ما الذي يدفعك للكتابة..؟!
عليك أن تكتب وأنت حاضر بعمقك؛ غائب في معناك ومعاناتك..
جوابًا لكل مرةٍ يحاصرني هذا السؤال: ما الذي يدفعك للكتابة..؟!
فأجبت:
لتكتب عليك أن تدرك المعنى بقلبك وتلتقطه بروحك.. عليك أن تثب وثبةً خافتة نحو الشعور الكامن وترصده بالمعنى الذي يسعه..
عليك أن تطفو بالشعور وتغرق في المعنى وانتقاء الكلام. هذه البديهية في الالتقاط السريع أشبه بانقضاض الطير على فريسته دون توجس بالنتيجة. فإما أصابها وإما أصابته وفي كليهما سيفيض حرفك إما شدوًا وإما شجنًا..!!
عليك أن تكتب وأنت حاضر بعمقك؛ غائب في معناك ومعاناتك..
عليك أن تكتب ما وَقَر في قلبك وخامر شعورك؛ حتى تمتلك روحك الجرأة فتلج كلماتك كل قلبٍ أدرك المعنى وعايشه..
عليك أن تكتب وأنت شارد الذهن؛ واهن الشعور، قليل الحيلة بما يكفي ليغتالك المعنى ويشحذ حرفك..
عليك أن تكتب وأنت واثق الفكر، ثاقب النظر، مدقق المعنى، مطيل السهر بما يكفي ليجلو بفؤادك وتصفو به معانيك..
عليك أن تكتب عند انعدام الفكرة، ووجود الصدفة، عند احتضار اليأس، وارتحال الصوت..!!
اكتب تفعيلةً لقصائد لن تُلقيها، عناوين لكتبٍ لن تكتبها..
اكتب وأنت في موسم زهوك، اكتب وأنت في موسم جدبك، دع حرفك يثمر بينهما وابتغي في شعورك بينهما سبيلا..
اكتب حينما تحب..
حينما تحزن..حينما تأفل..حينما تؤوب..
اكتب هراءك، دمعك، وجعك، ضحكك، عناوين لكتبٍ لن تكتبها..
اكتب تفعيلةً لقصائد لن تُلقيها، لا تكترث بصوتك المضني، ولا بحضورك المتلاشي في الغياب..
اكتب معناك، والسلام.
اكتب لهم بلطفك ما يخلّدك في قلوبهم وأذكارهم وأسفارهم وترحالهم..
البعض يولد كاتبًا، والبعض يموت وقد يُكتب عنه.. والبعض لا يكاد يُذكر..
لا تنشغل أين موقعك، فإن كنت كاتبًا ستعرف وستجتهد، وإن لم تكن فاجتهد في حياتك كيلا تعبر وتتلاشى على الأقل في قلوب من تحب..
اكتب لهم بلطفك ما يخلّدك في قلوبهم وأذكارهم وأسفارهم وترحالهم..
لا تنشغل بحقيقة أن كل العظماء خلّدهم التاريخ، لا يبتلعك وهم الخلود، فالخلود الحقيقي هي قدرتك على البقاء في قلوب من أحبوك وأحببتهم بصدق..