مانشستر سيتي - الجزء 2 -

مشروع لونغ باو السري


تمت ترجمة هذا المقال من قبل الأخ غسان @Ghassan_am

استكمالاً للجزء الأول: تجدونه هنا

تصنع صفقة بمئات الملايين وضغط من وراء الستار. قبل تقديم قانون اللعب المالي النظيف، قام مانشستر سيتي بفعل كل ذلك في محاولة لتفادي العقوبات، النادي أصر في خطابه مع الويفا على أنه بريء.
الطريق للخلود في كرة القدم بدأ بشكل صعب في هذه السنة، في ليلة باردة وممطرة في شرق مانشستر في سبتمبر. ملعب المان سيتي لم يبع كامل التذاكر والعديد من مقاعد ال VIP كانت خالية بشكل مفاجئ عند الأخذ بعين الإعتبار أنها كانت أول مباراة للفريق في مرحلة المجموعات بدوري الأبطال ضد ليون. المباراة انتهت بشكل محبط وبخسارة مفاجأة. الفريق الفرنسي فاز 2-1، مشجعي المان سيتي بدؤوا بمغادرة الملعب عند الدقيقة 80.
الموسم الماضي قام الفريق تحت قيادة غوارديولا بتحطيم العديد من الأرقام القياسية في الدوري الإنكليزي الممتاز. لم يسبق لفريق قبلهم تسجيل عدد الأهداف أو إحراز نقاط أو الفوز بعدد مباريات كما فعل المانشستر سيتي الموسم الماضي. ولكن بدوري الأبطال الربيع المنصرم، غادر فريق بيب البطولة من دورها ربع النهائي على يد نادي ليفربول. في الحقيقة فإن نادي مانشستر سيتي لم يصل أبدا لنهائي دوري الأبطال من قبل، إنها آخر بطولة يجب الفوز بها لكي يأخذ الفريق مكانه بين أندية النخبة في عالم كرة القدم. عقد غواردويلا يحتوي على مكافأة بقيمة 2 مليون باوند في حال تحقيق البطولة.
ذلك التوقان من أجل التقدير، إضافة لتلك الجائزة المالية المجزية التي تأتي معه، كل ذلك مرتبط بهذه الجائزة الملعونة تحت إشراف الويفا. لكن مانشستر سيتي ليس من المعجبين بالويفا. لستوات كان مشجعي الفريق يطلقون صافرات الإستهجان عند عزف نشيد دوري الأبطال. كان المشجعين يشعرون أنهم مستهدفين من قبل الويفا، وبالتحديد تلك الغرامة التي أرغم الفريق على دفعها في ال2014 بسبب خرقه لقوانين اللعب المالي النظيف، بنظر المشجعين ذلك كان أمر غير عادل.
ولكن المستندات التي تم توفيرها عن طريق كاشفي الحقائق والمتوفرة على منصة تسريبات كرة القدم (فوتبول ليكس) تبين أن الويفا تساهلت جدا مع المان سيتي. الويفا كانت على علم أنها جعلت السيتي يفلت من العقوبة مقابل غرامة سخيفة جدا. ولكن الذي لم تعرفه الويفا هو الحد الشاسع الذي وصل له خداع مانشستر سيتي، كذب بدأ في اللحظة التي قام بها الشيخ منصور بن زايد بشراء النادي في ال2008.
عندما قام ملاك النادي بشراءه في ال2008، كان السيتي في وضع سيء. لم يكونوا قد فازوا بالدوري في آخر 44 عام وكانوا دائما في المركز الثاني في السباق ضد غريمهم في المدينة مانشستر يونايتد. ولكن النادي بدأ بتطبيق خطته الجديدة فورا، ضخ الأموال في خزائن النادي حتى يستطيع النادي المنافسة أو بالأحرى ليحتل مركز في مواقع المنافسة. في أول سنتين بعد تغيير المالك، قام السيتي بصرف أكثر من 300 مليون يورو على التعافدات مع لاعبين جدد، مدراء النادي قاموا بنقل الفريق إلى مستوى آخر بدءا من أول سوق تعاقدات.
ولكن كان هنالك مشكلة، قانون الويفا للعب المالي النظيف الذي يمنع النادي من صرف أموال أكثر من التي جناها. في أسوأ الأحوال وفي حال خرق القانون فالنادي سيتم استبعاده من المسابقات الأوروبية ضمنا دوري الأبطال. رئيس الويفا وقتها ميشيل بلاتيني كان عنيدا " إذا لم يلتزم أي نادي بالقوانين فلن نقوم بتقديم تنازلات"
لا عجب أن مسؤولي النادي كانوا غير مستقرين/قلقين، فاستراتيجيتهم كانت تعتمد على ضخ الأموال من شخص يملك يخت تقدر قيمته ب 500 مليون يورو مع مهبطي طائرات هيليكوبتر على سطح ذلك اليخت، والذي يملك أيضا أحد أسرع وأغلى السيارات في العالم (بوغاتي فيرون) وهو يمتلك 5 منها. وفقا لحسابات النادي الموثوقة فالشيخ منصور قام بضخ ما يقارب ال1.1 مليون باوند في النادي في أول 4 سنوات من امتلاكه.
مسؤولي النادي التنفيذين كانوا قد أدركوا في يناير ال2010 أن قوانين اللعب المالي النظيف التي كانت ستدخل حيز التنفيذ في ال2013 ستقوم بنسف استراتجيتهم. أحد الأجابات المحتملة بما يتعلق بقانون اللعب المالي النظيف كانت ممكن أن تكون بسيطة: النادي سيقوم بالبحث عن مصادر دخل جديدة غير مرتبطة بالشيخ منصور، سيقوم النادي أيضا بترشيد الإنفاق وبالتالي التطلعات والتوقعات لمشروع النادي ستكون أقل من السابق ولكن ذلك لم يكن خيار، لأنه إذا أردت أن تشق طريقك إلى نعيم كرة القدم فلا يمكنك أن تدع بعض القوانين تحول بينك وبين ذلك.
في صيف ال2010 قام مان سيتي بإنفاق 140 مليون يورو على التعاقدات مع لاعبين جدد، و90 مليون تم انفاقها في السنة التالية. قبل بيع النادي للمالك الجديد فلاعبين كـ مارتين بيتروف، رونالدو بيانكي، وجيورجيوس ساماراس كانوا على قائمة النادي للتعاقد معهم ولكن بعد ذلك بفترة قصيرة تم استبدال هذه الأسماء بأسماء كـ سيرجيو أغويرو، ماريو بالوتيلي، وكارلوس تيفيز.
في ال2012 وقبل بسنة من دخول قانون اللعب المالي النظيف حيز التنفيذ، أطلق محاسبو النادي جرس الإنذار " بدون مصادر دخل كبيرة إضافية فلن يتم تحقيق الشروط الموضوعة من قبل الويفا" وتم عنوان محاضرة تعريفية داخلية بعنوان (طرق لتجنب عدم الإمتثال، هذه الطرق يجب اتباعها بشدة) -يقصد عدم الإمتثال لقوانين الويفا بخصوص اللعب المالي النظيف-

