ثورة شركات الأستحواذ ذات الغرض الخاص كأداة استثمارية جديدة
Special Purpose Acquisition Companies (SPAC’s)
في الفترة الماضية، كثر الحديث عن الشركات المعروفة بـ SPAC’s في السوق المالية الأمريكية كأحد الأدوات الاستثمارية البديلة عن الإكتتابات. وهذا النوع من الشركات ليس جديداً على الساحة، بل موجود من فترة طويلة؛ لكن مع ارتفاع نشاطها وزيادة الاهتمام من العامة، تم تسليط الضوء عليها كأحد الادوات البدلية عن الاكتتاب التقليدي. ويبدو أن عام 2020م هو العام الذهبي لهذه الشركات، حيث أنها تمكنت بنجاح من جمع ما يزيد عن 30 مليار دولار من الاكتتابات حتى تاريخه.
The New York Times: المصدر
وفي هذا المقال سنناقش ما هي هذه الشركات، وأثرها على السوق كوسيلة بديلة عن الطرح العام المعروف، وأسباب تفوقها على الإكتتاب التقليدي هذا العام.
ماهو هذا النوع من الشركات؟
هذا النوع من الشركات يبدأ كإجراء تقوم به شركة مالية أو صندوق استثماري يسمى راعي (Sponsor)، يقوم من خلاله "الراعي" بتأسيس شركة جديدة وطرح أسهمها للاكتتاب العام، على أن يتم استخدام رأس المال الذي جُمِعَ من الاكتتاب في محاولة الاستحواذ على شركة خاصة لا تتداول في السوق. في إجراء شبيه بالإكتتاب العادي إلا أنه يوجد عدد من الاختلافات تتمثل في أن الشركة المؤسسة "الجديدة" ليس لها عمليات تجارية تمارسها ولا قوائم مالية أو موظفين.
وتسمى هذه الشركات بالسوق الأمريكي بـ SPAC’s، وهي اختصاراً لـ Special Purpose Acquisition Company’s. ويطلق عليها عادة شركة شيك على بياض (Blank Check Company)، ذلك لأنها ليس لها عمليات قائمة أو أرباح وميزانيات. لذلك، فهي تدرج بالسوق بخطة عمل للإستحواذ على شركة قائمة خلال فترة تسمى بفترة السماح وهي بالعادة سنتين من تاريخ الإدراج. والمستثمرين في هذا النوع من الشركات يتنوعون بين صناديق الملكية الخاصة والمستثمرين الملائكيين والأفراد[1]. وإذا لم تتمكن الشركة من الاستحواذ على شركة خلال فترة السماح، فإن الشركة يلغى إدراجها وتعاد الأموال إلى المكتتبين أو مالكي الوحدات (الأسهم) بتاريخ الإلغاء.
آلية عمل هذه الشركات
كحال أي شركة تطلب الإدراج بالسوق المالية، يقوم الراعي أو الفريق الإداري للشركة بعد تأسيسها بطلب إدراجها إما بـسوق NYSE أو NASDAQ. والفرق بين الـ (SPAC) وبين الشركة التي تتقدم للإكتتاب بالطريقة التقليدية، هو أن إجراءات الاكتتاب أسرع من الشركة العادية، نتيجةً لعدم وجود عمليات يتم تدقيقها قبل الاكتتاب ولا تتطلب إجراءات الفحص النافي للجهالة، كما أن البنك الذي يتولى عملية الطرح لا يحتاج لوقت كبير لتقييم الشركة وأصولها نظراً لعدمها.
