لماذا يجب أن لا تمتهن التدريس؟
تجربة شخصية..
بعد تجربة شخصية و مهنية مديدة، سأفعل كما يفعل الكثير من الكتاب و المدونون و أكتب مقالا أسرد فيه قائمة من الممنوعات و المرغوبات حيال موضوع محدد و مخصص، هذه المرة سأكتب عن وظيفة أو مهنة تكاد تكون الأكثر انتشارا و الأقل شعبية في الوقت ذاته.
التدريس، خلال سنوات مضت كانت مهنة معلم/ة هي الأكثر رواجا في المملكة، ليس لسهولة الالتحاق بها أو لمزاياها المالية المغرية أو حتى لكونها تضمن لصاحبها وجاهة اجتماعية أو مهنية من أي نوع. السبب البسيط أن وزارة (التربية و)التعليم حملت على عاتقها منذ عقود أن تتكفل بتوظيف أكبر عدد ممكن من شباب و شابات الوطن على اختلاف تخصصاتهم و اهتماماتهم فأصبحت الجملة المعهودة على صفحات الجرائد، و لاحقا على منصات وسائل التواصل، “مرت سنين على تخرجي من الجامعة و لا زلت أنتظر التعيين” التفسير الأوحد للتعيين هو الحصول على وظيفة تتدرج تلقائيا بلا مجهود يذكر في سلم رواتب وزارة (التربية و)التعليم.
ما رأيكم أن نبدأ في السرد الآن؟
١- المدارس، الحكومية بالذات، بيئة عملية فقيرة ابداعيا و مهنيا، في الغالب الأعم، فإن مقابلة الطلبة من كل الفئات العمرية و تلقينهم أو اكسابهم المعلومات و المهارات تعد عملية مرهقة و مضنية جدا. أضف إلى ذلك إذا كانت تلك المجاميع من الطلبة يفتقرون لآداب السلوك و التعامل الحسن، فإنك ستجد نفسك أيها المعلم قد تحولت إلى مرشد ومصلح و موجه فوق الدور التعليمي المناط بك.
٢- نسبة كبيرة من المدرسين والمدرسات يفتقرون للطموح المهني و الرغبة المستمرة للتطوير الوظيفي لأن الحصول على علاوة سنوية و الإرتقاء في درجات السلم الوظيفي خطوة يتحصل عليها المعلمين بشكل تلقائي ميكانيكي و المحك الوحيد هو التقادم و تراكم سنوات الخبرة. مؤخرا طرأت بعض التغييرات على سلم وظائف وزارة التعليم و اضيفت بعض الاشتراطات، التي وصفها البعض بالمجحفة!، كاشتراط الحصول على الرخصة التربوية و الخضوع لاختبارات هيئة التقويم و التدريب و غيرها من الأمور التي تسيطر ع الترقية العملية.
٣- الأعمال الإضافية المطلوبة من الممارس التربوي كثيرة جدا و متشعبة و تفضي للكثير من الإحباط و القهر، على سبيل المثال المناوبة اليومية حيث يجب على المعلم مراقبة الطلاب و التجول بينهم و معهم خلال أوقات الحصص و الفسحة و البقاء في المدرسة حتى انصراف اخر طالب و طالبة، حقا إرهاق متواصل و استنزاف للأعصاب.
٤- تمر الأيام و السنوات و المعلم يحلم يوما بعد يوم باللحظة التي يغادر فيها سلك التعليم و يجد عملا اخر في مكان أفضل فيغادر التعليم بلا رجعة.
٥- يقرر مدير/مديرة المدرسة القيام بأعمال ديكورية او لمسات interior design فتملأ الجدران بأصباغ و ألوان متنافرة و تزدحم الحيطان بعبارات مخطوطة تقدم نصائح وعظية مباشرة و هزيلة، و النتيجة قبح مرئي يستضيفه البصر يوميا.
٦- أعظم خطوة أو مكافأة معنوية قد تحصل للمعلمة خلال مشوارها الوظيفي أن تنتقل للإدارات التعليمية المساندة كإدارة الإشراف أو التدريب أو الشؤون التعليمية حيث يتحقق شيء من البرستيج و تتنوع الأعمال ما بين إدارية و مكتبية و تقنية، هنا يحدث الانفصال العظيم فلا تزال كموظفة تتبع للسلك التعليمي من ناحية الرواتب و العلاوة، لكن وتيرة العمل المطلوب تتسم بهدؤ أكثر و تركيز أكبر فيتحقق نمو مهني ملموس.
اليوم تعيش المرأة السعودية مرحلة تمكين غير مسبوقة
محمد بن سلمان
اليوم تعيش المرأة السعودية في يوتيوبيا مرحلية مهنيا و وظيفيا و عمليا. لم تعد وزارتي التعليم و الصحة تنفردان بمسؤلية توظيف و تمهين المرأة السعودية. لا بد من الاعتراف ان ضررا كبيرا لحق بمهنة التعليم كون وزارة التعليم لعبت دور المؤسسة النسائية الولادة، يتخرجن منها طالبات ليعدن إليها معلمات، لا يضلون الطريق إليها لأنه ببساطة، مفتوح لهن على مصراعيه. أما بقية وزارات الدولة فكانت تفتتح اقساما نسائية و لكن على استحياء فلا توظف إلا أعدادا قليلة من النساء، ناهيك عن أن تسمح لهن بتولي مناصب قيادية.
عندما تقرر المرأة أن تلتحق بكلية الطب فإن ذلك نابع من رغبة تكونت منذ الطفولة و أشبعت تحفيزا و ترغيبا من البيئة المحيطة فولوج كلية الطب ليس بالأمر السهل، الجلد، و قوة التحمل بالإضافة إلى التمكن العلمي صفات قليلة ترتبط بمنظومة أكبر من القدرات التي يجب أن ترافق الملتحق بكليات الطب حتى يصل إلى لحظة أداء القسم.