بسم الله الرحمن الرحيم
تحضيرا لما هو آت، تخيل الجملة التالية:
”في الكون شجرة”
ماذا تقول الجملة؟
تقول إن هناك كونٌ وفيه شجرة؟ صحيح؟
صحيح طبعا ولكن ظاهر القول فيه باطن مضمن، كيف؟ كالتالي.
الشجر نبات أرضي, ينمو في وجود الماء والهواء والأكسجين والكثير من المعادن اللازمة للنمو وأيضا الشجر يعتمد على وجود الشمس للبناء الضوئي. ففي هذا الكون هناك شجرة في كوكب قريب من الأرض من ناحية التركيب الكميائي وأيضا يكون موقع الكوكب الذي تنمو عليه الشجرة لابد من أن يكون في نظام شمسي يكون فيه الكوكب ضمن نطاق آمن لتكون الحياة وعدم تبخر الماء.
فعليا يمكن الاستمرار في تفكيك الجملة أعلاها إلى تفاصيل وتفاصيل قد تكون هي الفيصل في إيجاد تلك الشجرة في أسرع وقت لو كنا نبحث عنها فعلا في الكون.
مالماقصود من المثال السباق؟
المقصود أننا نملك القدرة على الاستخراج والربط والاستنتاج, أننا نمتلك آلية تسمى العقل محلها القلب تستطيع أن تغوص وتبحث وتستخرج وتفهم وتبني وتحلل.
العقل البشري آلة إعجازية يكاد لا يضاهيها شيء.
وأنت وأنا وأنا نمتلك هذا الكنز الثمين المحفوظ في قشرة عظمية محاطة بغلاف هلامي تسري توصيلات تنقل نبضات كهربائية تساعدني اليوم أن أتحدث في وسط رأسك بكلمات مطبوعة تخترق عينك من شعاع يخرج من قطعة معدنية تمسكها بيدك.
لا تحاول تفكيك الجملة السابقة، وجه عقلك نحو الآتي.
قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًاالله سبحانه وتعالى سورة الكهف آية رقم 109
البحر عميقُ جداً لذلك سنبقى على السطح، وسنكون سطحيين في النظر ولتنظر بعد ذلك ما ترى في الأمر يا ترى.
البحر كتلة من الماء لها أبعاد وقياس ووزن
المداد ما يعرف بالمحبرة وهو ما يحتوي على كتلة من الحبر للكتابة
الكلمات وإن اختلفت التفاسير فهي الكلام كما في ظاهر القول
قد تقول إن النظر للموضوع من هذا المنظور تحميل للنص فوق طاقته، فحينها أود أن أذكرك عزيزي القارئ بأن تراجع ما كتب سابقاً وتراعي مصدر النص الإلهي الذي يحتم أن تكون أبعاده أعمق من أوسع خيالاتنا وعلومنا مجتمعة.
لو افترضنا، أننا نتكلم عن حبر وورق وكتابة. فلدينا مجموعة من المعطيات لعمل حسبة بسيطة قد تقرب الفكرة. التالي يبدو كمعادلة رياضية، المجهول فيها هو عدد الكلمات.
المعلوم:
- كمية الحبر المتوفرة ( كل الماء على الأرض ) = 1,260,000,000,000,000,000,000 لتر
المجهول:
- عدد الكلمات
- كيفية حساب ما سيكتب عليه
لتجاوز المعضلة ولنفترض جدلا أن المحبرة تساوي خرطوش حبر الطابعة و أننا سنكتب الكلمات على ورق A4 بالمقاس الطبيعي. فلو قسمنا هذه الكمية نصل تقريبا لعدد خراطيش الحبر الناتجة 78,750,000,000,000,000,000,000 خرطوش، وإذا قلنا إن الورقة من حجم ال A4 تقريبا تسع 500 كلمة وأن الخرطوشة الواحدة تطبع تقريبا 300 صفحة سنصل للنهاية لعدد تقريبي يكون على معطيات واقعنا هو عدد الكلمات الذي تتحدث عنه الآية الكريمة.
12,560,625,000,000,000,000,000,000,000 كلمة.
اثنا عشر أوكتليون ،560 سبتيليون،ستمائة وخمسة وعشرون سكستليون كلمة.
قد تبدو أسماء الأرقام أعلاه كأنها أسماء كواكب أخرى، قد يتجاوز عمرك الثلاثون والأربعون عاما وتكون هذه أول مرة تقرأ فيها أوكتليون وستليون وسكستليون.
انتهى الأمر هنا؟ لا؟.
عدد اللغات البشرية 6500 لغة، عدد الكلمات النوعية بدون تكرار بين اللغات في حدود ال 15,000,000 كلمة
الفرق بين الرقمين يقول إن هنالك بالنسبة والتناسب ما يزيد عن 5 مليار لغة. على كوكب الأرض فقط هناك 8 ونصف مليون صنف من الكائنات الحية. والرقم الأدق هو 10 مليار لغة كما تقتضي نهاية الآية ( وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ).
