفعل خوارزمياته المملوكة كل شيء من اقتراح الفيلم التالي الذي نشاهده
أو المهنة التي نسعى وراءها،
إلى تصميم ألعاب الفيديو وقيادة مسيّرات »
وهذا الاقتباس واقعي، كم مرةً اختارك الفيلم ولم تختره أنت؟ وكم مَرة سَلكت طريقاً أقل ازدحاماً اختاره نظام الذكاء الاصطناعي لك؟
وكم مرة أستطعت الشراء بسعرٍ أفضل
بفضل خوارزميات وأدوات متصفحات الانترنت؟
تشير كُل التوقعات إلى ان الذكاء الاصطناعي
بكُل بساطة يمكنه في السنين القَادمة
تحديد استنتاجات وقرارات وأولويات دون تدخل بَشري!
وفي سياق الحديث لتطور الذكاء الاصطناعي تقول كولمن:
« نحن غير جاهزين بشكل مُخيف لواقع الذكاء الاصطناعي
الفعّال الذي يتوصل إلى استنتاجات ويأخذ قرارات دون تدخّل بَشري»
ماذا سَيجري حينها عندما تبدأ الآلات باتخاذ القرارات؟
وهذا يُشير إلى المُعضلة الاخلاقية الاولى
للعلوم وللثورات التكنولوجية، ماهي آلية حوكمتها عالمياً؟
وكيف يستطيع المجتمع الدولي حوكمة الذكاء الاصطناعي
وخَوض كافة الأمور التي تثبت شَرعية
الذكاء الاصطناعي دولياً، سلماً وحرباً؟
تقول الكاتبه في سياق العصر الإلكتروني:
« تزامنت التطورات العلمية لبدايات العصر الالكتروني مع العصر الذرّي،
مما فَرض أخطر سؤال أخلاقي تكنولوجّياً في التاريخ البشري حتى تلك اللحظة
عندما ألقت الولايات المُتحدة قنبلتين ذَريتين على اليابان عام 1945»
تُشير الكاتبه في حديثها أعلاه، انه في وقت إلقاء القنبلتين على هَيروشيما وناغازاكي
لم يكُن هناك اي قانون دولي مُحدد بشأن استخدام هكذا أسلحة!
هل سيتعلم المجتمع الدولي من تلك الحادثة؟ ويخشى ويضع كافة التدابير والقوانين وآليات لحوكمة الذكاء الاصطناعي
-بوصفه في هذه الحالة سلاحاً فتّاك-
اقتبس من الكاتبه في سياق الحديث وهي تقول:
« لا أظن ان الأوان فَات لإيجاد وسائل لجعل الذكاء الاصطناعي أخلاقياً اكثر قبل أن يزدهر بالكامل، ويُصبح خارج سيطرتنا»
نهايةً لهذه التدوينة تقول
« فلين كولمـن»
لكي ننقل طموحاتنا وآمالنا إلى الآلات، علينا أولاً مواجهة طموحاتنا وآمالنا وجهاً لوجه.
الذكاء الاصطناعي مرآةٌ وربما أفضل وآخر فُرصة لنا لكي نحددَّ المسار قبل ان يُنقش لنا في الصخر الرقمي نحن ندين للأجيال القادمة أن نزود خريطة لدستورنا البَشري الذي يتطوَّر، أن نزود مرشداً ينير المسار
هذا الكتاب يُشعل بذهن القارئ العديد من التساؤلات بخصوص الذكاء الاصطناعي وبالجانب الآخر يوفر الإجابات عنها كُلها، في سياق مُنمق ورائع وبلغة بَسيطة يستطيع الغير مُتخصص نسبياً فهمها، أود الإشارة أيضاً إلى جودة تَرجمة الكتاب، حيث ان نصّ الكتاب الأصلي باللغة الإنجليزية بطبيعة الحال، نقله للعربية «أوليغ عوكي» عن الدار العَربية للعلوم كما ذكرت سابقاً.
عدة روابط وتوصيات تخصّ الموضوع قد يهتم لها القارئ:
صفحَة مراجعة الكتاب باللغة الإنجليزية والعربية في موقع Good reads
https://www.goodreads.com/book/show/55154834
أول دراسة سعودية عن حوكمة الذكاء الاصطناعي للتوعية بمخاطره وتوصيات للحد من أثاره السلبية
د. إبراهيم أحمد المسلم.
http://publications.kacst.edu.sa/SystemFiles/Books_Pdf/PDF_636923912738325775.pdf
حلقة عن الذكاء الاصطناعي من بودكاست فنجان مع د.إبراهيم المسلم بعنوان
« عنصرية الالآت: الذكاء الاصطناعي يَرث ميول البَشر»