مذكرات ميخائيل نعيمه

سبعون

 

مهما تكن طبيعة الإنسان غنية فلا بد لها ، لتصبح شاملة ، من الاستعانة بتجارب الغير



بت أعيش في عالمين عالم خلقته من نفسي لنفسي وآخر خلقه الناس للناس والعالمان يتجاوران في حياتي ولكنهما لا يتزاوجان

إنها الجريمة أن يحيا الطالب في مدرسته حياة بينها وبين الحياة خارج المدرسة هّوة سحيق



تلك المدرسة كانت مدخلي إلى الحرف العجيب،ا لذي سحرني ولا يزال ولولاه لما كان كتاب ولما كان للإنسان أن يتعالى على الحيوان



كثيرا ما كان يخالجني الشعور في خلواتي تلك بأنني أكثر من واحد وكثيرا ما كنت أخاطب أولئك الذين كنت أتخيلهم معي ولكن من غير أن أرفع صوتي



لله ما أعند الحب ! إنه يأبى الإندحار ما دام له ولو خيط عنكبوت يتمسك به وإذا انقطع الخيط وصله بدموعه وكثيرا ما يفعل الدمع حيث لا يفعل السيف أو الكلمة



لا أعترف بالشعر فنّا لأجل الفن وأؤمن به فنّا يلتصق مباشرة بالحياة ويخدم أغراضها إذا ما اهتم بتصوير آلام الناس ومشكلاتهم ليوقظ الغافل من ضمائرهم



(..كانت عاطفته أعمق من متناول لسانه..)



رب خطوة يخطوها واحد إلى عرسه فتقوده إلى رمسه وأخرى تنتهي بصاحبها إلى العرش وكان يحسبها خطوة إلى المشنقة



يتحدث عن قريته التي عاش وترعرع فيها (.. فكانت حدودها حدود العالم الذي أعيش فيه وكان سكانها جميع سكان دنياي..)



الجريمة الأفظع أن تقتل إنسان دون أن تريق قطرة واحدة من دمه .. كأن تسلبه اللقمة أو تسد عليه سبل العيش



إني لأوثر القلة مع صفاء الذهن والقلب على الوفرة مع اضطراب العقل والقلب معا



الإنسان يشقى بتفكيره إذا هو لم يلق جوابا مقنعا على كل سؤال يطرحه على نفسه



مسكين هو الشاب الذي لا تعركه الحياة وتعجنه لتصنع منه خبزا طاهرا جديدا



إن آلام الجندية لا تنحصر في ما يتحمله الجسد بل الأكثر في ما يعانيه الروح



حسب الحرب بشاعة وهي الجريمة النكراء أن تتبختر في أرجوان البطولة وان تلبس تاج الفضية وتحمل صولجان العدل والحرية

ليس أدعى للأسف من أن يمتهن فنان فنه لاستدرار العطف والفلس من ذوي السلطان والمال



الحب هو الجوهر الفرد الذي منه الكن وبه يقوم إنه الجمال فوق كل الجمال والحق قبل كل حق على أن لا تشوبه شائبة ولا تستأثر به شهوة عابرة



الأديب الذي نكرمه هو الأديب الذي خُصّ برقة الحس ودقة الفكر وبعد النظر في تموجات الحياة وتقلباتها وبمقدرة البيان عما تحدثه الحياة في نفسه من تأثير



أريد أن يدخل الشعر إلى نفسي فيبعث فيها إما القلق أو الدهشة أو الوحشة أو الغبطة أو الحزن أو الشك أو اليقين أو النشوة بلمحة شاردة من الجمال أو كل هذه مجتمعة



أريد من الشعر أن يزيد في ثروتي الروحية والجمالية بما فيه من قوة الروح والجمال



(... في عينيها الواسعتين الوادعتين بحر بغير قرار من المحبة الصافية المتفانية تستحم فيه نفسي كلما تراكمت عليها أدران المعيشة...)



(...كنت أريد أن أرفعها بحبي وأن أرتفع بحبها ...)



