هل شعرت بالتغيير مؤخراً؟

هل تتذكر متى بدأت تلاحظ التغيرات في حياتك؟ 

متى بدأت تحن للحياة قبل كل هذه التغيرات؟

هل لا زلت بانتظار عودة نسخة قديمة من حياتك بعد أن تنفض عنك كل ما طرأ عليك من تغيرات؟ 


لنعد عزيزي القارئ لحياتك القديمة قبل أن تتغير..

فأي حياة تريد أن تزور؟


لنبدأ من اللحظة الأولى التي بدأ منها كل شيء، نعم تلك اللحظة التي بدأت فيها بالبكاء. حينها كنت تبكي لأن كل شيء قد تغير!

اتسع فضائك الضيق ودخل الهواء إلى رئتيك الصغيرتين ولامس النور عينيك. تبدو كل هذه التغييرات جيدة، مطمئنة، غالباً كانت سبباً للاحتفال داخل أسرتك الصغيرة وحتى الأطباء المشرفين على وصولك فهي تعني أنك وصلت بسلام. لكنها بالنسبة لك كانت تغيرات غير مريحة لم تعتد عليها ولم تستطيع رؤية قيمتها في تلك اللحظة.

نعم، ما تراه بديهياً اليوم كان صعباً عليك أن تفهمه حينها. 


حتى التغيرات الجيدة قد تكون مزعجة في البداية

حين عودتك للمنزل بدأت تعتاد التغيرات الجديدة، أصبحت تطلب الحليب الذي لم تكن ترغب به في البداية. وتستلذ الحضن الدافيء من أفراد أسرتك. بدأت العائلة تراقب رحلة النمو وتحتفل بكل تغيير يطرأ عليك، وأنت بدورك لم تخيب ظنهم فبدأت رحلة التغيير المتسارع فتغير غذائك من شراب إلى طعام، وما أتيته بالأمس زحفاً وصلت له بعد عدة أسابيع حبواً. وحتى حين حاول الخوف إيقافك عن ترك التشبث بـ”الأمان” قررت أن تخاطر وتتحمل عدة سقطات حتى تأخذ خطواتك الأولى التي تحولت بعد محاولات قليلة لخطوات ثابتة سريعة كانت غالباً مصدر قلق ومتابعة داخل البيت. لقد أتقنت عزيزي القارئ لعبة التغيير! في مرحلة مبكرة جداً من عمرك.


يكتسب الطفل نتيجة النمو المتسارع في بداية حياته مرونة في مواجهة التغيير تساعده على تقبل التحولات الحياتية في كافة جوانبها النفسية والاجتماعية، وتساعده على تجاوز المراحل من صدمة وتساؤل إلى استكشاف إلى أن ينتهي بالاستمتاع بما يسعده في الحال الجديدة دون النظر لما كانت تقدمه المرحلة السابقة. لكننا للأسف نفقد هذه المرونة تدريجياً حتى نصل لمرحلة التشبث بصورة معينة لحياتنا نفترض أنها ثابتة وننسى أن الثابت الوحيد هو التغيير. 


التغيير هو دلالة نمو وتحول وتطور وحين تبدأ بمقاومة التغيير فأنت تقاوم الحياة وتقاوم النسخة المستقبلية منك، النسخة المشذبة من مخاوفك، والتي تحمل احتمالاتك الأفضل. ولكن حتى تصل يجب أن تضيق وتتسع وتحمل وتتخفف من صفات ومهارات وعلاقات ستقدمها لك الحياة في كل مرحلة. ولو أن الثبات على حال معين - خالي من التحديات - هو الأصل، لكنت اليوم لا زلت تنتظر من يطعمك ويحملك من مكان لآخر.


ولكنك اخترت النمو! وهذا لم يكن خياراً مطروحاً ليوم واحد بل هو خيار حياة. 

Join