ما هي الشراكات الاستراتيجية أو الشراكات الأساسية؟
في أي نشاط تجاري لابد أن يكون هناك نموذج عمل (Business Model) والذي يتكون من تسع خانات تتكون من (شريحة العملاء، العلاقة مع العملاء، القيم المقترحة، الأنشطة الرئيسية ، القنوات، الموارد الرئيسية، الشراكات الاستراتيجية (أو الأساسية)، مصادر الإيرادات، وهيكلة التكاليف). والهدف من هذا النموذج هو إعطاء تصور صحيح وكامل لصاحب العمل عن مشروعه ونشاطه ليعطيه فرصه لتطويره أكثره وإدارته بشكل ناجح.
من هذه التسع خانات كما ذكرنا ما يسمى بـ "الشراكات الاستراتيجية"، فما هي هذه الشراكات الاستراتيجية؟
قبل البدء بشرحها لابد أن نعرف أن التحالف بين الشركات على ثلاث حالات: الحالة الأولى هي أن تقرر شركتان مستقلتان أن تنشئ شركة ثالثة مستقلة بالتشارك بينهما، وهو ما يسمى بـ "Joint venture". والحالة الثانية هي أن تقوم شركة بشراء حصة من شركة أخرى فتدخل شريكة فيها "Equity alliance". الحالة الثالثة والتي يهمنا هو أن تتحالف شركتان ولكن بدون أي تشارك بالحصص في شركة معينة "Non-equity alliance"، ويصح أن يطلق على بعض صور هذه الأخيرة بالشراكات الاستراتيجية.
الشراكات الاستراتيجية هي أن تقوم شركتان باتفاق تعاوني مع بعضهما للتعاون لتحقيق منفعة لكلا الطرفين، والسر هنا أن جهود شركتين ستكون أفضل من جهد شركة واحدة.
فعلى سبيل المثال، لنفرض أن “سالم” و”ناصر” تجار، ولكل منهما تجارته الخاصة المستقلة عن الآخر، نقطة الشبه بين سالم وناصر في تجارتهم أن عملاءهم من الشريحة الغنية من المجتمع. فهنا من الممكن أن يستفيد كل منهما من الآخر، فناصر في معرضه يمكن أن يضع عروضا لمنتجات ناصر، وكذلك ناصر يستطيع فعل الشيء نفسه. يمكن أيضا أن يتبادلا قواعد بينات العملاء ليصلا بسهولة لهؤلاء العملاء.
مثال آخر، أنت تاجر تبيع المنتجات، لكنك تحتاج من يساعدك في توصيل المنتجات وليس لديك خبرة في هذا المجال، أو سيكلفك مبالغ طائلة. فتقوم بإبرام اتفاقية مع شركة توصيل محلية أو دولية، فتقوم هي بتوصيل المنتجات. أنت هنا استفدت من خلال تقديم خدمة توصيل المنتجات لعلمائك وهذا ما يحفز سهولة الطلب بالتالي زيادة المبيعات. وشركة توصيل المنتجات استفادة بأنها حصلت على زيادة عملياتها وبالتالي حصولها على مبالغ أكثر وتسويق شركتها للآخرين.
إذا ما هي فوائد الشراكات الاستراتيجية؟
فوائد الشركات الاستراتيجية عديدة، وتختلف بحسب طبيعة الشراكة بينكما، من فوائدها مثلا جلب العملاء، بحيث تقوم أنت بتعريف جمهورك بالشركة الأخرى، وتقوم الشركة الأخرى بتعريف جمهورها بشركتك. من الفوائد أيضا خفض التكاليف أو زيادة المبيعات، أو الدخول لأسواق جديدة، أو زيادة الوعي بعلامتك التجارية، أو تقليل المخاطر.
من أمثلة الشراكات الاستراتيجية قيام "ستاربكس" بالافتتاح في بعض متاجر الكتب، لا يوجد في الحالة هذه شخص يخسر، كل الطرفين يحققان أرباح، فالمكتبة نفسها تستفيد بتحسين بيئتها بوجود مقهى من أشهر المقاهي العالمية، والمقهى يستفيد بزيادة مبيعاته وتعليق القراء بقهوته، الكتاب وقهوة ستار بكس.
الشريك الاستراتيجي هو شريك غير منافس، فالمنافس لن يتعاون معك. ولكن هو شريك لديه ولديك فرصة أكبر للنجاح عند التعاون مع بعضكما.
يوجد أنواع كثيرة من الشراكات الاستراتيجية، من هذه الشركات أن يسوق أحدكما للآخر، بسبب أن عملاءكم يحتاجونكم كلاكما. قد أكون أنا مطور مواقع وعملائي يحتاجون من يصمم لهم شعارات، وقد أكون مصمم شعارات ولكن عملائي يحتاجون من يطور لهم موقع إلكتروني، فيقوم كلا الطرفين بالاتفاق وزيادة مبيعات الآخر. ومن الشركات ما تكون عمودية، فمصنع الأدوية يحتاج أن يركز بتصنيعها ويعقد اتفاق بين شركة تسويقية لتسويق هذه الأدوية، فتركز كل شركة في مجالها. من الشراكات الاستراتيجية الشراكة التكاملية كما بين (Apple) و(Nike) فكلا الشركتين دمجت منتجها في منتج واحد بينهما.