الأندية التي تدعم قانون اللعب المالي النظيف ويضغطون باتجاه المشروع ستجلب العار لأي رابطة

فيران سوريانو - الرئيس التنفيذي لمانشستر سيتي
مسؤولي النادي بدؤوا بالبحث عن حلفاء جدد في محاولة منهم لتجنب الكارثة القادمة. فيران سوريانو -الرئيس التنفيذي- قام بإرسال رسالة للتنفيذين بالنادي حول اجتماع رابطة الأندية الأوروبية (ECA)، وهم مجموعة تقوم بتمثيل مصالح الأندية الأوروبية في أوروبا. سوريانو قام بصعوبة بإخفاء إزدراءه حول الأندية التي دعمت مشروع قانون اللعب المالي النظيف، وذكر في رسالته "هم يقومون جميعا بالضغط باتجاه هذا المشروع بطريقة ستجلب العار لأي رابطة"
قال أيضا أن بعض الأندية تعارض بشكل سري المشروع الجديد ولكن لديهم خوف من الإعلان على ذلك. والذي جعل من الأمر أكثر صعوبة.
"نريد أن نحارب ذلك" كتب سوريانو في مذكرته، "وعلينا فعل ذلك بطريقة غير واضحة، وإلا سيتم الإشارة إلينا عالميا على أننا أعداء كرة القدم"
خلف الأبواب الموصدة بدأ مسؤولوا النادي بالبحث عن حلول مبتكرة للتحايل على القوانين الجديدة والنتيجة كانت اطلاق مشروع سري (تحت اسم عسكري -Longbow-) ولشرح ذلك الاسم قام مستشار النادي القانوني سيمون كليف بكتابة ايميل داخلي موضحا أن ال Longbow هو " السلاح الذي استخدمه البريطانيين لهزيمة الفرنسيين في معركتي كيرسيه وأجنيكورت" (كناية على حرب بين الإنكليز -مان سيتي- وبين الفرنسيين -ميشيل بلاتيني- وقتها) وبالنسبة لمسؤولي النادي الإنجليزي فالعدو كان واضح، هو ميشيل بلاتيني الفرنسي رئيس الويفا وصاحب مشروع قانون اللعب المالي النظيف.
بين موظفي النادي فإن مشروع لونغ باو سيصبح في السنوات المقبلة مرادفا لمعركتهم ضد قانون اللعب المالي النظيف. تحت قيادة سوريانو قام النادي بتأسيس "نموذج مركزي" الذي يسمح لهم بنقل تكلفة العمليات إما بشكل كامل أو جزئي بعيدا عن النادي.
التالي أصبح نافذة في نهج الفريق: التكلفة العالية والخسائر هي أمر لا يجب القلق منه طالما يمكن إخفاؤها عن الويفا. وللمساعدة في ذلك قام مان سيتي بتأسيس شركة فرعية للاهتمام ببعض الحصص والتكاليف في بعض الأنشطة التجارية.
على سبيل المثال، النادي قام بإعطاء حقوق التسويق لبعض لاعبيه لشركة خارجية. عادة، النادي يدفع للاعبيه مقابل حقوق صورهم، ولكن مان سيتي قام بإسناد تلك المهمة لشركة خارجية، خطة عبقرية. فجأة أصبح النادي غير ملزم بالدفع للاعبيه مقابل حقوق صورهم، الشركة الجديدة هي من يتوجب عليها الدفع والنتيجة كانت تخفيض بالنفقات من ميزانية النادي. إضافة إلى ذلك، فبيع حقوق صور اللاعبين لشركة خارجية قام بتمويل خزينة النادي بدخل إضافي يمكن تقديمه لمحققي الويفا، المبلغ كان قريبا من ال30 مليون يورو.
شركة التسويق حملت اسم (فوردهام سبورت) وهي مهمة جدا لمشروع لونغ باو هذا ما ذكره رئيس النادي المالي جورج شوميلاس في أحد ايملاتيه الداخلية.


الصفقة كانت جيدة جدا لدرجة مستحيل أن تكون حقيقية
