زرت في عطلة نهاية الأسبوع أحد المحال التجارية المخصص لبيع البضائع المخفضة، أو كما يطلق عليها بلغة الشارع: “أبو خمسة” كان المحل قليل الإزدحام، شققت طريقي نحو الجزء المخصص لعرض ملابس الأطفال، درت كثيراً في ذات الدائرة بحثاً عن مقاسات مناسبة لأطفالي، لم أجد إلا القليل من القطع التي أعجبتني أشكالها و قياساتها، لم يكن المحل قليل الزوار كما ظننت بدايةً، وجدت الكثير من الزبائن مندسين بين الممرات و أياديهم محملة بما اختارو من بضائع و قد افترشو الأرض ممسكين بتلابيب أطفالهم و قد شرعو في عملية القياس و التبديل من فورهم. العائلة المجاورة لي، التقت أعيننا، الطفلة ذات بشرة برونزية و قد خط المخاط أخاديد جافة في وجنتيها و أسفل أنفها، نظرت إلي ساهمةً قبل أن تتلقفها يد والدتها التي جذبتها بقوة مدخلةً الرداء الذي وقع عليه الاختيار في رأسها عنوة التف حول رقبتها عدة نرات قبل أن يجثم على صدرها.
لم أجد ما أتيت بحثا عنه، قعدت على كرسي خشبي منخفض آخذةً في تأمل التمايز الطبقي الصارخ الذي يتجسد في مثل هذه المحال، صاحب المحل أراد، بحسن نية أو بغباء منه على أقل تقدير، أن يوهم رواد المركز أن البضائع الموجودة تنتمي لوكالات عالمية، فألصق على الجدران ملصقات متنافرة الألوان كتب عليها بأخطاء لغوية و إملائية لا تقبل التسامح أسماءً لماركات عالمية تهتم بصناعة الموضة و تصنيع المنتجات الراقية. لماذا هذا الإصرار على الزج بأسماء الماركات مرتفعة الثمن وسط متجر يبيع ملابس الأطفال و البيجامات النسائية بسعر لا يتعدى العشرين ريالاً للقطعة؟
متوسطي الدخل و ذوي الدخل المحدود لا يطمحون لاقتناء قطع تلتهم أكثر من نصف دخلهم الشهري، هل وجود لوحات ضوئية بأسماء ماركات الطبقة شديدة الثراء يضمن نوعاً من المواساة أو هو تذكير ساخر لرواد المحل بضيق ذات اليد واتساع الهوة بين شرائح المجتمع؟
الطبقية المتمايزة تتجلى بشكل صارخ في محلات التوفير، الكل يدخل إليها و هو يعلن ضمناً أنه قادر على شراء بضائع أغلى سعراً، لكن الرغبة في اكتساب الوقت و التبضع من متجر يحمل تحت سقفه كل ما تحتاج اليه العائلة من مستلزمات هو سبب اختيار هذا السوق. حتى ملامح الثراء الكاذب اعترتها السيولة يا باومان، الكل بمقدوره، وإن اختلفت الاسعار، أن يرتدى قطعاً تتصدرها أسماء الماركات العالمية، لا فرق بين غني و معدم إلا جودة القماش و زهاء الألوان. قرأت في مقالة أن من أسباب الغلاء الفاحش لمنتجات الماركات العالمية العريقة أنها لا تقدم للمشتري منتجاً فقط، بل تقدم له أيضاً إسما و عراقةً و قيمةً يستشعرها عند ارتدائه المنتج باهظ الثمن، “عبي الشمس في قزايز” تذكرت هذه الأهزوجة الشعبية بعد أن فرغت من قراءة المقال.
Ut fugiat ea sint eu mollit adipisicing tempor Lorem amet cupidatat mollit cillum sit id. Est veniam sunt velit ex aliquip cillum id elit quis excepteur. Sunt velit reprehenderit anim pariatur enim pariatur mollit labore. Eu consequat sint veniam ullamco ut labore exercitation cupidatat sint nostrud amet ullamco. Sit aute officia minim incididunt nulla eu incididunt consectetur laborum velit.