الفشل على طريقة جي كي رولينج.

خلال متابعتي المستمرة لوسائل التواصل الاجتماعي، أنتهز هذه الفرصة لأوجه لها اتهاماً بإستنزافها لوقتي و تشتيتها لتركيزي، في منصة تويتر على وجه الخصوص، أقابل إعلانات لمسابقات أدبية وفرص تشجيعية ودورات تدريبية تنصب في تركيزها على الكتاب الهاوين و المحترفين. في إحدى جولاتي اليومية على تويتر قابلت إعلاناً من حساب “ثمانية” منصة المحتوى الإبداعي -الكتابي و المسموع و المرئي- الأكثر إحترافية و شهرةً في المملكة و كعادة ثمانية، كان الإعلان أخاذاً، يحس معه القاريء أنه موجه له خصيصاً، جاء في حيثياته، “ثمانية تبحث عنك”! و تضمنت التغريدات المتتابعة توضيحاً لكنه الوظائف الشاغرة في موقعهم. 

كاتب مستقل، اهتممت بهذا الشاغر لأنه يناسبني و يتواءم مع إمكانياتي و تطلعاتي، بدأت بجهود حثيثة و بخفر و حبور أجهز السيرة الذاتية و كتبت مسودات عدة للعينات الكتابية التي طلبوها في النموذج القابع في الموقع الإلكتروني الخاص بهم. لم أحاول أن أفرد عضلاتي الكتابية أو استعرض قدراتي اللغوية، جعلت كتابتي صحفية، مختصرة و موجهة للهدف المنشود بدقة وحياد. احتوت استمارة التقديم على أسئلة لطيفة، على غرار: لمن تقرأ؟ لمن تستمع؟ من كتابك المفضلين؟ المضي قدماً في تعبئة الخانات كان متعةً خالصة للأشخاص المهتمين بالثقافة و الإطلاع مثلي و “شرواي”..! انتهيت, ثم ارسلت الطلب، و في نفس اللحظة وصلتني رسالة إلكترونية تؤكد استلامهم طلبي مع وعد لطيف بأن استلم رداً منهم خلال إسبوعين. يا لهذة المهنية والاحترافية اللذيذة، كم يشرفني الانضمام لجهة راقية مثل ثمانية. 

شاهدت مؤخراً مقطع فيديو انتشر ع الواتس آب بشكل واسع، كما يقول التعبير الشائع: Gone Viral, بالمناسبة كم أمقت الذين يلجأون للترجمة الحرفية، فيترجمون عبارة مثل تلك ب “انتشار فيروسي”! لا يجوز! نعم لا يجوز ترجمة المصطلحات التي تفرضها علينا ثورة المعلومات و وسائل التواصل بهذه الطريقة الفقيرة! الفيديو كان يتحدث عن ضرورة فك التعلق بالأشياء و الفرص، و عدم الوقوف طويلاً عند الفرص التي تتفلت و أن من آداب السعي في الحياة، أن يبذل الفرد أقصى قدرته ثم ينطلق لوجهته التالية التي يقوده إليها القدر.

طوال الفترة التي عقبت تواصلي مع شركة ثمانية حاولت أن لا أمعن التفكير في الرد المحتمل الذي سأتلقاه منهم، لكني كنت متفائلة كثيراً، تفاؤلٌ ملؤه الرغبة و التوق. 

  استيقظت نهار اليوم الثاني من عطلة نهاية الاسبوع، و فعلت ما أفعله دائماً عندما أفتح عيني، تفقدت هاتفي المحمول، أحرص دائماً أن أبقي تطبيق البريد الإلكتروني “الجي ميل” نظيفاً و أنيقاً كما يليق به؛ بدون أشعارات حمراء تقض مضجعه أو تشوه زواياه المستديرة، أستخدم بريدي على الجي ميل للمراسلات الهامة و الرسمية و “الفخمة”. المراسلات اليومية والإشعارات الترويجية التي ترد من مواقع التسوق و النشرات البريدية التي لا أعرف كيف اشتركت فيها، كلها مكانها بريدي على تطبيق الأوت لوك بالهوتميل دوماين! الجي ميل.. عالي المقام و بديع الزمان. ذلك الصباح، تراقص إشعار أحمر لتنبيه استقر على أكتاف جي ميل، نقرت على التطبيق ووجدت الرد الموعود قادماً من ثمانية؛ باختصار رسالة رفض مؤدبة و مهذبة بشكل جارح، عندما وصلت إلى الجملة الأخيرة، “ونأمل السماح لنا بالاحتفاظ بمعلوماتك لفرص مستقبلية. كل التوفيق، ممتنين لك” في تلك اللحظة، كما يقول التعبير الإنجليزي:  “I’ve heard my heart broken” كنت موقنة أني طلبي للعمل ككاتبة مستقلة عند ثمانية سيقبل، خصوصاً أنني شاركت مع عدة جهات وصحف محلية و مواقع معتبرة في كتابة المحتوى و نشر المقالات و الترجمة بين العربية الإنجليزية، كنت متأكدة أن سيرتي الغنية ستجعلني من المقبولين، و لكن الباب كان مغلقاً، أو موارباً، أو موصداً، لا فرق، كانت رسالة رفض ذكرتني برسائل الرفض التي كانت تتلقاها الكاتبة الأشهر في وقتنا الحالي: جي كي رولينق. اقتبست التغريدة ووضعت صورة لها في أعلى التدوينة. 

أنا لست كاتبة، بل كاتبة محتوى إبداعي، أنا لست قادرة على القراءة باللغة الانجليزية، بل أنا أترجم بين العربية والانجليزية. أنا بثينى العيسى وأميمة الخميس وأثير النشمي..أنا آذار نفيسي وإيزابيل الليندي! كاراميلا تشهد و صحيفة مكة و مشروع بصيرة وتطبيق وجيز للكتب السمعية..أنا بؤس نساء الصحوة وجموح فتيات الرؤية، أنا حريم الثمانينيات الساكتات و فتيات الألفية المنطلقات..أنا كل شيء ولا شيء.. فقط أحتاج فرصة و أريد مغنماً..

أختم بمقولة مررت بها لعالم اللغويات الأشهر في الكرة الأرضية، نوم تشومسكي، أجاب حينما سُئل في مقابلة تلفزيونية عن ما يتمتع به من الجلد العلمي و الطاقة المتجددة مما مكنه من البحث و التأليف إلى عمره الحالي البالغ تسعين عاماً، أجاب بأنه من اتباع نظرية الدراجة، “the bicycle theory”, ما تنص عليه هذه الفرضية أنه إذا استمريت بالانطلاق بسرعة، فلا شيء يمكنه إيقافك. 

“If you keep going fast, you don’t fall off”



Life is like riding a bicycle, to keep your balance, you must keep moving.”

Noam Chomsky
Join