النادي أحضر خبيرين للمساعدة في تشييد قلعة الأكاذيب، جونوثان روولاند و والده ديفيد. روولاند الأب هو مستثمر لديه معارف قوية جدا، كان حديث الصحف في السنوات السابقة كنتيجة لمئات الملايين من الجنيهات الاسترلينية التي قام بالتبرع بها للحزب المحافظ قبل أن يتم تعيينه مسؤول خزينة الحزب. هو حقيقة لم يتسلم المنصب ولكن بعد انسحابه أشيع أنه لم يقم بدفع أية ضرائب في بريطانيا لمدة تزيد عن العقد. روولاند يعتبر اليوم أحد المقرب من ولي عهد أبو ظبي.
ديفيد روولاند وإبنه جوناثان قام بالسيطرة على ما تبقى من بنك كاوبثينغ الأيسلندي بعد انهيار البنك بسبب الأزمة المالية العالمية. النتيجة كانت ( بانكو هافيلاند) وسلسلة من الأفرع التي تعمل كدليل سياحي للمستثمرين الذين يريدون تجنب الأسئلة المزعجة أو حتى الضرائب: لوكسمبورغ، ليشتينشتاين، الباهاماس، سويسرا. مالكي فوردهام سبورت، الشركة التي قامت "بشراء" حقوق صور اللاعبين من النادي هي مخفية جيدا بالشكل التالي: الطريق سيأخذك بداية لشركة بريطانية شبه وهمية، ثم بعد ذلك إلى جزر العذراء البريطانية ونهاية إلى عائلة روولاند.
لماذا السرية؟
وثائق مانشستر سيتي الداخلية تسلط الضوء على طبيعة هذه العلاقة. مستند يقوم بإظهار أن فوردهام سبورت هي عنصر في حلقة من مغلفة لمن الدفعات. الشركة القابضة التي تعود ملكيتها للشيخ منصور و مجموعة أبو ظبي المتحدة، تقومان بتحويل الأموال ل روولاندس مقابل شراء شركته لحقوق صور اللاعبين ومقابل دفعه للمان سيتي مقابل هذه الحقوق. تحويل الأموال كان يتم تنظيمه عبر النادي نفسه، بعبارة أخرى، فوردهام سبورت كانت وسيلة لدفعات مخفية بواسطة أبو ظبي.
جوناثان رولاند أراد تأكيدات اضافية على ذلك "نريد أن نتأكد أن أبو ظبي هي وراء العملية بشكل كامل، هذا هو الشيء الأهم" (بمعنى تدعم العملية) كان ذلك ما كتبه في 4 نيسان 2013 ل سيمون بيرس (أحد التنفيذين في النادي). وفي رده قام بيرس بطمأنة جوناثان "بخصوص العملية الجارية حاليا، سنقوم كل سنة بإرسال الأموال مقدما -حوالي ال11 مليون" و صيغة النحن في العبارة السابقة يقصد بها الشركة القابضة التي تعود ملكيتها للشيخ منصور والمستحوذة على النادي: مجموعة أبو ظبي المتحدة (ADUG)
وكتب بيرس في ايميل ممازحا أحد زملائه "لقد انتهى بي المطاف كمدير تنفيذي لمجموعة ADUG"
كانت مهزلة
مدير النادي كان يتحكم بنفقات شركة المالك القابضة، الأموال كانت تسافر عبر العالم لينتهي بها المطاف في حقائب النادي. الرئيس (بيرس) الذي هو رئيس مجلس ادارة النادي خلدون أل مبارك الذي يوصف بأنه قريب من العائلة الحاكمة في أبو ظبي كان قد أعطى موافقته على الدفعات.
بعد التواصل مع ديفيد وابنه جوناثان روولاند بخصوص شركة فوردهام من قبل فريق التحقيق الصحفي فكلاهما امتنع عن التعليق.
في السنة الأولى التي دخل بها قانون اللعب المالي النظيف حيز التنفيذ، قامت الويفا بتدقيق أرقام مانشستر سيتي والنتيجة كانت أن المدققين وجدوا أن النادي كان قد خرق القانون. رد المان سيتي كان ساخطا وهدد بمقاضاة الويفا والمدققيين الماليين وكل من كان له علاقة بالأمر. في النهاية تمكن النادي من التوصل لاتفاق مع السكرتير العام للويفا وقتها (جياني انفنتينو) وتم تحقيق الهدف الرئيسي: تجنب أي شيء من شأنه أن يضر بالنادي.


