حمار بوريدان
“تفلسف الحمار فمات جوعًا”
حمار بوريدان هو لفيلسوف فرنسي كان يعيش بالقرن الـ 14 اشتهر اسمه في تجربة فكرية عن “معضلة الإختيار” انه ترك الحمار فتره بلا مأكل أو مشرب و بعد ذلك أتى له بحوضين واحد يحتوي على طعام والآخر ماء وكلا الحوضين تبعد نفس المسافة عن يمين الحمار وشماله. سأل الفيلسوف الموجودين معه خلال التجربة, أين سيذهب الحمار أولا؟. قاموا بالتنؤ ما اذا كان الحمار سيفضل الماء على الطعام أم العكس. ولكن الحمار ظل واقفا لم يتحرك من مكانه محتارا أين سيذهب لأن كلا الخيارين متساويين له بالأهمية. إلى أن مات جوعا قبل أن يقرر.
هناك كتاب يتكلم عن نفس الفكرة “معضلة الإختيار” للعالم Barry schwartz يقول أن هناك اعتقاد سائد في المجتمعات الصناعية وهو يصاغ بهذه الطريقة: في حال رغبها بأن نحسن حال مواطينينا فإن الطريق لذلك هو زيادة الحرية الشخصية, و أحد أبواب الحرية توسيع الخيارات المتاحة أمامهم و كل ما كانت الخيارات متعددة ومتنوعة كانت حريتهم أكبر و تحسن حال رفاهيتهم و يرى الكاتب أن هذه الفكرة متأصلة في عقول الناس بعمق وكذلك في حياتهم.
هناك دراسة لشينا لينقر من جامعة كلومبيا لتعدد الخيارات في حياتنا و تدرس تأثير قرارات الشراء لدينا, لاحظت أن:
1-عندما يكون هناك 6 أنواع من المربى على الرف فإن 30% من الذين مروا بجانب الرف يقفون يرون الخيارات المتاحه و 30% منهم يقومون بشراء المنتج
2- ولو تم زيادة عدد الأنواع إلى 24 نوع مربى فإن 60% سيقفون لمشاهدة الانواع “لكن!” 3% فقط منهم الذي قام بالشراء.
من خلال هذه التجربة يتضح لنا أن كل ما كانت الخيارات أكثر و أوسع تجذب انتباه عدد أكبر من الأشخاص ليروا الخيارات المطروحة, لكن يولد لديهم حيرة في الأختيار لذلك يقررون عدم الشراء. و نرى ذلك ايضا في العديد من المطاعم التي تقدم قوائم طعام تحتوي على العديد من الخيارات و الاصناف المختلفة لإرضاء أكبر قدر ممكن من الأذواق و لكي يخففوا أيضا من حيرة الأختيار من هذه القوائم المليئة بالأصناف نجد أنهم يضعون قائمة طعام إضافية خارجية تحتوي على “طبق اليوم” او “الأطباق الجديدة” و تحتوي هذه القائمة على عدد محدود من الأصناف يصل الى 3 او 4 أصناف فقط, وذلك ليسهل على العملاء الذين تصيبهم معضلة الإختيار بحسم اختيارهم.
أينما نظرنا حولنا في الأمور الكبيرة أو الصغيرة نجد أن الحياة عبارة عن مسألة إختيار
و هناك أشخاص لا تصيبهم فقط معضلة الإختيار من الممكن أيضا تصيبهم حالة تسمى “analysis paralysis” وتعرف بـ “الشلل التحليلي” أي أنه بسبب التحليل الزائد و تفكير الشخص في موضوع معين تصبح عملية القرار مشلولة, يعني من الآخر ما تأخذ أي قرار وتخلي الموضوع معلق بسبب خوفك أن يكون قرارك خطأ أو يوصلك لمشاكل أنت في غنى عنها.
و من الممكن أيضا أن تصيبهم الحالة العكسية للحالة السابقة و التي تعرف بـ “Extinct by Instinct” و هي تعني انك تأخذ قرارات متسرعة جدا يعني بالعامية“خلاص هات أي شيء ماراح أفكر”. في هذه الحاله يرى الشخص أنه حسم قرار الشراء وانتهى ولكنه لم يفكر في شيء من الممكن أن يصب عليه بمنفعة أكبر فمثلا لو قرر شراء شيء ما بـ2000 ريال فهو يرا انه صرف فقط هذا الملغ و لكن من الممكن أن تكون خسارته تقدر بـ2200 ريال لأنه لو ووضع هذا المبلغ في استثمارات وعاد له بعد فترة من الزمن مع عائد على الإستثمار بنسبة 10%. وهي ما يعرف بـ “تكلفة الفرصة البديلة”.
صحيح أن هذه الأمثلة تعتبر سهلة وسريعة في حياتنا اليومية ولكن هي لتبسط و لتتأمل كيف يمكن أن تكون الخيارات الأكثر تعقيدا بنظرة أبسط مما نراها الآن. لذلك نحتاج أن نسأل…
كيف يمكن أن نتخذ القرارات؟
بداية يجب أن نعرف أنه لا يوجد في الحياة قرار صائب أو خاطئ فنحن نختلف عن بعضنا في التفضيلات والآراء وحتى القناعات لذلك أعتمد دائما على ما تراه مناسب لك ولحياتك.
وهنا سأكتب بعض الخطوات التي تساعدك في الوصول إلى قرار
توكل على الله و تفائل دائما.
حدد أهدافك التي تطمح الوصول إليها فسيساعدك ذلك على تقليل الخيارات المطروحة.
فكر وتأمل لترى حياتك بعد اتخاذ القرار.
ابحث في الموضوع لجمع معلومات أكثر و حدد إيجابيات وسلبيات خياراتك المتاحة.
استفد من خبراتك السابقة.
شاور من حولك “ما خاب من إستشار”
لا تخف من الخطأ فالوقوع في الأخطاء فرصة لاكتساب خبرات جديدة.
كن أنت صاحب القرار النهائي وتحمل مسؤوليته.
وأيا كان قرارك أو كانت النتيجة لابد من تقبلها بصدر رحب، ولا تهدر وقتك في الحزن أو الندم عندما تجد أهدافك لا تتحقق فربما تكون أهدافك في الطريق للوصول إليك, ولكن لابد من الفشل حتى تفكر جيداً في الطريق إلى النجاح".