إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ……فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا
الله سبحانه وتعالى ( سورة فاطر - 6 )
بدون بعضٍ من الخيال لن ترى الواقع الذي تعيش فيه….
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا..
تخيل التالي….
فقط بتلك الكلمات تفتحت أبواب عقلك لدرجة أنك بأقل مجهود ترى ما لا يرى دون بصيرة، يكفيك وصف أو اسم وينطلق خيالك بسرعة الضوء لرسم التصور… باتمان أحمر سوبرمان أسود في لحظات الرسمة والتصميم اكتملت في الخيال بريشة أسرع من أي فنان، في عقلك “فقط” كل هذا ممكن.
الدماغ الذي في الرأس حاسوب متقدم جدا يقوده وحدة تحكم تسمى العقل موقعها لا يعرف في الجسم ويسميها أطباء النفس (معضلة الوعي).
نتقق كلنا أن هناك أصوات ما في رؤوسنا وإن سألنا أي شخص كم صوتا تسمع في رأسك بدون تردد يجيب لأنها مسألة طويلة مستمرة طول الحياة. في رأسي صوت أسمعه هو صوتي أعرفه ولا أعرف سواه.
لكن المسألة ليست بتلك البساطة. و تبعات المسألة كارثية على أدنى تقدير دون أي شك.
نعود للخيال.
تخيل التالي…
في يدي جهاز يستنسخ وبضغطة زر صوتك الذي تسمع به نفسك، و بضغطة أخرى يترجم أي جملة أقولها على نمط فكرك، وبضغطة أخرى يُسمعك ما أقول في رأسك.
تخيل أني أعطيت هذا الشخص لشخص يكن لك حقد دفين حقيقي، وتخيل لو أن هذا الحقد مغذى بعقد نفسية لها أول ولا آخر ومطعم بما يكفي من الكبر والغرور لأن يعصى بهذا الغرور الله بيانا عيانا.
بالعامي ( و الله ليخليك في يده شخيخة و يلعب بيك لعب )
وبالعلمي أو العسكري أنت ضد خصم لديه أفضلية قتالية ضدك، وإن لم تتوخ الحيطة و الحذر فمصيرك أن تصبح كما ذكر في أعلاه، ولكن هذا التبسيط للموضوع أو استخدام عبارات فضفاضة يجعل من رؤية التفاصيل المهمة أمراً عسيراً، لذلك لا بد من تفصيل على الأقل زاوية واحدة يتضح حجم الضرر الذي يمكن أن يلحق بنا من جراء ترك ثغرة أمنية مثل هذه في موقع حساس مثل هذا.
في العام 2020 أعلن البنتاجون عن تسجيل ملاحين لظواهر تتعدى حدود القدرات البشرية في المجال الجوي، الظواهر عبارة عن مركبات لا تنتمي لأي فصائل الطيران المعروفة ولا يوجد دولة في العالم باعتراف البنتاجون لديها أي شيء يماثل مثل هذه التقنية لا من قريب ولا من بعيد.
هل تفاعل العالم مع هذا الخبر بصورة صحيحة ؟
هل يوجد صورة صحيحة للتفاعل مع هذا الخبر ؟
هل هذا الخبر يغير أي شيء في أي شيء ؟
لا،نعم،نعم.
ولكن هذا لا يهم…
المهم هو أن مثل هذه الأحداث حدثت عبر التاريخ وقد تكررت الرسالة والمصدر واحد دائما و الأوامر ذاتها في كل مرة، إله واحد، رب واحد فاعبدوه.
في كل مرة يمضي الزمن ويبدأ التشويش فبدل الإله الواحد يظهر المساعدين ويظهر أبناء الآلهة وأنصاف الآلهة و ما تحت ذلك من المراتب، وفي كل مرة من هذه المرات يخفي العدو حضوره، ويشدد التركيز على الباقي، فتكاد لا تجد نسبة ذكر الشياطين في الأساطير السابقة تضاهي نسبة ذكر الآلهة وقصصها وتاريخها وأمجادها، ذلك لأن العدو عبر العصور يعتمد وبشكل أساسي على العمل في الخفاء دون ظهور.