توضيح: مراسلات مسؤولي النادي مع انفنتينو سيتم ترجمتها ونشرها بالجزء المتعلق بجياني انفنتينو في وقت لاحق
لكن المفاوضات بين السيتي والويفا وقتها لم تتطرق لشركة فوردهام على الإطلاق. التركيز كان على عقود الرعاية وقيمتها الحقيقية والشركات التي تم الاستعانة بها لهذه الغاية. بعبارة أخرى فتجاوز السيتي لقانون اللعب المالي النظيف كان فاضح بشكل لم يتخيله أحد.


في السنة التالية انتبه أحد المدققين الماليين من شركة Price waterhouse Coopers إلى شركة فوردهام في خضم تحقيقاته بتفويض من الويفا (والتي كانت عملية روتينية تجري على كل الأندية)
"هذه صفقة جيدة جدا للنادي" هذا ما قاله المدقق المالي في مكالمة مع أحد التنفيذين في النادي، وأضاف "أنه يواجه مشكلة في معرفة كيف يمكن لفوردهام أن تربح من هذه الصفقة". رد محامي النادي سيمون كليف كان في قمة السخرية.
المحامي قال أنه لا يعرف لأن فوردهام لم يطلع النادي على خطة عملهم. وفي مرحلة لاحقة أشار أحد العاملين لدى المحامي سيمون كليف أن النادي قام بالتوقيع مع شركة فوردهام "لأن السعر كان ممتاز جدا" وتعليق الدير شبيغل هو "بالطبع سيكون ممتاز، النادي قام بتحديد السعر بنفسه"
فريق التحقيق الصحفي تواصل مع النادي للحصول على تعليق رسمي، مسؤولي النادي قالوا أنهم لن يعلقوا على الأسئلة التي تم طرحها وأضافوا في بيان مكتوب "المحاولة للإضرار بسمعة النادي هي منظمة وواضحة"
حلقة فوردهام تكشف النقاب عن تحايل ملاك النادي على القوانين الموضوعة من قبل الويفا، وكيف قامت إدارة النادي باتباع منطق الشك الخاص بالأثرياء جدا. بالتأكيد سعى موظفي النادي لإعاقة جهود منظمات حقوق الإنسان وللتحكم بالصحافة.