-استمرار السعي رغم انعدام الرغبة-
استمرار السعي رغم انعدام الرغبة كان أحد أهم الدروس التي تعلمتها في 2023، وممتنة جداً لذلك؛ لأنَّ هذا ما تتطلبه الحياة، فالحياة لن تقف وتنتظرني لأتحسّن وأشعر بأني مُستعدة للخطوة القادمة، فغالباً ما كنت أجد نفسي مُجبرة على الاستمرار ووضع نفسي أمام الأمر الواقع.
والنتيجة؟ لم يحدث أي شيء سيء ولله الحمد، بل على العكس وصلت إلى ما أسعى إليه.
ما معنى الاستمرار رغم انعدام الرغبة؟
هو أن تستيقظ صباحاً لتذهب إلى عملك وأنت لا تود ذلك، أن تنخرط مع مَن حولك وأنت لا تُطيق الحديث، أن تعمل أو تدرس وأنت لا ترغب بذلك، أن تقوم بتنظيف غرفتك أو منزلك وأنت لا طاقة لك من الأساس… والعديد من الأشياء والواجبات اليومية.
متأكدة أننا جميعنا مررنا بمثل هذه المواقف وقد تستمر معنا لأيام أو فترات حتّى! لكن بشكلٍ أو بآخر وجدنا أنفسنا أكملنا الطريق ونسينا مشاعرنا السلبية أصلاً، وهذه طبيعة الحياة تارةً نشعر بأنَّ لا طاقة لنا، وتارةً نشعر بأنَّ لدينا طاقة تكفي لأهلِ الأرضِ جميعاً.
ما الذي سيحصل لو طاوعت تفكيرك ومشاعرك ورغبتك بعدم الاستمرار؟
الجواب البديهي بالطبع لن تتقدّم بأي شيء وسَتعتاد على الجلوس بنفس الدائرة حتى يصعب عليك الخروج منها.
وما أثر الجلوس مطولاً في هذه الدائرة؟
سَتعتاد على التسويف والتأجيل حتى يصبح ما تود القيام به ثقيلاً ويتطلّب منك جهداً مُضاعف لتُنهيه، والأسوأ قد تسوء نفسيتك وتدخل في دواماتٍ أخرى (أنت بغنى عنها).
لما علي أن أخرج من هذه الدائرة وأستمر؟
الأمر يعتمد على عدّة تذكيرات، استخدمها حتى تدلك على طريقِ الخروج.
الفرص الرائعة لن تنتظرك.
اصنع لنفسك دوافع ومسرّات.
طموحك، أحلامك، والحياة التي تود أن تبنيها لنفسك.
لا يوجد طريق سهل، كل حلم يتطلّب جهد ومقاومةً للذات حتى تصل إليه.
الحياة دائماً تتقلّب ولا تبقى على وتيرة واحدة، مما يعني أنك لن تبقى دائماً على نفسِ الحال.
كل فعل يؤدي لآخر، مما يعني أنَّ هذا التأجيل قد يؤدي لأشياء أسوأ تضرك..
قد تضيع عليك بعض الفرص الرائعة، أو قد تكون بعض المشاكل النفسية، أو الاعتياد على الكسل، أو الاعتماد على الآخرين بشؤونك الخاصة.
ولا تستهِن بنقطة (الاعتماد على الآخرين)
فلا أحد يدوم ولن تجد شخص يساعدك في جميع الأوقات، والاعتماد على غيرك لن يجعلك تُخطئ وتجرّب وتتعلّم -فالمرء إن لم يخض طريقه بنفسه لن يصل لشيء في نهايةِ المطاف-
ما أهمية صنع دوافع ومسرّات خاصة بي؟
لأن من يصنع مسراته بنفسه لن يضره إن ذهب شخصٌ ما، أو تبدّل شعوره اتجاه شيءٌ ما.
مهم أن تَعتاد على صنع مسرّاتك بنفسك، وهذا يعني أن تجد ما يسرّك دونً الاعتماد على وجود شخص أو شيء معيّن.. لماذا؟
لأن كما قلت سابقاً الحياة مُتقلّبة ولا أحد يدوم، فما يسرّك اليوم قد يُحزنك غداً، وبحال كنت مُعتاد على أن تسعد مع ذاتك لن يضرّك رحيل أي شيء بالتالي لن تتأثّر نفسيتك (قد تحزن نعم لأنك إنسان أولاً وأخيراً، لكن لن يكون التأثير قوي)
وما علاقة ذلك بالاستمرار؟
عندما تجد الدوافع سَتتكوّن لديك الحماسة لتبدأ من جديد وتستمر بما تود القيام به، وأحياناً لن تجد دافع واضح لكن بجميع الأحوال يجب عليك الاستمرار لأن هذا ما تتطلبه الحياة.
أعلم أنَّ الحياة صعبة ومليئة بالتحديات التي قد تجعلك لا ترغب بالاستمرار، أتفهّم شعور الضغط المزعج عندما تتراكم عليك الظروف، لكن من المؤكّد أنك مررت بذلك مراراً وتكراراً وها أنت ذا تجاوزت المرات السابقة، وسَتتجاوز هذه المرة أيضاً. الشعور السلبي يوهمك بأنك لا تستطيع النهوض والاستمرار، ويعطيك تصوّر أنك بأسوأ حال وهذا ما يزيد الأمر سوء، لكن لا تُصغي مطولاً لمثل هذه المشاعر.
أود التنويه على أمر مهم ألا وهو أنني دائماً في صف الراحة (في الأوقات اللازمة) لأن لنفسك عليك حق فلا تهملها وتضغطها بشكل سيء، لكن لكل شيء حدود حاول قدر المستطاع أن توازن بين السعي ورغباتك ومتعتك.. نعم عليك أن تستمتع بيومك لا يجب أن تعمل وتدرس بشكل متواصل حتى لا تجهد نفسك.
وفقكم الله في مساعيكم، وأتمنى أن تُرافقكم الراحة والطمأنينة دائماً وأبداً.
دعواتكم لوالدتي بالرحمة والمغفرة.
_lq998