تعلمت منك يا صديقي
من كمال عدل الله تعالى أنه أودع لكل شخص فينا القدرات و الإمكانيات الخاصة التي تميزه عن غيره ،وبها يعرف المكان الذي يصلح له، فالمفوه الفصيح في المنابر، وصاحب الأنامل الذهبية بالرسم والنحت، كذلك من يملك الحنجرة الماسية في الحداء والترنيم، وبتنمية هذه الهِبات نتمايز ونكمل عن بعضنا البعض، القضية الكبرى في هذا الجانب، هل كل واحد منا يعلم ما هي نقاط قوته التي تميزه عن غيره، فمن علِمها وطورها وعمل بها فقد أصاب كبد النجاح والتميز، ومن جهلها فالبدار البدار للبحث عنها، ولكن يبقى السؤال كيف يجد الشخص ما يحبه ويحسنه؟
لم أجد للجواب على هذا السؤال إلا إجابتين، إما أن يغوص الشخص في بحر التجارب، وهذا من أطول الطرق وأشدها وعورة، ولكنها في الغالب طريقة ناجحة، وتهدي التائه إلى نتيجة جيدة، وأما الطريقة الثانية فهي وجود مرشدين مؤهلين أو أشخاص قريبين بمعرفتهم لنا وبخبرتهم في الحياة يستطيعون أن يساعدوننا لنجد ضالتنا، وبهذه الطريقة تسهل عليها عملية البحث، ونجد الإجابة على السؤال بأسرع وقت.
المشكلة التي وجدتها أننا نفتقر إلى المرشدين المؤهلين الذين يرشدوننا إلى ما نحسن، أو إلى الصديق المخلص الذي يتلمس في صديقه ما يحسن ويدفعه إليه، في الحقيقة أننا متميزون في النقد، رائعون في التحطيم، نجيد مهارة التثبيط، فقل أن تجد من يدعم ويشجع ويساند، مع أن سيد البشر رسولنا الكريم كان يشجع صحابته ويمتدحهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر ما فعله مع الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري عندما قال له : "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود"، وفي هذا الحديث تجد الرسول صلى الله عليه وسلم يمتدح صوت أبي موسى الأشعري، ويشيد بهذه الموهبة.
ولكوني لست مختصًا في شأن غياب المرشدين المؤهلين فلن أتحدث عن هذا الجانب، ولكني أجد دوري في كوني أخًا و صديقًا لمن هم حولي، ومن واجبي أن أكون عونًا لهم، ومن هذا المبدأ شرعت ببادرة أسميتها ( تعلمت منك ياصديقي)، فكرة هذه البداية، أن أكتب لعدد معين من الأشخاص الأمور الإيجابية ونقاط القوة التي أراها فيهم، إضافة إلى بعض التوجيه البسيط على أمل أن تبلغ هذه البادرة هدفها، وهو أن أبين نقاط القوة لكل من الذين عنيتهم بهذه الرسائل،ومن باب آخر حتى أدخل السرور عليهم.
أصبحت أكتب هذه الملاحظات في أوقات الفراغ لدي، لأنها في الغالب تتطلب بعض الوقت والجهد وصفاء الذهن، وحتى أستطيع أن أصوغها بشكل جيد، مراعيًا الصدق في حديثي عن مزاياهم، فلا أشيد بصفة ليست فيهم، إضافة حريصي أن تكون لغة الخطاب سهلة ولا تكلف فيها حتى يكون لها رونقها الخاص ،ومما لاحظته بعد إرسال هذه الملاحظات من ردود الفعل الجميلة التي لا أستطيع أن أصفها جمالها في بضعة أسطر، فكل واحد منهم عبر بطريقة الخاصة عن شكره وإمتنانه، والذي أرجو أن يصل لمن كتبت لهم هذه الملاحظات " أن جميع ما كتبته لهم أعنيه بالحرف الواحد، وأنتم تستحقون الإشادة والتشجيع، فلا فضل ولا منة لي فيه".
ختامًا، ما أريد أن أصل إليه هو ألا تقف هذه البادرة عندي و أن تشاركوني هذه التجربة الجملية التي أجد أن الجهد المبذول فيها قليل جدًا مقارنة بالفائدة كبير التي تعود منها، إضافة إلى أن هذا الوقت بالذات يجد الشخص فيه متسع للقيام بالكثير من الأعمال، وكما نعلم أن أفضل الأعمال التي يجدر بالجميع السعي إليها هي ما تكون منفعتها متعدية للغير مصداقًا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " خير الناس أنفعهم للناس".
أتشرف بتعليقاتكم وملاحظاتكم في مواقع التواصل الاجتماعي