ليكن .. هذه الحياة جميلة
الحياة حلوة
يقول العصفور
و يرتمي ميتًا قرب حذاء الصياد
رياض الصالح الحسين
في ساعة متأخرة من الليل رحت أمشي دون هدف فقد كان النسيم لطيفا وهو يتخلل كل مزارع النخيل التي حولنا فيصل الهواء باردا منعشا ..
كنت شارد الذهن فلم انتبه حتى وصلت إلى شجرة أثلةٍ كبيرة ، والأثلة مفرة والجمع أثول وفي المعجم : "شجر طويل مستقيم الخشب جيِّده يكثر قرب المياه في الأراضي الرمليّة، وتصنع من خشبه القصاع والجفان، وثمره حبّ أحمر لا يؤكل".
كان شكل تلك الأثلة في الليل يبعث على الخوف قليلا .. رحت أفكر وأنا أطالعها كم في هذه الحياة من الخوف وعدم الأمن ؟ كم فيها من الأحزان والهموم ؟ كم فيها من الفقر والجوع ؟ كم فيها من الأمراض والأسقام ؟
فكرت في كل تلك المشاكل التي تواجه الناس ، فكرت في الوحدة التي تقتل النفوس ببطىء ، وخاصة أولئك الكبار في السن فقد انفض كل من حولهم من الأقارب والأصدقاء منهم من غيبه الموت ، ومنهم من اشتغل في أمور الحياة التي لا تنتهي .. فكرت في الأعزاء الذين ذهبوا ، فكرت فيما يحمله الزمن معه في المستقبل ، فكرت في الأحلام الكثيرة التي لدي ولم أحقق منها شيئا بعد ..
ثم قلت في نفسي : " وجود هذه الأحلام الكثيرة جالب للسعادة على الأقل لا تحزن " .. ابتسمت وأنا أقول في نفسي حسنا ليكن أيتها الأثلة الشهباء ولكن هذه الحياة جميلة .. ليكن ..
مشيت في بطء مثقل بكل تلك الأفكار ، تركت تلك الشجرة وانعطفت إلى الشارع المقابل ، سمعت نباحا متصلا لكلب ولكنه نباح خافت وضعيف ، تتبعت صوته بين نخيل إحدى المزارع المهجورة فوجدته متمددا وقد أسند ظهره إلى نخلة ، حاولت الاقتراب منه لكنه حاول النهوض بتثاقل غريب فلم استقام على أقدامه كانت إحدها مكسورة وعلى ظهره آثار عض وخدوش سالت منها بعض الدماء ..
ظل يتطلع إلي وهو ينبح نباحا يحاول فيه إبعادي عنه ، وظللت أتطلع إليه ثم قلت وأنا أضحك ضحكة خافته : " ماذا ستفعل الآن في هذه الحياة الجميلة أيها الكلب الجريح ؟! "
ثم استدرت ورحت أمشي مبتعدا عنه بسرعة ...
كتبه: زياد عفا الله عنه