كيف يمكن الحصول على الشريك الاستراتيجي؟
هناك خطوات من المهم اتباعها لتساعد نفسك بالحصول على الشريك الاستراتيجي:
أول خطوة: حدد ما هي الأهداف التجارية التي تريد تحقيقها، (أحيانا قد تعاني من نقاط ضعف في تحقيقها)
الخطوة الثانية: حدد ما هي الشركات التي يمكن أن تساعدك في تحقيق هذه الأهداف أو بعضها.
الخطوة الثالثة: حدد ما هي المزايا التي ستحصل عليها هذا الشركات إذا دخلت معك بشراكة استراتيجية؟ لابد هنا من مزايا حقيقية، فقد تعتبر أنت هذه مزية لكن الشركة لا تعتبرها مزية، قد تحتاج أنت لطرف ثالث ليساعدك في تقييم هذه المزايا وما إذا كانت بالفعل ستكون مهمة للشريك الاستراتيجي المحتمل أو لا. هذه الخطوة مهمة، لأن الشراكة الاستراتيجية ليست منفعة من طرف واحد، سر قيام هذه الشراكة هو المنفعة المتبادلة بين الطرفين.
رابعا: بعد أن حددت ما الذي تحتاجه وما الذي يمكن أن يكون لديك مميزا وقيما للشركات الأخرى، انظر لأكثر الشركات التي ستحقق لها أنت قيمة ومنفعة وستحقق لك هي قيمة ومنفعة وتوجه لإقناعها للدخول بشراكة استراتيجية.
قد يختصر لك الجهد في البحث عن الشراكة الاستراتيجية البحث في دائرة المعارف والأصدقاء الذين يعملون في شركات أخرى والذين ليدهم علاقات عمل واسعة، قد يفيدك أيضا استخدام التقنية مثل (لينكد ان)، قد تستخدم أطراف ثالثة لصناعة العلاقة مثل تلك الشركات التي تعمل لاكتشاف الشركات التي تناسبك لعقد شراكة استراتيجية وتربط بينكما.
البدء في المفاوضات والاتصال بالطرف الآخر لتحقيق شراكة استراتيجية:
من المهم في بدء الاتصال بالطرف الآخر أن تكون واضحا باختصار، فيما هي الحاجة التي تريدها من الطرف الآخر؟ وما هي الميزة المهمة التي ستقدمها له أنت؟ ثم تقديم نبذة واضحة عن نشاطك التجاري. إذا كنت غير مستعد لإجابة واضحة ومختصرة عما تحتاجه وعما ستقدمه فأنت لست مستعد للبدء بالتواصل مع الأطراف الأخرى، فالوضوح مهم في هذا النوع من العلاقات.
لا تتردد في سؤال شريكك الاستراتيجي المحتمل عما يرغب به من هذه الشراكة، وما هي الأهداف التي يريد تحقيقها، أو المشكلة التي يحتاج حلها.
كن مستعدا في المفاوضات للمواطن التي يمكن أن تتنازل عنها، والمواطن الحساسة لديك والتي يجب أن تكون صارما حيالها.
من المهم أيضا أن تنظر لأمور أخرى، مثلا مدى حماس الطرف الآخر لهذه الشراكة الاستراتيجية، وما إذا كان يشاركك نفس قيم العمل أو لا، وما هي جودة العمل الذي سيقدمه.
لا داعي للاستعجال في الموافقة، فقط تكون الشراكة الاستراتيجية مصدر متاعب لك، فقد تحتاج التدقيق فما سيقدمه الطرف الآخر، فرداءة الجودة قد تؤثر على رضا عملائك. تخيل أنك تعاقدت مع شركة توصيل منتجات لعملائك، لكن للأسف هذه الشركة تتأخر في توصيل المنتج، أو لا توفر آلية لتتبع الشحنة، فهنا قد تخسر عملائك بعد أن يخوضوا بتجربة سيئة عند الطلب منك.
إذن ستحتاج لتقييم المخاطر والفوائد ومدى الفائدة النهائية من هذه العلاقة، مثلا، هل ستضر هذه العلاقة بعلامتك التجارية؟ هل ستواجه متاعب في متابعة العمل مع الطرف الآخر؟
أخيرا، الاطلاع على قصص الشراكات الاستراتيجية قد تساعدك في توسيع طريقة التفكير والخروج بأفكار من خارج الصندوق قد تحقق لك نتائج كبيرة وغير متوقعة.