العلاقات..
*وأقصد بها أي علاقة بالحياة وليس الحب .
العلاقات من أكثر المواضيع التي قد تشغل بالنا نظراً لتكررها بحياتنا وتعقيدها أحياناً، فالجميع مرّ بها، ومنّا من كان محظوظ، ومنّا للأسف لا..
وصراحةً سبب كتابتي لهذه التدوينة لأني مؤخراً كنت أفكر كثيراً في العلاقات وطبيعتها وكيف تؤثر على أيامنا ولحظاتنا السعيدة، كيف لوجود شخص أن يقلب حياتك، أو يزيدها سوء في أحيان أخرى، كيف من الممكن أنَّ وجود أشخاص حقيقيين لمرافقتك أمر صعب للغاية، والأهم لِما أحياناً مهما نفعل ونُعطي ونحاول تنتهي العلاقة؟ أو لا تكون علاقة جيدة بالنسبة لنا؟
كلها أسئلة تدور في بالي من مدة طويلة ومن الممكن أنكم أيضاً فكرتم بها لذا حاولت قدر المستطاع أن أجد أجوبة لأستطيع فهم العلاقات أكثر ولأتعامل معها بشكلٍ مناسب، والأهم كي لا تؤثر عليَّ سلباً.
كيف ما كانت نوع العلاقة عليك أولاً أن تتقبّل حقيقة أنها لا تدوم، ولا يوجد شخص دائم أساساً، ولا يعني ذلك أن جميع الأشخاص سيئين إنما هذه طبيعة الحياة لا شيء يدوم بها، وأحياناً الأفضل لبعض العلاقات أن تنتهي، أو الظروف تفعل ذلك (ونعم الظروف ليست كذبة أو عذر مُختلق) بل شيء طبيعي لكن هناك من أوجد فكرة أن من يضع الظروف عذراً له فهو كاذب ولا يحبك (وكلام آخر غير منطقي) عندما تحاول أن توسّع نظرتك اتجاه الحياة وتكون أكثر وعياً ستعرف أن هناك العديد من الظروف سواءً نفسية أو جسدية، ظروف متعلقة بالأهل، بالتغيّرات، بالاختلافات وغيرها الكثير.
تقبّل هذه الأمور لتستطيع التعامل بشكل أفضل مع علاقاتك والأشخاص من حولك، وأيضاً من أجلك؛ حتى لا يؤذيك خروجهم من حياتك، وحتى من بذلت أقصى ما تستطيع لأجله قد يذهب، وحتى لو كنت بأكثر علاقة مثالية أيضاً قد تنتهي (وأقول ذلك للتوعية وليس للإحباط) فإدراك الأشياء مبكراً أفضل من حدوث صدمات وخيبة وخذلان.
-ما هي طبيعة العلاقات؟
وجدت أساساً للأُنس وانتشالك من الوحدة، وأيضاً لها عمر معين كما قلت سابقاً فلا علاقة تدوم للأبد، والعلاقات بطبيعتها تتحسن وتتغير وفقاً للمجريات بين الأطراف، فأحياناً تصبح أفضل وأحيان أخرى قد تسوء، قد نتعلم من بعضنا أمور جيدة أو نتعلم دروساً مما حدث، بجميع الأحوال ستكون مفيدة لنا بعلاقاتنا الأخرى أو بحياتنا بشكل عام.
-لنأتي للسؤال المهم.. لِما من الصعب أن أجد أصدقاء حقيقيين أو مثاليين؟
*أولاً لا وجود لأشخاص مثاليين خالين من الأخطاء، إن كنت تبحث وفقاً لذلك فمن الطبيعي أنك لن تجد صديق وفقاً لهذه المعايير (غير الموجودة).
*ثانياً وجود شخص نقي يهتم لك ويعطيك دون مقابل بالطبع سيكون أمر صعب؛ لأن الآن انتشرت فكرة أن العلاقات لم توجد إلا لمصلحة، وهذا صحيح نوعاً ما لكن الأشخاص فهموا المقصد بشكل خاطئ
المصلحة المقصودة هي: وجود شخص في أيامك السعيدة والحزينة، يشاركك الكثير ويهتم لأمرك، والعديد من الأمور التي تتطلب وعي لفهمها وعدم حصر المعنى بكثرة الحديث والتواصل المستمر والهدايا والاهتمام الدائم، والأشخاص يتوقعون مصلحة بمعنى آخر ويتصرفون وفقاً لذلك ولهذا تنتهي العلاقات بسرعة إن لم يجدوا ما يبحثوا عنه.
*بالإضافة إلى أنه نادر تجد شخص يفهمك أو يحاول فهمك حتى -وهذا لانتشار مفاهيم خاطئة أيضاً- وللأسف يتأثرون الأشخاص بها نظراً لتعرضهم لهذا المحتوى يومياً، وهذه المفاهيم هي:
لو أحبني حقاً سيبرر، لِما علي فهمه؟ لِما أُتعب نفسي لمحاولة فهم شخص؟ لو أراد لتحدّث، وهكذا يستمرون بقول ونشر كلام سيء عن العلاقات وللأسف يجد رواج هائل على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن الطبيعي بعد انتشار هذا الكم الهائل من الأفكار المغلوطة سيكن صعباً عليك أن تجد شخص لا يهتم لِما يُقال ويتصرف بشكل طبيعي، أو على الأقل يحاول.
