ولتُصنع على عيني
أما قبل
نطق بالمعيةِ حينما أُغلق الأمر بموازين البشر،
نفى ثم أكد ثم نطق بالنتيجة!
تذكر الوعود له،
بل ما حصل له من أحداثٍ نجى منها،
يأخذ الأمر ومعه من يسنده للقاء من كان يطارده!
أما بعد
يبطش بمن يريد،،
ويقرر ما يريد،،
إلى أن ظن أنه رب العبيد!
ليلاً على جنبات النيلِ ينام الطاغية بعد يومِ مُلك عظيم!، يُقر له من حوله أنهم عبيده! وهو القادر على كل شيء؟!!
-كيف للرب أن ينام؟!-
تلك الليلة لم تكن هائنة بنسمات النيل! فرؤية المنام بددت كل الراحة،
رأى النار،
رآها،،
لا تبقي من عرشه وملكه شيء،
لا تبقي ولا تذر!
بِطانةُ الضلال عنده يُعبرون الرؤيا له، والقرار منه قتل الأطفال،
-خاف على مُلكه من طفل!-
بِطانة الفسق يقدمون بين يديه مقترحاً لعدم الأطفال، هل رقَّتْ قلوبهم؟ لا، بل من يخدمهم إن قتلوا كل الأطفال!
يراجع الطاغية القرار بعد التوصية،
ويأمر: القتل عام والترك عام،
سعيدة سنة الترك على المدينة، تعيسة في عامها الآخر، كيف تعيش الأم؟ وهي تعلم أن ما في بطنها والذي ستحمله تسعة أشهر لن يرى النور إلا أياماً معدودة، مدة اخفاءه عن القتلة الباحثين، لن تطيل النظر له، لن يكبر أمامها، لن تسهر عليه،
إذاً ماهي غاية الحمل؟
هل سُنَّتْ دورة حياة جديدة للبشر؟ حملٌ ثم وضعٌ ثم قتل!
حسناً؛
لماذا عامٌ دون عام؟
الإجابة؛
بقاء الخدم، وعدم زوال الملك!
لكن لا يعلمون، لا يعلمون!
عام الترك، فرحت الأم بهارون، عضيد أخيهِ فصيح اللسان، تعيش فيه أمه، تلاعبه وتضمه، ضمنت بقاءه معها، تراه عونها في كهولتها، وربما تأملت رؤية أحفادها حوله، النسل سيستمر، لكن ليس هو المُختار.
عام القتل، يولد المُختار لكن الأم لا تعلم، لا تعلم إلا أمراً واحداً، موسى سيتقل!، صغُرت مساحة الأرض في عنها، لا ترى في السماء بُعد، منزلها يخنقها، قلبها يكاد يخرج من جسدها، عقلها لا يهدأ، كيف أدسه منهم؟ تمنت لو لم تلده، بمقلته ستموت هي لكن ستموت في الحياة، هكذا فكرت، جنود فرعون يبحثون والخطر قد اقترب، تسمع صيحات أمهات الجيران على أطفالهم، أدركت أن الأمر لاحقها، الأمر مُجرد وقت!
ثم هناك صوت لم تستوعبه، لم تعي حقيقة الأمر، أأخاف من القتل على ابني ثم أضعه في تابوتٍ وأقذفه في اليَمّ، أأقلته أنا بيدي؟! هذا تعجبها، تستجيب للوحي وتلقيه وفي عقلها وعد ربها "إنّا رادّوه إليك وجاعلوه من المرسلين" يرى آل فرعون التابوت ويأخذون الطفل يريدون منفعته، يريدونه ولداً!
لكن لا يعلمون لا يعلمون.
هناك في بيت إم موسى كاد سقف المنزل يهوي عليهم من حزنها، يتضاعف ذلك لأنها لا تجد من يخفف عنها بالحديث فتقول ما بصدرها، ويربط الله على قلبها فتسكُن ويأتي بخبره لها من اختها.
قصر الطاغية سعيدٌ بهذا الغلام، لكنهم ضاقوا فمن يريدونه ولداً لا يرضع منهم! قدرة الله تأبى أن يكون بين موسى وفرعون نسباً! ويأتي القول "هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه؟" وتحقق أمر ربك "فرددناه إلى أمه" وظن الطاغية أن موسى له لا للبيت الذي كفله ورعاه، لكنه لا يعلم لا يعلم.
تمضي سنوات موسى إلى أن أتاه أمر ربه الذي أوحاه إلى أمه "وجاعلوه من المرسلين" يُخبر موسى ربه وهو العليم بخوفه وطلبه للعون من أخيه، فيطمئن قلبه ويشد عضده بأخيه ويعينهما "لا تخافا إني معكما أسمع وأرى" يذهب موسى بأمر ربه ووعده، يُري فرعون وزبانيته الآيات فينكر ويطلب موعداً لمبارزة سحرية، يُجيب موسى فالله معه، يأتي فرعون وسحرته، عددٌ كثير على واحد! لكن الله مع موسى، وينتصر موسى ويسجد السحرة واستشاط غضب فرعون وأصد قرار بالإبادة الجماعية، لكنه لا يعلم لا يعلم.
"إنا لمدركون" قالها قوم موسى، وهذه حقيقة الحال فالبحر من أمامهم والعدو من خلفهم، ثم يتذكر موسى ويقول "كلا إن معي ربي سيهدين" فأتاه الأمر وضرب البحر وانتصف ومشى فيه وقومه، تذكر موسى قول ربه "إني معكما" فعلم حقيقة أن الله الذي أمنه من القتل أول مرة وجعله يواجه الطاغية ثم يتغلب على السحرة قادرٌ على كل شيء.
فرعون سير قواعده العسكرية كلها لقتل موسى ومن معه، عددٌ هائل لقتل قلة مستضعفين، لكنهم لا يعلمون لا يعلمون، يذهل فرعون من انتصاف البحر ولا يتعض فالطغيان متجذر فيه ورغبة الانتقام أعمت بصيرته وفكرة "أنا ربكم الأعلى هي الباقية عنده" دخل البحر وظن أنه المتحكم فيه وهو لم يضربه لينتصف فكيف أمن المرور عبره؟!
فرعون عازم على اللحاق بموسى وقومه ولو وصلوا إلى آخر الأرض،
ثم غرق فرعون وقومه
وتمت كلمة ربك حقا.