أرض المحشر
يوم الإثنين(١٤-٧-١٤٤١هـ)
١٢:٤٧ليلاً
قبل سويعات من الآن أشيع خبر تعليق الدراسة في مدارس وجامعات المملكة العربية السعودية، ولم يرد لطلاب جامعتي أي رسالة رسمية تفيد بهذا الشأن، بحكم أن لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن لها سياساتها الخاصة في هذا الشأن.
في هذه الفترة القصيرة أجريت اتصالًا بصديق لسؤاله عن موضوع دراسي لا شأن له بتعليق الدراسة، وما إن ألقيت التحية ، وسألت عن حاله، وإذا بصديقي يضحك!! تعجبت من ضحكه، ثم سألته عن سبب الضحك، فأجاب أنه أكد حجزاً لمدينة وبعد فترة من الزمن موعد طائرته.
فوجئت بهذا الرد ، وكانت ردي عليه هو أن يتريث حتى يصل إلينا خطاب رسمي بتعليق الدراسة، ثم يصنع ما يشاء إما أن يبقى أو أن يسافر لأهله، فأجابني أن الأمر قد قضي ، وأنه ذاهب للمطار، فكررت عليه فكرة التريث مرة ثانيةً وثالثةً، حتى قال لي " ايش فيك مريض زهايمر أنت"، ثم أكد لي أن حجزه مؤكد و سيذهب إلى المطار فوراً.
لم يعلم صديقي أنني بكامل قواي العقلية، ولكن عاطفتي هي التي كانت تتحدث معه في ذلك الحين، لا أنكر أن هذا الاتصال أصابني بالحزن الشديد، لم أتمالك نفسي حتى خرجت من غرفتي متوجه لباب العمارة المطل على المسجد المجاور، وما أن فتحت الباب، وإذا بأرض المحشر أمامي.
كان طلاب الجامعة بين مقبل ومدبر، بين حامل لحقيبة سفره و مطرق بِرأسه لا يعلم ماذا يصنع، ولعلي كنت من النوع الأخير، خرجت من عمارتي مطرق الرأس، كسير الفؤاد، لم أتوقع أن يوماً من الأيام أن أعود لأسرتي فراراً من مرض معدٍ، ولم أعتقد أن في يوم وليلة سأضطر أن أفارق أصدقائي، وهنا أعلن فعلياً تعليق الدراسة بجامعتي.
أعلم أنه هذا الإجراء أنه إجراء احترازي، وأعلم أن عدد المصابين بالمرض قليل جداً مقارنة بمن حولنا من الدول، وفوق هذا كله مؤمن بقضاء الله وقدره، مسلِّم أمري كله لله، ومؤمن أن أجلي محتوم ولن تؤخذ روحي إلا في وقتها، ولكن ما رأيته اليوم تعجز الأقلام أن تصفه.
ودعت جامعتي، ثم ودعت أصدقائي،و ختاماً: رسالتي للجميع لنا عودة بإذن الله إلى ميادين العلم والمعرفة، ولنا مجد سنبنيه، ولنا طموح أمثال الجبال سنحققه، حافظوا على أنفسكم، وسأراكم قريباً بإذن الله .
عبدالرحمن القرني
مطار الملك فهد الدولي
١٤-٧-١٤٤١هـ