إبليس،

منسق الرجال الأربعة



في أقصى بقاع الأرض، تعيش أسرةٌ لها مكانتها في حيها، عددهم ستة، الوالدان والأولاد، اصغر ابن عمره ثلاثون سنة، تُبشر الأم زوجها بحملها فيفرح، ليس لذات المولود بل لأن الله رزقه ذلك بعد مدة طويلة أشبه بالعُقم!





يأتي سلمان

لهذه الدنيا بصرخة مُدويةٍ هزت أركان المنزل لكنها أسعدت الأبوين، اللذان انكبا عليه رعايةً وحباً، وكأنهما نسيا الأربعة، الذين دار في أفئدتهم ما دار من الغبطة على أخيهم رغم أنهم كبار ولهم عيال! وسرعان ما تحولت هذه الغبطة إلى حسد ثم حقد ثم تُرجمة إلى أفعال يسيرة وفي كل مرة تتطور.





يُكمل سلمان عامه الثامن، لكن عقله أضعاف عمره وكأنك تُحدث راسخاً في العلم، يُحدث الناس، يستشرونه، مُقدماً في الحي والمجالس، إذا دخل المجلس قام من فيه كلهم، يتوسطه دائماً، ومن دخل المجلس وشاهده أقبل عليه بالسلام أولاً، الحاكم وهو الحاكم جعله المستشار الأمين له!





ضاقت أفئدة الأربعة، احمرت أوداجهم، استشاطوا غضباً، انتفخت صدورهم، وودوا لو قتلوا أبادوا أخاهم، عقدوا اجتماعاً عاجلاً ومنسق هذا الاجتماع -ابليس- ظهر بهم رحمةٌ وقرروا أن يسمموه ويفقدوه وعيه حين خروج مع أبيهم الذي يعتزم الانتقال لبلدة أخرى.





صبيحة يوم المغادرة، وأثناء حزم الامتعة قال سلمان لأبيه: إني والله فاقدكم. ضحك الأب ومضى يُجهز المتاع، انطلقوا باتجاه الشرق، خيم الليل، أناخوا ابلهم، وحان موعد تنفيذ الخطة، جلس سلمان بعيداً عن الركب، أتى أوسطهم وقدم له الشراب، شرب سلمان ونام، وسحبوه الأربعة لمكان بعيد ليستيقظ ولا يجد أحداً ولا يعرف الطريق.






استيقظوا فجراً، واستيقظ هو، يبحثون عنه وهو يبحث عنهم، يصرخ منادياً وهم يصرخون، ولا يرون بعضهم ولا يسمعون، الإخوة وكأنهم لم يفعلوا شيئاً، الأب تذكر قول سلمان له، الأم صامتةٌ ولا تعي ما يحدث، سلمان في صدمة مما حدث وكأنه في حلم.




أحس الأب بالمكيدة فسأل الله أن يعيد له ابنه! أيقن سلمان بالمكيدة فسأل الله أن يعود لأهله! لا يعرف بأي اتجاه كان يسير، لكنه يعرف طريق العودة لبلدته الأولى، وصل وسط استغراب من الناس بعودته وحالته وشكله، أشعثٌ أغبر!





وصل للمنزل، دخله، جر أقدامه داخله، يتحسس بيديه الجدران، يتلفت بسرعة في الغرف لأنه سمع صوت أبيه يناديه، كل ذلك ظن! وظل هكذا طوال أيامه، أهل الحي يطرقون الباب فيخرج إليهم ويقول: أسأل الله أن يجمعني بهم. سلمان لا ينسى موعود الله ليوسف عليه السلام وهذا ما أصبره.






في كل يوم يخرج سلمان فجراً وينتظر عند الباب إلى بعد شروق الشمس بساعة ثم يدخل المنزل، لأن هذا الوقت هو الذي يكون فيه أهله مجتمعون عند الباب، أصبح عمر سلمان ٥٠ سنة وهو لا زال ينتظر!











في فجر يوم الجمعة الموافق ٣٠/١٢/١٤٤٣ هـ، استيقظ سلمان من نومه فكان ما ذُكر سابقاً حُلماً عاشه في نومه!

شكراً على وقتك اللي خذيته في قراءة المدونة

أسعد جداً بتعليقك ومشاعرك على مواقع التواصل الاجتماعي

ولا تنسى تشارك النص مع من تحب

Join