أي معنى لحياتي إذا لم يمن لي من يتكل علي في حياته؟ وأي قيمة لحياتي إذا هي لم تكن داعمة لحيوات كثيرات؟



الصديق هو الذي تتضخم في عينه محاسنك و تتقلص معايبك ، يخدمك ولا يستخدمك ويعطيك ولا يستعطيك

الصديق هو الذي يفهمك بغير كلام وتفهمه بالإشارة



إني لأشفق على الذي خلت روحهم من مثل تلك الواحات ( يقصد الصداقة)  فدروبهم شاقة  جافة قاسية  وإن هم فرشوها بالذهب وشتى الحجارة الكريمة



السهل يكلفك من العناء على مر الأيام أضعاف ما يكلفك الصعب والبخس يتلف بين يديك عشر مرات قبل أن يتلف الثمين مرة واحدة



من الخطأ أن تهرب من الناس لأنك في الواقع تهرب إلا من نفسك ففي كل إنسان شيء منك وفيك شيء من كل إنسان



روح الحب هي نكران النفس من أجل الغير أو توسيع النفس إلى حد أن تراها في سواها



البذرة إذا تهيأت لها الظروف المؤاتية معدة لأن تصبح شجرة والطفل معد لأن يصبح رجلا أو امرأة والجدول لأن يغدو بحيرة أو نهرا إنها قضية ظروف زمان ومكان



يا لقلب الأم إنه من غير هذا العالم ومن عنصر أبقى وأنقى وأشرف بما لا يقاس من اللحم والدم



لا غربة في الكون على الإطلاق إلا غربة الإنسان عن نفسه وعن ربه



ويل للإنسان يخترع الآلات لتكثير خيرات الأرض وإذ تكثر خيراته تكثر غصاته



وكنت قد آليت على نفسي في الفترة الأولى بعد عودتي أن لا أطالع الكتب السيّارة لئلا تشوش علي أخبارها صفاء عزلتي وتفسد علي تأملاتي



العزلة حاجة في نفسي مثلما الماء والخبز والهواء حاجة في جسدي



(الكتب يا أستاذ تشقى وتسعد كما يشقى الناس ويسعدون سواء بسواء وليس من يدري أهيا يكتب له الشقاء وأيها السعادة) نقلا عن سليم صادر



المجد ليس أن تمشي إلى غاياتك الأرضية على أكتاف الناس إنما المجد أن تحملهم على كتفيك إلى غاياتهم السماوية



لا يهمني إذا لم تجد بذوري تربة لها غير تربة نفسي ، ولكنه يهمني جدا إذا هي وقعت في تربة غير نفسي أن تكون بذورا صالحة كيما تأتي بــغَلّة صالحة



الحزن سوس ينخر القلب فيشلّ العزيمة ويضيّق آفاق النفس فحريّ بالحزانى أن لا يناموا عليه مثلما هم لا ينامون على السوس في أضراسهم



الطبيعة عندي هي ذلك الكتاب السحري العجيب الذي ما برحت أقرأ فيه بشوق ونهم لا حدّ لهما فلا هو ينتهي ولا أنا أرتوي

كما أن المرآة تعكس الأشكال وليست الأشكال .. هكذا تعكس الأشياء الحياة وليكنها ليست الحياة



كتاب عجيب هي الطبيعة ولكن للذين يحسنون القراءة فيه ويفهمون ما يقرأون ومدرسة شاملة هي الطبيعة ولكن للذين شوقهم إلى الدرس والمعرفة يفوق بكثير شوقهم إلى ملذات اللحم والدم



ما أكثر العميان في دور تتلألأ بالأنوار ! وما أكثر الفقراء بين الأغنياء ، والأغنياء بين الفقراء ، وما أكثر القصور التي هي في الواقع قبور



أجيال تزحم أجيال بذلك قضت حكمة الحياة ولولا ذاك لضاقت الأرض من زمان بالوافدين عليها وهي على كثرة مفاتنها ليست سوى نافذة يطلّون منها على العالم الأوسع حيث الأجيال لا تزاحم الأجيال



الجمال والفضيلة في جميع مظاهرهما قوت وقوّة ، فالعبث بهما جريمة يرتكبها العابث ضدّ نفسه وضدّ الناس

إن مساِلك الفكر والكلمة مسالك تختطّها الأقدار ، وتكتنفها الأسرار !



ولكم تمنيت لو أن أبناء اليوم والساعة يتركون للآتين بعدهم كؤوسا أجمل و أطهر وأشرف من التي تركها لهم أسلافهم ليس في أعماقها ثملات كثيفة من الحقد والبغض والشك والحذر والنفاق وليس على وجهها حبب من الطمع والجشع والتهتك والتهالك على الملذات الحبلى بالأوجاع



في قواميس النّاس آلاف الكلمات منها الزبدة ، منها ما يضلك عن طريق الفهم ومنها ما يدلك عليه



أنا الكلمة من جمّلني جمّلته ومن قبحني قبحته ومن امتهني امتهنته ومن قدسني قدسته ِ



نهاية الاقتباسات من الكتاب الجميل سبعون

ويقع في ثلاثة أجزاء من القطع المتوسط

تمت القراءة في عام 1435 هـ 2013 م

Join