وعند طرح الشركة في السوق، تبدأ الإدارة التنفيذية للشركة عملية البحث عن شركة خاصة للإستحواذ عليها أو الاندماج معها وتُمنَح بذلك مدة 24 شهراً لإتمام العملية، وإلا أُجبِرت الشركة أن تزال من السوق وتعيد الأموال للمكتتبين. وعادةً الإدارة أو الشركة الراعية (بالغالب صندوق استثماري) تركز في الاستحواذ على شركة بقطاع معين
يتناسب مع خبرة الفريق الإداري. ومن ناحية عملية، نجد أن
الشركة قبل أن تُدْرج تقوم باستهداف عدد معين من الشركات
دون أن تعلن ذلك رسمياً، وما إن تطرح الشركة تبدأ بالمفاوضات
مع الشركات المستهدفة للإستحواذ. وفيما يتعلق بالمبالغ التي
جمعت من جمهور المستثمرين نتيجة الإكتتاب، فإنها تودع إما بحساب بعوائد، أو تستثمر بسندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل
Treasury Bonds (لقابليتها للتحول إلى سيولة نقدية بسرعة)[2]. ولا يتقاضى فريق الإدارة شيء لحين إتمام الاستحواذ. حيث جرت العادة على تقاضي الفريق الإداري أو الراعي قرابة 20% من أسهم الشركة الجديدة والمعروفة بـ أسهم المؤسسين (Founder Shares).
[3] أيضاً يتم منحهم الخيار أو ما يسمى بـ (Warrant)، لشراء مزيداً من الأسهم بسعر محدد مسبقاً.
عندما تجد الشركة المتداولة بالسوق الـ (SPAC) شركة جديرة
بالاهتمام من السوق الخاص (أي شركة خاصة غير متداولة)، تقوم بالتفاوض معها على صفقة الإستحواذ لتحويلها إلى شركة
عامة. وفي حال صوت الشركاء بالموافقة على الصفقة،
تتم عملية تسمى بـالاستحواذ العكسي (Reverse Merger)
[4]. الأمر الذي ينتج منه توفير سيولة لمؤسسي الشركة – الملاك - المستحوذ عليها، وتكون لهم أسهم ملكية بالكيان الجديد كذلك. [5] وبالتالي، تدرج الشركة "الكيان الجديد" بالسوق المالية مباشرة دون الحاجة للمرور بإجراءات الاكتتاب الطويلة. وفيما يتعلق برمز الشركة، فيتم استحداث رمز جديد يتناسب مع اسم الشركة المستحوذ عليها (New Ticker Symbol).
خصائص هذه الشركات
يوجد مميزات عديدة لهذه الشركات منها:
1. أنها تستحوذ على شركات مميزة لم يتسنى لها الادراج في السوق المالية. حيث جرت العادة على البحث عن شركات نوعية وبقطاعات واعدة.
2. يمتاز هذا الخيار بقلة تكلفته مقارنة بتكاليف الاكتتاب الاعتيادية. حيث أن الشركة المراد الاستحواذ عليها (The Target Company)، لن تتحمل التكاليف المصاحبة للإكتتاب من رسوم البنك الاستثماري والدراسات الفحص النافي للجهالة وتعيين المستشارين الماليين وغيرها من المصاريف.
3. تستفيد الشركة المستحوذ عليها بأنها ستتحول إلى شركة عامة بطريقة أسرع من الاكتتاب الاعتيادي والذي يأخذ عادة 6-8 أشهر لاتمامه. ومن الإيجابيات بالنسبة للمستثمر "المكتتب" هو أنه سيسترد ماله عند انتهاء المدة دون القيام بأي استحواذ دون خسائر.
ومن السلبيات المصاحبة لهذه العمليات هي ضيق الوقت للشركة المدرجة (24 شهر)، قد يكلفها القيام بصفقات استحواذ غير مدروسة بشكل جيد أو بسعر أعلى من القيمة العادلة ، وهذا دارج جداً. حيث أن كثير من الاستحواذات التي تمت خلال الفترة القريبة الماضية، ومنها شركة نيكولا موترز، قد منحت الشركة تقييم عالي (13 مليار دولار) قياساَ على عدم قيامها بأي مبيعات حتى تاريخه. ومن المخاطر التي يلزم للمستثمر أخذها بالإعتبار أن الاكتتاب بهذه الشركات قد ينتهي بعملية استحواذ عالية التكلفة ، أو شركة عالية المخاطر.
أمثلة شهيرة
صورة من إدراج شركة فيرجين للفضاء لعام 2020م
ومن الشركات الكثيرة التي نجحت في إدراجها للسوق المالية من خلال هذا النوع من العمليات، أبرزها في الفترة القريبة الماضية:[6]
Virgin Galactic
(NYSE:SPCE)