واجه عقدك النفسية
بما إن الحياة تتطلّب دوماً أن نواجه أشخاص مختلفين عنّا سواء في مُحيط العائلة أو خلال مراحلنا التعليمية والوظيفية، من المؤكّد أنَّ أغلبيتنا قد واجهوا أشخاص عاملوهم بسوء دون أي مبرر، فكثيرٌ منّا إما قد تلقّوا معاملة سيئة وكلامٌ جارح من أحدِ الأقارب، أو واجهوا المعلم المتسلّط الذي يسعى لتحطيم الطلاب بدلاً من توجيههم، أو المدير الذي يحطّم موظّفيه بدلاً من دعمهم..
-هذه التدوينة موجهة لهم-
دائماً أكون في صف أي شخص يُعاني من عقدٍ نفسية نتيجة مواقف سابقة، لكن في هذه التدوينة قررت أن أتخذ موقف آخر.. فأنا لستُ في صف من لا يحاول تغيير نفسه ولا يتقبّل النقد (البنّاء)، أنا لستُ في صف من يؤثّر سلباً على الآخرين وهو يعرف بذلك لكنه مُقتنع أنه على صواب! أنا لستُ في صف من يجعل الآخرين يعانون ويصابون بمشاكل نفسية.
الموضوع برمّته يشبه الدوامة وكأن شخص يُصيب شخص، لكن هذه الدوامة يجب أن تتوقّف، على أحد الأشخاص أن يتخذ موقف مُعارض ليُنهي كل شيء… وقررت أن أكون هذا الشخص.
بالنسبة لي الموضوع أكبر من مجرد عقد مصاحبة لشخصٍ ما، الأمر يمتد لأذيةِ الآخرين (وهذا أكثر شيء يزعجني) لا يمكنني أن أقف وأشاهد دون أن أتحدث أو أحاول حتى لإيقاف هذه الدوامة المزعجة.
تنويه
أنا لستُ ضدك
أعلم أنَّ ما مررتَ به سابقاً لم يكن سهلاً وإلّا لم تصل لهذه المرحلة، أعلم ليس ذنبك أنك تلقيت تصرفات سيئة في وقتٍ سابق، أعلم أنَّ ماضيك ليس خطأك لكن -حاضرك ومستقبلك مسؤوليتك-
أكتب هذه التدوينة من أجلك؛ حتى تشعر بأثر تصرفاتك على الآخرين، حتى تعلم أنَّ لا أحد سيُغيّرك ما دمتَ لا تحاول، أنا هنا لأخبرك أنك يجب أن تتغيّر من أجلك فقط، فالماضي فات تخلّى عنه وابدأ قصة جديدة، ابدأ حياة سعيدة، حاول مراراً وتكراراً حتى لا يتكرر ماضيك.
(سأقسّم هذه التدوينة لأربعة نقاط، تشمل التأثير على الشخص نفسه، وعلى الآخرين، وإجابة لبعض الأسئلة)
-1-
-أهمية معرفة هذا الجانب ومواجهة ماضيك:
كلنا نصل لمرحلة لا يعد بإمكاننا أن نحتمل أكثر ونشعر كأنَّ كل شيء حولنا مُزعج، وفي هذه المرحلة تحديداً قد يطرأ عليك التغيير، عندها سيخطر ببالك أسئلة عديدة حول نفسك وماضيك والناس من حولك، وغالباً هذه هي البداية.
لا تجعل هذه الأسئلة تمر بشكلٍ عادي بل استغلها لمعرفة نقاط ضعفك والمواطن المتضررة فيك، وأعني
(من خلال الأسئلة ستعرف أي المواقف أكثر تأثيراً عليك، أو قد تتذكّر مواقف سابقة أو انتقادات حول تصرف تكرره)
لما علي أن أعرف هذا الجانب؟
لأن معرفتك بنفسك ستجعلك تتصرف بشكلٍ أفضل، وستكون مُدرك لأخطاءك بالتالي تعرف ما هو تأثيرك على الآخرين، ومهم أيضاً حتى لا تكرر ماضيك وتستمر بنفس دوامة الأفكار والعقد النفسية.
أما النقطة المهمة وهي (لما أواجه الماضي؟)
لأنه أساس كل شيء، لأن ما حدث كان في الماضي لذا يجب عليك مواجهته وقد يكون مؤلم لكن أفضل من العيش طويلاً بنفس الأخطاء.
-تقبّل:
في هذه المرحلة يجب عليك أن تُهيء نفسك لتتذكر الذكريات الحزينة، والمواقف السيئة، والأهم حتى تتقبّل أخطائك.. نعم أخطاءك اتجاه نفسك والآخرين.
-2-
-تأثيرك على الآخرين:
قد تتساءل كيف أؤثر على الآخرين وما علاقة عقدي النفسية بهم؟
حسناً أي عقدة نفسية تستمر معك طويلاً سيصبح لها تأثير عليك يشبه التحكّم بتصرفاتك، وكأنك تُكرر ما حدث معك سابقاً لكن هذه المرة ليس عليك إنما على الآخرين، بصورة أوضح أنت تُمارس التصرفات التي أدّت بك لهذه المشكلة (دون وعي منك).
-التأثير:
كيف يظهر تأثيرك على الآخرين؟ يظهر على صورة:
*تحكّم وسيطرة.
*الشك المستمر.
*غضب دون سبب.
*عدم تقبّل للاختلاف.
*المطالبة بالتبرير على كل تصرف.
*الانفعال والهجوم على أبسط الكلام والتصرفات.
*كثرة الأسئلة (بشكل مزعج حتى عن الخصوصيات).
بطبيعة الحال أنَّ جميع هذه التصرفات منفرّة وغير مقبولة، لا أحد يحب أن يُعامَل بهذه الطريقة، ولا أحد سيحتملها لفترة طويلة قد يصبر لكن بعد ذلك سيغضب أو يبتعد.
-3-
-كيف أعرف أني أعاني من عقد نفسية؟
دائماً وأبدأ دليلك الأول هو ماضيك والمواقف التي تزعجك:
من خلال ماضيك ستعرف التصرفات المسبّبة لذلك ومن خلال المواقف التي تزعجك ستعرف بالضبط ما هي عقدتك النفسية.. كيف ذلك؟
*حسناً بحال كنت تتعرّض لكثرة الأوامر وتُجبر على فعل أشياء أنت لا ترغب بها قد تصبح لديك عقدة السيطرة، بالتالي ستحاول فرض سيطرتك على كل شخص مُحيط بك (خاصة الأصغر سناً أو الأضعف).
*وبحال واجهت علاقات فاشلة تعرضت بها للاستغلال، أو كنت لا تتلقّى الثقة من الأشخاص المحيطين بك ستصبح لديك عقدة الشك.
*بحال تعرضت للضغط المستمر والعقاب حتى على التصرفات الطبيعية ستصبح غاضب على الدوام حتى لو رأيت موقف طبيعي.
*وبحال تم إجبارك على طريقة معينة لعمل أي شيء مستقبلاً لن تتقبّل الاختلاف ظنّاً منك أن العالم يسير بطريقة واحدة.
*وكل المواقف التي تعرضت لها ستجعل ثقتك بنفسك أقل، أو تجعلك حسّاس مع مرورِ الوقت بالتالي ستغضب دونَ مبرر من أي موقف حتى لو لم يكن موجّهٌ لك (ظنّاً منك أنك المقصود بالكلام أو التصرفات)
(قد تكون هناك تصرفات أخرى لكني ذكرت ما لاحظته على عدّة أشخاص، لكن هذه الأمثلة قد تساعدك في المعرفة)