*لكن تذكّر أن وجود شخص حقيقي ليس بالأمر المستحيل.
-لما في بعض علاقاتي مهما أُعطي قد تنتهي العلاقة أو تكون غير متوازنة؟ وفي أحيان أخرى أشعر بعدم الراحة؟
-هذه النقطة تحديداً هي سبب كتابتي لهذه التدوينة- فهذا أكثر شيء جربته وشعرت به.
جربت كثيراً أن أشعر بعدم الراحة، وأشعر بأني بعلاقة غير متوازنة، والأسوأ أشعر بأن وجودي غير مقدّر بالرغم من كل شيء أفعله..
*والجواب ببساطة (لأنك تُعطي كثيراً) نعم لهذا السبب أنت تشعر بكل هذا، وأيضاً هو سبب عدم تقدير وجودك لأنك دائماً موجود وتعطيهم بلا مقابل، وللأسف طبيعة بعض الأشخاص لا يقدرون الموجود ويبحثون عمّن لا يعلم عن وجودهم أصلاً -سخرية العلاقات فعلاً-
*الحل الأفضل أن تتعلم التوازن، فلا تعطي كثيراً ولا تقصّر (اعطِ كل شخص كما يعطيك) وهذا الأفضل من أجلك طبعاً وتجنباً للخيبات بالمقام الأول.
*كُن موجود بحال احتاجوك لكن لا تبالغ بوجودك فهذا يعلمهم التهاون بحقك (وهذه ليست قاعدة).
*عندما تعطي أكثر من الطرف الآخر طبيعي ستشعر بعدم التوازن لأنك من يعطي فقط، فإما أن تفيض مع من يبادلك ذلك، أو احتفظ بعطائك لنفسك.
*لا تقبل على نفسك علاقة لا يبادلك فيها الطرف الآخر التقدير والاهتمام (ولا أعني اهتمام على مدار اليوم)
*من المهم أن تتقبّل أن بعض العلاقات مهما سعيت من أجلها قد تنتهي ولأن هذا المقدّر لها وليس لسوء الشخص، فقط تنتهي ببساطة وكلاكما يحمل للآخر مشاعر جيدة.
-كيف من الممكن أن تؤثر علي العلاقات؟ وكيف لوجود شخص واحد أن يغيّر حياتي ويؤثر على تصرفاتي ومزاجي؟
*وهذا بسبب التعلّق وفرط المشاعر اتجاه الشخص، فأحياناً من حبك لصديقك تتعلّق به وتربط سير يومك وسعادتك فيه (وهذا تصرف خاطئ طبعاً) فالتعلّق لا يؤدي إلا للحزن والخيبات، وستصبح حسّاس مع مرور الوقت اتجاه أبسط التصرفات مما يجعلك تحزن ويتغيّر مزاجك من تصرف عادي وبسيط، وأحياناً بسبب عدم تواصلكم بهذا اليوم تراه سيء وتنسى لحظاتك الجيدة فيه.
*تعلّم أن عدم تعلّقك بالأشخاص لا يعني أنك لا تهتم لوجودهم.
*لا تسمح لنفسك بالتعلّق بأي شخص أو شيء حتى، فكل شيء يتغيّر والذي يعجبك اليوم قد لا يعجبك غداً؛ لذا عوّد نفسك على أن تجد سعادتك بأشياء مختلفة ومتغيرة، وبالنسبة للأشخاص تعلّم أن تكون سعيد بكل لحظة ولا تربط سعاتك بوجود شخص معين.
*كتبت تدوينة عن التعلّق اطلعوا عليها..
العلاقات شيء أساسي لكن لا تجعلها هاجس يؤرّقك، ولا تستميت بحثاً عنها، ما هو مقدّر لك سيأتي إليك، وإن انتهت علاقة ما بحياتك لا تُطل الحزن عليها اعطِ نفسك ومشاعرك حقها بالطبع لكن لا تُطل الأمر كثيراً؛ لأن الحياة سَتمضي بجميع الأحوال سواء طال حزنك أم لا، من الجيد أن تتعلّم التقبّل والتجاوز لسائر أمور حياتك، حاول قدر المستطاع ألّا تضيف لنفسك مزيداً من الحزن والقلق فإن كان الأمر بيدك تجاوزه وانساه.
متأكدة ستكون الفكرة الأولى بعد قراءة الكلام -عند البعض- أن الواقع أصعب والتجاوز ليس بالأمر الهيّن.. نعم صحيح لكن ليس مستحيل، حاول من أجلك.
أتمنى لكم من أعماق قلبي أن يرزقكم الله بالصحبة التي تتمنوها، وأن تأنسون بها في كل وقت.
_lq998