أعسر اليد أشول الرِجل
يحتفل العالم بيوم الأعسر العالمي الموافق 13 من شهر أغسطس من كل عام، والعُسر نقيض اليُسر في اللغة كقولهم عسُر الأمر أي اشتد وصعب، ولعلنا نتساءل ويستنكر البعض رؤية من يعتمدون الجهة اليسرى لليد والرجل في الأمور الأساسية والشخصية في مختلف مجالات الحياة، الأمر الي يعد مخالفاً للعادة بالنسبة للآخرين؛ حيث تشير الدراسات أن مستخدمي اليد والقدم اليسرى يمثلون فقط ما نسبته 10-12% حول العالم.
وسمي الأعسر أيسر تيمناً، كما سمي الأعمى بالبصير واللديغ بالسليم، وسمي أيضاً بالأشول وهي تسمية فصيحة.
ولاتزال الدراسات تجهل إلى الآن السبب الأساسي لهذه الظاهرة، فهل هو يعود إلى الجينات الوراثية فقط أم أن هناك أسباباً أخرى، وقد كان الرومان يعتقدون أن الشخص الأعسر به لعنة سماوية لأن الشيطان أعسر، فيما في القرون التي بعدها كان يعامل على أنه من ذوي الاحتياجات الخاصة «معاق».
وقد كانت معاناة الشخص الأعسر تظهر واضحة في المنازل التي يتواجد بها آباء جاهلون يعتقدون أن هناك خطأ ما وخللاً في اعتماد ابناءهم استخدام اليد اليسرى طيلة الوقت، وأن هناك حاجة «لتعويده» على استخدام يده اليمنى دون إدراك أن هذه فسيولوجية جسمه الذي تكون القوة فيه بيده وقدمه اليسرى لا اليمنى.
يستخدم معظم الناس، نحو 85% إلى 90% اليد اليمنى بشكل أكبر، بينما يعتمد الباقون اليد اليسرى، وكان لهذا الانقسام غير المتكافئ بعض الجوانب السلبية عبر التاريخ على مستخدمي اليد اليسرى، وقد نجد بعض الآباء والأمهات يسعون حثيثا نحو تغيير سلوك الأبناء باستخدام واعتماد اليد اليسرى معتقدين أن هناك خللاً في تكوين وعقلية الطفل، ما يضطرهم أحياناُ لربط اليد اليسرى للطفل ليتعود استخدام اليد اليمنى خصوصا حال الطعام والشراب، رغم أن ذلك يؤدي إلى مشاكل عديدة للطفل الأعسر.
وعلى الرغم من تلاشي هذه الاعتقادات ضد مستخدمي اليد اليسرى في معظم أنحاء العالم، إلا أن العلماء ما زالوا غير متأكدين بشأن هذا التوجه نحو استخدام اليد اليسرى، وما زالوا يحاولون فهم ما الذي يجعلهم يفضلون يداً عن أخرى ولماذا يطغى مستخدمو اليد اليمنى بشكل كبير.
فيما يبدو أن الحمض النووي يلعب دوراً في هيمنة إحدى اليدين، بالنظر إلى دراسة حديثة نشرت في Brain: A Journal of Neurology، حيث فحص الباحثون من جامعة أكسفورد الحمض النووي لنحو 400 ألف شخص في المملكة المتحدة، ووجدوا أربع مناطق من الجينوم ترتبط عموما بسيطرة اليد اليسرى.
وقد كشفت عدة دراسات أكاديمية أن الشخص الأعسر يملك مواهب وملكات أكثر من غيره بدءاً من التفكير وصولاً إلى القوة البدنية، كما أن الشخص الأعسر يتميز بالقدرة على تحليل الأمور ومعالجة المعلومات بطريقة مختلفة ويمتلك حساً عالياً في مجالات الإبداع والفن، إذ أرجع علماء بريطانيون تفوق الشخص الأعسر في الفنون القتالية بقدرات لا توجد عند منافسيه، وهذا التمييز ينطبق أيضاً على الذاكرة فالأشخاص العُسر يتذكرون على نحو أفضل مقارنة بغيرهم، وأوضح الخبراء أن هذه القوة في الذاكرة ناجمة بالأساس عن وجود ترابط قوي بين منطقتي الدماغ لدى الشخص الأعسر.
كما يتميز من يستخدم يده اليسرى بقدرة أكبر على القيام بأكثر من مهمة في نفس الوقت مقارنة بمن يستخدم يده اليمنى.
أما من ناحية استخدام الأعسر أو الأشول اليد والقدم اليسرى والاعتماد عليها في مختلف الألعاب والمناشط الرياضية المختلفة فقد بينت بعض الدراسات أن الأشول يمتاز عادةً بالقوة والدقة وسرعة الجري والبراعة في الملاكمة أكثر من أقرانه أصحاب الاعتماد على اليمين.
ومن أبرز شخصيات ومشاهير هذه الفئة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والاعتقاد بأن هناك صلة بين الموهبة واستخدام اليد اليسرى له تاريخ طويل، ومن بين من اشتهروا بالعُسر كان العالم ألبرت أينشتاين واللاعبين ميسي وبيليه والقادة هتلر وغاندي ونابليون والفنانون والمفكرون أمثال بيتهوفن ونيوتن وليوناردو دافنشي وأوبرا وينفري وأرسطو وتوم كروز ورجل الأعمال بيل جيتس.