عقد من الذهب
“ما أعذب أن يعود المرء عند المساء إلى غرفة لا ينتظره فيها أحد”.
سيمون دي بوفوار
عقدي الذهبي ذو النقوش الصغيرة، دخلت إلى غرفتي ذلك المساء و لم أجده في مكانه المعتاد، لوهلة نسيت أنني بعته قبل ليلة، قبضت ثمنه إثنى عشر ألفاً من الريالات. عندما نظرت إلى المكان الذي اعتدت أن أعلقه فيه ووجدته فارغا، أحسست أن قلبي نزع من جوفي، انتابني شعور عظيم بالفقد و الخذلان و الفراغ. بعته كله، لم أبقي على أي شيء منه، حتى ظله و رائحته اختفت كأنه لم يكن يوما معلقا يتدلى فوق مشجب الأحجار الكريمة، كأنه لم يستقر يوما فوق عنقي و لم يداعب شرايين أنوثتي..
تخلصت من عقدي و بعته و أنا أعلم يقينا أنني لن أستطيع الحصول على عقد آخر لفترة طويلة قادمة. ينتابني شك و تحوم في دماغي هواجس أنني سأودع الطبقة المتوسطة قريبا و أنضم إلى الطبقة الأقل مادياً، لم يتناقص دخلي ولكن كثرت مطالبي و لم يعد مصدر دخلي الوحيد يفي بها.
قطعي الذهبية كانت أول الضحايا، ليست مجوهرات أو مصوغات، بل هي قطع ذهبية رصينة و خلابة اخترتها بعناية و اقتنيتها خلال فترات زمنية متباعدة. تناقصت مجموعتي الذهبية، تبقت لدي ثلاث أساور، زوج من الأقراط و خاتمين، العقد المندثر جعل فؤادي فارغاً. ضحيت به و حصلت على رزمة من أوراق البنكنوت، صرفت الأوراق النقدية، اختفت كما اختفت قلادتي، رياح العوز لا تبقي و لاتذر، أخذت معها كرامتي و أنوثتي و ذكرياتي.