- عدد اللغات الممكنة
- عدد الكائنات المعروفة
لماذا المشوار الطويل؟، مالفائدة من هذه المعلومات؟ هل هي إعجاز علمي هل هي معجزة هل هو تحدي للكفار هل يزيد إيمانك هل هل هل هل هل هل.
جواب كل سؤال على شاكلة التساؤلات السابقة لا يقدم ولا يؤخر في القصة من شيء، إنما ما سيقدم ويؤخر هو أن نتفق على التالي:
الآية الكريمة احتوت ضمناً على كل ماكتب أعلاه، وأن ماكتب ماهو إلا إظهار لبعد من أبعاد الدلالات الظاهرة على سطح الآية.
القرآن فيه كم آية؟
كم من آيات القرآن تم النظر لها بطريقة مختلفة عن التفسير اللغوي؟
كم صفحة أو مقالة مثل هذه لم تكتب بعد؟
ما معنى وما أوتيتم من العلم إلا قليلا؟
إلى أين تتجه هذه التساؤلات؟
أين كنا وأين نحن الآن؟
حول ماذا تحوم الخواطر السابقة؟
ما المقصود بالحب والبناء؟ ما المقصود بذكاء الكاتب؟ ما المقصود بالنص الباطن المضمن.
بعض من الصراحة والوضوح لا ضرر فيه الآن فما يأتي بعد خاطرة الليلة سيتجاوز ما قيل سابقا لأبعاد أخرى، فمن المفيد ترسية الأمور وتبيان الوجهة والهدف.
في عام 1997 صدر فلم Contact، قصة الفلم بالمختصر أن مجموعة من العلماء تلتقط عبر الأقمار الصناعية اللاسلكية تستقبل رسالة من الفضاء، والرسالة عبارة عن موجات صوتية. بعد النظر والتحري يكتشف أن الموجات الصوتية تحوي في داخلها طبقة أخرى من البيانات إن تم تحليلها من منظور آخر، و مجموعة أخرى وأخرى من البيانات حتى ينتهي الأمر بأن الإشارة كان تشفير لرسالة في أصلها خارطة لبناء مركبة و و و و و و و و.
السابق، فلم، يعني خيال.
في عام 610م ، بعض مضي فترة من الظلام على تاريخ البشرية، هبط مخلوق غير أرضي على الأرض حاملا رسالة من السماء.
كانت وظيفة الرسول تبليغ رسالة يصدح أثرها على مرور الأزمان حتى انقضاء الزمن بزوالها، وقد فعل، على التمام والكمال، ووصلت الرسالة على صورة كتاب مكون من 114 سورة.
يأتي الآن ما قد يكون أهم سؤال يمكن أن يواجه العقل البشري الباحث في أسرار الكون.
ما هو القرآن؟
ليس المقصود من السؤال تعريف القرآن بشكل من الأشكال إنما المقصود هو سؤال عن بنية وتركيب الكتاب، هل هو كتاب طبيعي مكتوب بصورة طبيعية وقوانين لغوية طبيعية؟ هل هو كتاب ذا خصائص مميزة؟ هل في الكتب أي شيء يرفع تصنيفه عن بقية الكتب الأخرى؟ هل يحتوي الكتاب على علوم ومعارف اختص بها دون غيره من الكتب؟ هل في الكتاب تفسير لظواهر لم يسبق تفسيرها؟ هل يقرأ القرآن بأي صورة أخرى غير القراءة العربية؟ هل فيه صور؟ هل فيه خرائط؟
قد لا تنتهي الأسئلة من هذا القبيل، و سيأتي البيان.
لكن للتقريب اقرأ الآية التالية وتوقف قبل أن تكمل القراءةـ
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
لو اجتمع الأولون والآخرون، الأحياء والأموات السابقون واللاحقون، في إطار تعاوني كامل شامل محكم بكامل تاريخهم العلمي والأدبي والمعرفي. من دون شحناء ولا بغضاء بدون شهادات وهمية وبدون نرجسية مدمرة، إنس وجن حضارات الأرض كلها والمحصلة عجز تام.
لو تمعنت في النص سترى أنه مكون من كفتين في وسطها (مثل هذا القرآن)….
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بـ
مِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ
لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
32 حرف في هذه الكفة
20 حرف غير منقوط
12 حرف منقوط
17 نقطة على الحروف
7 أحرف مكسورة
المجموع = 88
32 حرف في هذه الكفة
20 حرف غير منقوط
12 حرف منقوط
17 نقطة على الحروف
7 أحرف مكسورة
المجموع = 88