القلق.. وأنا
اعتدت على القلق طيلة حياتي، مُنذ الصغر وأنا شخص قَلِق بالفطرة حتى بتُّ اعتقد أنه جزءٌ مني، ولا أُخفي أنَّ هذا ما زاد الأمر سوء بالنسبةِ لي؛ لأن الاعتقاد الخاطئ جعلني اعتاد القلق على مرِّ السنوات، لكن بأحدها أدركت أنني تعبت حقّاً من مصاحبته لي في كُلِّ وقت.
أصبحت أسعى بشتّى الطرق لأتخلص منه وأُبعِد شبح الخوف والقلق عني، أدركت كم من الفرص ذهبت سُدًى بسبب قلقي المُفرط، أدركت أنني أعيش في نفس الدائرة منذ سنوات فقط لأني خائفة من نتيجة التغيير.
ومن هُنا كانت البداية، دائماً ما أرى بأنَّ لحظات الإدراك المؤلمة هي سبب كُل تغيّر جيد، حتى لو اعتقدت بأنّك مُتأخر بإدراكك لِما فات فهذا أيضاً اعتقاد آخر خاطئ، لا يوجد وقت محدد للتغيّر والإدراك كُل وقت هو مناسب دائماً، تذكّر بأنَّ التغيير المُتأخر خيرٌ من الجلوس لسنوات كما أنت بِلا تطوّر!
السؤال الأهم.. كيف أترك قلقي؟
سَتبدأ مرحلة التغيير عندما تأتي الرغبة.. رغبة التطوّر والتغيّر للأفضل، رغبة الخروج عن المألوف المُعتاد، ورغبة عيش تجارب مُختلفة.
أكاد أجزم بأنه دائماً رغبة خوض التجارب هي من تدفعنا لنترك خوفنا جانباً..
لتترك قلقك عليك أولاً أن تدرك أنَّ معظم ما تقلق منه لن يحدث وإن حدث فقلقك لم يغيّر شيء أبداً، عليك أن تسأل نفسك حينها لِما أقلق إذن ما دام لن يتغير شيء! لِما علي أن أعيش القلق مرتين، مرة حين فكرت به ومرة أُخرى حين عشته.. أعلم قد تبدو أسئلة عادية جداً لكن تفكّر بها قليلاً.
والأهم من هذا كله لِما تقلق ومستقبلك بيدِ الله، كُلُّ شيء مكتوبٌ لنا والله كفيلٌ بنا، يجب أن تقوّي إيمانك بالله وأن تتوكل على الله دائماً في شتّى أمورِ الحياة، عندما تُدرك أنَّ الله معك في كُلِّ وقت سَيقل قلقك تدريجيّاً إلى أن يختفي
-وأقول ذلك من تجربةٍ شخصية-
وبعد ذلك فكّر بالكم الهائل من الأمور المؤجلة بسبب القلق، فكّر بالفرص، وبالحياة!
كم هدف وأمنية لم تحققها للآن خوفاً من النتيجة والفشل وأقاويل الناس؟ كم فرصة أضعتها خوفاً من الخروج عن المُعتاد، فكّر بجملة -العمر مرّة- وخذها على محمل الجد.
لن تعيش سوى مرّة واحدة، ألا تستحق أن تعيشها بشكلٍ مختلف؟ بالكثير من التجارب.. وما فائدة العيش بِلا تجربة؟
تذكّر أن العيش بنفس الأمور يومياً لن يُضيف لك أي شيء، لن تتعلم، لن تستمتع، لن تشعر بالدهشة والإنجاز؛ لأن لا يوجد شيء مُختلف فقط نفس الأمور تتكرر عليك.
أترى الآن كم من الأمور المُذهلة التي سَتفوتك بسبب القلق؟ ألا ترغب حقّاً البدء بحياة جديدة مليئة بالتعلّم والأخطاء والتجارب؟ ونعم من الطبيعي أن توجد الأخطاء ولا تقلق منها، لن تتعلّم إن لم تُخطئ والجميع يخطئون أيضاً (تذكّر هذا جيداً)
إن سمحت لنفسك بالانطلاق والاستمتاع بكُلِّ التفاصيل دونَ قلق سَتجرّب مشاعر مُختلفة عن السابق مما يجعلك تًرى الحياة بنظرة أُخرى، سَتُدرك كم أنَّ العيش بِلا قلق رائع.. رائع حقّاً
انطلق ولا تتردد.
lq998