اليوم الزاوية التي يطرح منها الموضوع بعد هذه المقدمة الطويلة هو التالي….
الحجاب
كل فعل نقوم به في حياتنا له مرجعية فكرية غرست فينا في لحظة من اللحظات، كل فعل يستمد قوته من ذلك الغرس وتنعكس صحة ذلك الغرس على قوة الفعل.
السؤال هو كيف لي أن أعطل حركة كائن مثل الإنسان ؟
كائن بطبيعة خلاقة، موهوب، يسمع، يبصر، يفكر، يحلل…
الإنسان ند الشيطان و هو بالنسبة للشيطان حسب التحليل الإلهي في مرتبة أعلى دفاعيا…
إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا
النساء - 67
فكيف لهذا المخلوق ضعيف القدرة أن يخترق حياتي و حياتك بمثل هذا الاختراق ؟
تظن أن حياتك ليست مخترقة و أنك في أحسن حال من غيرك ؟
مع اختلاف طبائعنا و عاداتنا و مواطن قوتنا وضعفنا فعدو الله طور أساليب مختلفة لفرض سيطرته على أرض المعركة، و لن يفيدنا التشتت في كثير من السبل والدهاليز وتحويل هذه الحروف لسلسلة من المواعظ و الأحكام.
خيط واحد فقط يهمنا اليوم.
خيط من طرف حجاب أسود سميك، يتفنن عدو الله في استخدامه.
ليس حجاب المرأة هو المقصود هنا بل حجاب من نوع آخر يلتف حول العيون ويعمي الأبصار، حجاب يحول بين الإنسان و الحقيقة وليس المقصود منه عزل الحقيقة أبدا قد يكون في بعض الحالات تكبير للحقيقة و تنبيه وإشارة بل أفكار خلاقة و بديعة تأتي في غير وقتها مثل الأفكار الخارقة التي تراودنا في الصلاة و يلقيها الشيطان في النفس ظنا منه بأنها تكفي لإلهاء الإنسان عن الصلاة و أن الإنسان أدنى من أن يتفاعل معها تفاعلا حقيقيا ويخرج منها بأمر مفيد.
هذا الحجاب المقصود منه هو كبت ردة الفعل،
أن يجعل كل شيء عادي…
و أن يصبح كل شيء عجب عجاب ( إيش يعني ) بدون جواب.
وأن تصبح الحقائق التي تنسف هوية الإنسان و أفكاره القديمة مجرد سراب في الأفق،
هذا النوع من الحجب هو ما يغلف به الشيطان أكثر الجوانب التي تخيفه فينا.
قدرتنا على التغيير إلى الأحسن لا يضاهيها مخلوق،
طاقة الخير فينا المستمدة من رب العالمين و الصراط المستقيم بإمكانها جعل هذا الكوكب جنة الله في الأرض من عدل وقسط و إحسان و قد لمح الله لهذا الإمكانية أو على الأقل بوادر وجود مثل هذه العلاقة بين العمل الأرضي والرد السماوي:
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم ۚ مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ
المائدة - 66
هناك حقائق صادمة، يصنع منها قصص لا تنسى قصص تسكن المخ تشكله و تعين على رؤية الأمور بمنظور مختلف…
قصة البطل نيو في فيلم مايتريكس مثلا، قصة عقل استيقظ وهو حبيس في حلم لا يمكن الاستفاقة منه إلا بما يشبه الموت، أن الكون كله محض برنامج حاسوبي في لوح ما يتحكم فيه كيان يحاول السيطرة على الإنسان و استعباده وتحويله من دوره الفعال لمجرد مصدر للطاقة لتسيير مخططاته.
تكاد الكلمات أن تصف واقعنا…
نحن نعيش في عالم حقيقته تتجاوز خيالات كل ما أنتجته البشرية من الروايات والمرئيات، ولكن لأسباب عديدة يبدو أن هناك مجهودا حقيقي لطمس هذه الحقيقة، وما هذا الحجاب الذي نحوم حوله ها هنا إلا واحد من تلك الجهود.
