لماذا نسمي الأعوام؟
مذكرات شخصية
لا تبدو فكرة التدوين في نهاية العام فكرةً غير مألوفة أو حتى مُستهجنة، لكنني لا أحبذها لأنها ثقيلة نوعًا ما عليّ أو لأن التدوين ثقيلٌ عليّ إجمالاً رغم محبتي له.
- لأنه لا يضعني في أي سياق-
الاَّ أنه بالرغم من ذلك بطريقةٍ ما أو بأخرى سيكشف جزءًا مني.
لا يكشفنا شيء أكثر من الكتابة؛ عندما نتحدث نحن نتحدث للعلن هُناك وصايةٌ خفية على أنفسنا بأن لا -نفرط السبحة- بتعبير عاميٍّ خفيف، أمّا عندما نكتب فنحن نتحدث لأنفسنا و للورق و آخرون! و وصايتنا الذاتية تنوح.
عمومًا وجدت بالمصادفة أن آخر التدوينات التي قُمت بنشرها في المدونة سابقًا صادف وقتها نهاية العام، وحسب ما أتذكر فأنا لم أكتبها لأن العام أنتهى، بل كتبتها هكذا ولعلَّ ضميري يتقد قبل نهاية كل عام -كما هو الآن- فأُقرر نشرها.
هذه المرة أكتب لأن العام على وشك أن ينتهي، أكتب عن هذا العام الذي أخذ بيدي ودفعني في وجه كل التيارات، وكلما وددت التراجع بطبيعة حالي المترددة دفعني بقوةٍ أكبر حتى ضللت بين المدفع و الهاوية. و قد علّمتني مجريات الأحداث في هذه السنة الكثير.
بدايةً بتخرجي من الجامعة، التحاقي بوظيفتي الأولى بعد التخرج،خوض تجربة الملتقى الإثرائي الثقافي الذي جمعني مع أشخاص رائعون من ٢٥ دولة عربية.
وحتى تذوّق الماتشا! -أول وآخر مرة-
والشيء بالشيء يذكر لا أعلم لماذا يهرع الناس لمصادر كافيين أخرى, وسيدة الكافيين «القهوة» في الواجهة مُتصدرة!
في عامنا هذا الذي أكتب عنه
قالت لي أحد الزميلات ليلاً في الرياض: تشبهين روبانزل؛ الشخصية الخيالية من ديزني ضحكت كثيرًا,لا تجمعني خصالٌ كثيرة مع روبانزل رأت ملامح التعجب في وجهي فبادرتني بالتفسير قبل سؤالي و قالت لي «ترمين أنتِ كل الحديث بداخلك دفعةً واحدة كسيلٍ عارم، كشعر روبانزل وهي تلقيه بثقله وطوله دفعةً واحدة من برجها العاجي.»
لا زلت أضحك و أتمنى أن للحديث الذي ينهمر مني مقصدٌ واضح مثلما هي روبانزل عندما تلقي شعرها.
في عامنا هذا الذي أكتب عنه، عَلمت أنَّ العبرة -فعلاً- هي بالنهايات، قد لا نكون و الطريق صحبةً واحدة ظللنا نتعارك كثيرًا، أتعثر ويمسكني، أضيع و يرشدني للمسار بعنوةٍ شديدة.
وقوةٍ جابرة تجعلني أصرخ سأمًا ليضمني الطريق للسياق حتى نغدي أكثر من صحبةٍ في آخر المطاف بفضل النهاية التي شكّلنا ملامحها أثناء سيرنا على نفس الطريق.
في عامنا هذا الذي يمضي مضت سمات وصفات كثيرة بداخلي.
- عدا أن ألبس الساعة في يدي اليمنى!-
وكلما تمضي سمةٌ من هذه السمات أعلم يقينًا أنها ليست منّي و أتعزى بالباقي,حتى أتكئ عليه في تشكيل هويتي، الهوية التي أصبحت للجماد حتى وتنوعت أشكالها هوية شخصية، مدنية، بصرية،و تجارية!
كنت مرنة في هذا العام، وهذا شيء أصيل فيني لكن ليس تجاه كل شيء، هذه المرة كنت مرنةً تجاه كل المواضيع، و أحسب أن هذا فتح لي آفاقًا عديدة وجديدة.
سافرت كثيرًا، مررت بتجارب متنوعة، صعدت على منابر عديدة، تحدثت كثيرًا، كتبت كثيرًا، بكيت كثيرًا، و الأهم تقدمت سريعًا هذه السنة.
لا أعرف يقينًا أين سأمضي سأبقى على تواصلٍ وطيد مع الأيام حتى أعرف لكنني أؤمن بالله وبمشيئته الطيّبة لنا كما أؤمن أن الأيام تحمل ألم الأقدار و كما يؤمن دخيل الخليفة عندما قال:
أنا الذي آمنت أن الجذع يحمل صامتًا ألم التراب
و أنا و أنتِ مسافتان لغربة السنوات أ أركض نحو شمسك
أم تحنُّ إلى خرابي؟
دخيل الخليفة
أُردد هذه الأبيات دائمًا و أرد في نفسي : لا شمسٌ ولا خراب، سنبقى في المنتصف كما يجب أن نبقى.
قرأت منشورًا على منصة التدوين المُصغر X يقول:« لو كان لك أن تمنح أسمًا لهذا العام ماذا ستسميه؟»
أسندت التسمية لتجاربي فمثلاً يكون: عام إثراء، أو عام التخرج, ماذا عن عام الأدب؟
أو عام النجاح النسبي -أربط النسبية بكل شيء، لو علم بي آينشتاين لأعطاني لقبه على إثر هذا-
تساءلت حقيقة, لماذا علينا أن نمنح الأعوام أسماءً أصلًا؟
الا تكفي التجارب لتكون خير دليلٍ موصوم للسنة؟ الا يكفي هذه الأعوام التواريخ المدونة؟ التواريخ التي نلقى عبئًا في تدوينها كل صباح بتقديم يوم و تأخير آخر؟
ألم تكن كافيةً الأرقام؟
لكن لا بأس لنمنحها أسماءً.
ولو رغبت, أسمائنا أيضًا. لتتحلى بخصالنا، لتُشبهنا.
لأننا نعيشها مرةً واحدة والأجدى أن تكون هذه المرة تُشبهنا.