- البداية -

تخيل معي التالي مجلس من الحضور يخطب فيهم رجل من الرجال، الرجل معروف بحنكته وشدة ذكائه وهو مصنف من عباقرة الزمن، هل من الممكن لهذا الرجل في خضم خطابه تمرير بعض الإيحائات التي لايتنبه لها إلا فئة من الحضور ؟

هل من الممكن لهذا الرجل بقدراته الفكرية بشكل من الأشكال استخدام كلمات وتعابير تعطي أكثر من معنى وتفهم بصور مختلفة على حسب ذكاء القارئ ومرجعيته الثقافية والفكرية ؟ 

ما سبق ليس خيالا بل هو ضمن نطاق المتوقع و المتاح و المشاهد من أي كاتب ومتحدث، تضمين الكلام وتحميله بالمعاني هي مهارة من زمرة مهارات صناعة المحتوى والكتابة الأدبية وحتى الخطابة، ولكنها تتجلى في الكتابة بوضوح أكثر مقارنة بغيرها من الوسائل وفي الكتابة والكتاب خصوصا تربة خصبة لنمو وتوسع مثل هذا النوع من تجليات الذكاء.


كل كتاب إذا، طال أم قصر هو خزينة صغيرة من المعلومات، تبدأ فتح أقفالها بفك الحرف، ثم باستخراج المعنى، وعلى قدر ذكاء الكاتب يتسع الكتاب. فترى نفسك لا تطيق صبرا مع كتيب قصة للأطفال بينما يكررها الطفل مرارا وتكرارا دون ضجر ولا تضجر، فآلة استخراجك وفي لحظات أحاطت بما جيء به في الكتاب وتم استيعابه من جميع النواحي والمزايا.

كتب قصص الأطفال إذا ليست خزينة محكمة من الأسرار ولا المعلومات بل هي بوابة مفتوحة صنعت خصيصا لتسهيل الدخول والوصول للكل دون مجهود، ولا ينفي ذلك أن تحتوي كتب الأطفال على بعد وعمق وتشويق وغير ذلك إنما هي ملاحظة عابرة يشار إليها.

هل من الصعب أن نتخيل أن سطرا من الكلام يحوي بحرا من المعاني والعبر ؟ بالطبع لا فكم من مقولة وخاطرة تغنى بها البشر شرقا وغربا. 


إن كان طلبي منك هو تقييم لعمق المعنى والمعلومة في سطر من الكلام، فعند قراءة النص قد تكون صورة عن الكاتب وبناء على ذلك تصنع قياس مبدئي في دماغك كفرضية لكم من المستويات والأبعاد من الممكن أن يؤول بها النص. 

من الطبيعي أيضا تأرجح الكاتب لو كان حاضرا لهذا التقييم بين شعور الفرحة في حال كان تقييم النص بأنه عميق وفيه ما فيه أو بالإهانة إن كان نصا سطحياً ضعيف المعنى، وكل هذا يعتمد أساساً على قدرات القارئ المعرفية التي قد تصيب وقد تخطئ في تقديراتها أو تقييمها.  

بناء على ماسبق فإن هناك علاقة طردية بين درجة الكاتب من العلم و كمية وعمق وحجم المعلومات المودعة في ما أنتج من المحتوى…

حاول أن تقرأ الفلم القصير التالي، من باب الاستعداد لما هو آت. 

Join