إن العالم الحقيقي الذي نعيش فيه في واقعيته يحوي عوالم متعددة وكائنات لها قدرات خارقة وعوالم تنعكس فيها كل قوانين الطبيعة يحكمها إله واحد أبدي أول آخر ظاهر باطن، اصطفى زمرة من المخلوقات بهبة الخيار و أعطاها القدرة على إيجاده و سخر له في هذا الوجد السماوات والأرض كله يعين و يؤدي لله، و أما الواقع الذي نعيش فيه، فلا يكاد يرقى لمثل هذا، بل نحن نعيش في حالة وجودية مشوهة تعكس ذل وهوان و قلة حيلة لا حصر لها…
الثغرة الأمنية المذكورة أعلاه سمحت للشيطان بأن يلجم فينا ردة الفعل الأصلية، ردة الفعل النابعة من الفطرة التي تنتفض و تقوم لتفعل الواجب.
ردود أفعال كثيرة تم تقويضها بأشكال مختلفة، ولكل إنسان مسيرته في الحياة ولا أستطيع حصر ما لا أعرف إنما أسأل عما جرى من لحظة دخولك للمدونة إلى الآن.
فاصل حتى يأتي عدو الله ويقول لك ( هل ترى الغرور ؟ هل يظن أنه نبي أو رسول ؟ من هو حتى يحاسبني ؟ )
في الحقيقة ساهم عدو الله بسطور كثيرة في هذه المدونة، و كل ذلك من باب الاستخفاف بالإنسان وقدراته، الاستخفاف الذي أدى بإبليس لأسفل السافلين بعد أن رفع نفسه على أبينا آدم أول البشر. هو نفس الاستخفاف الذي استخفه فرعون بقومه، فأطاعوه !
في هذه المدونة على الأقل خبر واحد جديد يحتاج بحث وتحري، وقد يكون باب لمغامرة جديدة فيها من الكشوفات و الفوائد ما فيها….
في الحياة مواقف وعبر أضعاف أضعاف ما في كل المدونات مجموعة…
يبقى السؤال كيف يتحول الإنسان من مستوعب لمثل هذه الأمور بين هذه السطور واعيا تماما بأباعادها ومافيها وما تعني ثم لا تنقضي خمسة دقائق إلا و هو يقلب صفحات تويتر أو ما ظهر أو بطن من فواحش نتفلكس كيف يتحول الإنسان من مستقبل لرسائل الخالق التي تعيد تشكيل الواقع من جذوره ثم ينتهي غالب اليوم في مشاهدة و صفات الساور دو أو أفلام الأنيميشن أو الألعاب أو أو أو….
تلك الهوة بين الواقع وحقيقته وكيف نعيش ونتعايش معه ترسم صورة قاتمة جدا عن مستقبلنا، و سواد هذا التصور و سلبيته يمكن عكسها في لحظة…
لحظة من الصدق مع النفس هي ما سيضعك وجه لوجه للعدو الذي في داخلك، المستفيد الأول و الأخير من إبقائك تماما كما أنت.
فقط حاول، و سيظهر لك عدوك ليس بصورته بل بألف ألف اقتراح و فكرة وهدف و استدراج و إشغال في سفاسف الأمور….
إن أول الخطوات في التماس حقيقة هذا الكون هو اعتراف لا بد من أن يتردد صداه على مدار الزمن وذلك بأنك تشارك وجودك مع مخلوق آخر من جنس آخر له أهداف أخرى تعاكس تماما كل أهدافك وطموحاتك.
هذا المخلوق متسلط عليك وعلى فكرك وعلى كل أسرارك و لا يريدك أن تسلط عليه أي أضواء بل يريد أن يبقى في خفاء تحت مظلة هويتك وباستعمال صوتك وعقلك وفكرك.
هو من يصغر حجم هذه الفكرة الآن في عقل كل واحدٍ منا، بأشد الوسائل نفعا في جعبته على حسب الشخص، وكل ذلك مجرد غطاء للمهمة الأهم والأخطر لأن جل اهتمامه ليس في ذاته هو
لأن كل جهوده أساسا ليست لإخفاء وجوده هو,,,
بل لإخفاء أثرك أنت من الوجود.
فهمت ؟