فرصةٌ ذهبية على قارعة الطريق

مُذكرات شخصية 

«فُرصةٌ ذهبية على قارعة الطريق»


هذا ما أستطعتُ أن أُسمي فيه ما حدث لي، في جلسةٍ  استقطعتها أثناء استذكاري رُغمًا عن أنف الوقت الذي يداهمني، وقد كنت أحاول أن أداهمه  أن لا يداهمني. 


قبل عدة أيام من الآن رأيت إعلان انطلاق التسجيل  لتجربة مُعينة، وقد كانت هذه التجربة يومًا من الأيام تعتلي أعلى قائمة أهدافي، بل كُنت أعتقد أنها

 «حُلم من أحلامي». 

ونوعًا ما أعتقد أن هذا الأمر هو ما جعل الوصول لها صَعب. 

في الحقيقة لا أجد انه من الإنصاف أن يُطلق الإنسان على أمرٍ ما «حُلم» ما لم يكُن حلمًا فعلًا، لا أجد هذا المُصطلح مُحفزًا  بقدر ماهو مُثبِّط حتى ولو كان يعطي الانطباع التحفيزي المليء بالأمل.

على كُل حال،  توانيت في الإقدام وشعرتُ أنَّ التردد يتملكني من أقصاي إلى أقصاي وضللتُ أُفكر

 ماذا حدث؟ 

هل تغيرت نظرتي للأمور؟ 

وهل أهداف اليوم قد أتخلّى عنها بهذه السُهولة مُستقبلًا؟ 

في بادئ الأمر أنكرتُ هذا الشعور، و ضللتُ أُردد في نفسي سأخوض غمارها مرةً أُخرى، وفي آنٍ آخر أُردد 

«ماهي مستاهله» ثم أغضب مرةً أُخرى. 

كيف لي؟ 

صعب السؤال! وصعبٌ جوابهُ كذلك. 

أُبرر لنفسي أيضًا وأقول: تنضجُ القناعات مع السنوات. 

وكُل حُلم أو هدف يكون حلم أو هدف يواكبُ المرحلة، وبطبيعة الحال نحنُ نواكب المرحلة وهذا ما يُفترض أن يكون. 

ويجب علينا لتمضي الأمور وتكون في نصابها الصحيح أن نتخلى عنها في بعض الأحيان. 

ليس طمعًا او تخاذلًا إنما أملًا أن تُتاح لنا مرةً أُخرى في صورةٍ أبهى، دون أن نتردد في خوضها او أن نخوض غِمارها عنوةً،  نتخلى عنها حتى تتأهب النَفسُ لها. 

نجد أحيانًا أننا نظلم أنفسنا بالوقت، والوقت يظلمنا في كُل الأحوال أصلًا. 


ورغم تبريري لنفسي، أجدني أيضًا على الجانب الآخر أستمرُ في مساءلة نفسي،  وأطرح اسئلةً عن إذا ما كان امتناعي عن خوض هذه التجربة هو امتناع عن قناعةٍ وبتقديرٍ للأمور؟ ام تأثير خوفٍ بائس صغير يجعلني أخشى من التجربة مرةً أُخرى؟ 


عن خوف التجربة أُحدثكم، خوف التجربة خوفٌ سيء، إذ أن التجربة بحدّ ذاتها تشكل هاجسًا لي، كيف أستطيع خوض نفس التجربة مرتين؟

وأنا أعلمُ يقينًا مدى سوء التجربة الأولى؟ 

كيف أستطيع خوض التجربة للمرة الثانية بكُل جسارةٍ وأملٍ بسيط أحملهما في صدري؟ 

أتذكر في هذا السياق اقتباس من رواية الحالة الحرجة للمدعو "گ " عندما قال:

“لأنك حتى لو نجوت لأبعد نقطةٍ ممكنة، لن تتمكن من رتق الفزع الذي انشق في داخلك لحظة الاكتشاف”

عزيز محمد

ماذا لو كانت تجربةً سيئةً مرةً أُخرى؟ حتى لو تجاوزت الأمر لن أتجاوز لحظة النهاية على كل حال. 


تتشابهُ المتغيرات و الظروف ويكادُ أن يكون خوض التجربة للمرة الثانية أمرًا شبه إنتحاري الاّ أنني أخوضها باسمةً أحمل ما أحمل من الأملِ و أتحرّى توفيق الله تعالى قبل كل شيء. 

سأصل لاحقًا إلى قرار، وكان قرارًا مُقنعًا بما فيه الكفاية لي،  ومضت هذه الجلسة. 

وستمضي بعدها الأمور كما أُخطط لها أحيانًا وكما تقتضي لها المشيئة الإلهية . 

أمّا عن نتاج هذهِ الجلسة فأقول: 

هذا الطريقُ طويل ومحفوف بالرغبات والفُرص والأماني طويل بقدر تفكيري

اللا مُنقطع بخصوص كُل شيء،تداهمني كُل مرةٍ فكرة،كُل مرةٍ فُرصة،أسعى وأحاول لكنني لأ أخوض غمار أي أمر دون أن أحسب عواقبه.

و أوبخ نفسي أيضًا في بعض الأحيان و أقول: لماذا أعتقد أن لكل أمرٍ عواقب؟ 

أمتنعُ من أن أتخطى كل الحدود، رغم أني لا أؤمن أن التزام الحدود أمان.

قد يكون الأمان خلف كل الحدود والتوقعات. 

لهذا هذا  الطريق طويل لأن قطبيه تضادّ. 

 ورغم طوله الاّ أني أُحاول دائماً أن تكوّن معالمه واضحة.

أحاول أن أسعى في طريقٍ أنا من رَسم مُنعطفاته

وأعرف تمامًا تكلفة الانعطاف في كل مُنعطف فيه. 

تمضي الأيام والسنون وستمضي معها الأهداف

 وجميعنا نحن والأيام والأهداف والأماني في معيّة الله تعالى. 

أما الآن؛

فأنا أنظرُ إليّ أنا، أنظر إلى نفسي من خارج النافذة

أستطيع أن أراني بكُل وضوح مُنعكفةً على ما بين يديّ أحاول جاهدةً

مثل كُل مرة، أحاول أن اُسدد وأُقارب.

أحاول أن أقتنص كُل الفُرص قبل أن تُصبح على قارعة الطريق مُلقاة

وملقاةٌ في وجدان نفسي أولًا. 

يعزُّ علي موت الأماني كما تعزّ علي الخسارة.

يُساعدني الأمل في أن أقضي على كِلاهما،والشغفُ دائماً هو عزائي الوحيد. 


 

Join