الخيالات في كلمات
’ بنت النور ‘
برأيكم ما الذي كان يشعر به محمد عبده
حينما تغنى وصفاً:
يا عقد من الوله منثور؟
أيعتقد أنها كلمات صاحب سمو تتناغم مع التقاسيم الموسيقية فحسب؟
لابد له أن يعرفَ بأن كل مرة تُدار هذه الأغنية تحديداً..
أتخيل بأن عقداً من اللؤلؤ منثوراً على قماشٍ حريري من الليل ، يتلألأ في سماءِ مدينة لا تُرفع فيها مشكاة مصباحٍ واحدة ..
مالذي يفعله محمد عبده بي حينما يغمض عينيه ويغني مخموراً ويثملني معه .. ليتهادى صوته:
يا دانة بعين بحارك
ترى الإحساس ربانك
وأنا ربان ها المركب!
وأفني رحلتي عندك وحطيت الأمل عندك ..
مَنْ فيهما القائد ومَنْ فيهما التّابِع ؟
أتكون الدانة في عين بحارها الهدف ؟ .. لا لا الحلم !
“ترى الأحساس ربانك” .. حلم تابع لقائد ؟ كيف ذلك!
“أنا ربان هالمركب!” .. حسناً أنت القائد أذن.
وتفني رحلتك عندها، ووضعت الأمل كذلك ..
ثم والله لتحادثني يا محمد عبده إي قائد أنت ؟
ذاك الذي يقوى ويضعف بهذا الإنسياب الغير متناقض:
“بس الموج ما يساعد ولا الأقدار بتساعد ”
إي ألم الذي يلم بنا حينما تيأس بهذه الطريقة، التي تتهادى لها أدمغتنا قبل قلوبنا:
“ولا الخطوة قربت مني ولا هدت ..
أحسها قريبة .. ويمك تباعد ”
كلنا يا بونوره نسترجع كل الأشياء التي لا تقترب .. ولا هدت كي نستدركها ..
والتي توهمنا بأن قريبة وهي “يم” من نبتغي “تباعد” ..
وإي انصهار .. وإي تفاني حينما غنيت:
“أنا لك يا بريق ألماس .. أنا الألماس
وأنتي لمعة الماسه .. وحساسه “
إعترافك بالجمال متوج بغرامك يجعلنا نغرم بالأغنية كما لو أننا نسمعها لأول مرة,
تعود لتنكسر بعزة صوتك المخملي:
“وقلبك موطن الأزهار .. وأنا اللي يعشق الأزهار
وغيري يقطف احساسه
ولكن مايهم اللي تولع في غرام الورد ..
إلا مانسيته وردة سقاها بلهفة أنفاسه “
وتتشجع لتصدح .. وتصدح وتصر لتعترف :
“أنا يا وردة العشاق ونار الحب والأشواق
أنا أول من عرف قلبك
وأول من سمع نبضك
وأول شخص لك يشتاق”
بربك يا محمد عبده مالذي تفعله موجة صوتك حينما تضرب بركة قلوبنا الراكدة لتجعلنا نضطرب:
“أبي تعتذرين احساسي إذا قصرت
وأبي تعذرين لو قصرت في حقك
أو قصر كلامي وماوصفك شعور …
كان حقاً علينا أن نعذرك لكل هذا الجمال .. كلماتاً وموسيقى …
معذور يا بونوره معذور..