طريق المعنى
كان مُحمد منذ طفولته يسأل ماذا يعني ذلك؟ في كل فعل وقول يكون من والديه أو من أي شخص أمامه أو من أي شيء حتى في ذاته يسأل، كانت أسئلته أكبر من قدرة من حوله على إقناعه، كانت تأتيه الإجابات لكن لا يقتنع بها، حتى ظن والداه أن الطفل الجميل مجنون!
في منتصف الحي مدرسة يلتقي فيها مُحمد وسلطان ولا يلتقيان في غيرها، تمضي حياتهم وتفاصيلها ثم يتخرجان ويذهبان لذات الجامعة ويتشاركان في التخصص بل ويسكنان سوياً، كانا متقدمان على كل من في الجامعة فهما سريعان في الفهم.
تخرجا وتوظفا وتطورا وجنى كلاهما المال الوفير، لكن مُحمد بقي معه تساؤل الطفولة، ماذا يعني ذلك؟ سُلطان اختار التقاعد بعد سنوات عمله وفضل الجلوس والراحة أما مُحمد كان ما يحركه ليس العمل والمال فهذا أمر يجنيه بيُسر كان ما يبقيه هو المعنى والبحث عنه.
دعاه سلطان للعشاء يوماً فسأل متهكماً هل وجدت المعنى الذي تبحث عنه؟ ألم تقتنع أنك تسعى للسراب؟
ضحك مُحمد ضحكة كادت أن تسقطه من على كرسيه، ثم قال سلطان: هذه الضحكات لم أكبر مما سألتك فماذا هناك؟
فأجاب مُحمد:
ومن قال أن للمعنى نهاية أو نقطة يصل لها الناس؟ إني قد أدركت بعمر السابعة أن المعنى لا نهاية له وهذا ما يبقي الإنسان في السعي لا لأنه يلاحق السراب بل لأن الإنسان في هذه الرحلة تتكشف له كثير من التفاصيل ويتحصل على منافع عظيمة منها فتولد الرغبة لديه للاستمرار.
لو كانت الحياة أهداف لعطل الإنسان نفسه في عمر مُبكر وهذا هو حالك، أقبلت على الستين من عمرك وأنت لا تشكو من مرض ولديك كل ما لديك من نعيم فلماذا توقفت؟ هل سئمت العمل؟ هل تعلم متى تموت؟ ربما تصل للثمانين دون مرض هل ستقضي قرابة العشرين سنة وأنت تنام وتأكل؟
أخذ مُحمد يسرد كل تفاصيل المعنى وسلطان لم ينطق بحرفٍ حتى، ثم قال محمد: أنا لا أبحث عن المعنى لذاته بل أنا مستمتع بما أجنيه من هذه الرحلة ولو كانت هنالك نقطة للوصول لوصلت لها كما وصلت للتخرج والوظيفة والزوجة ...الخ.
في ختام الحديث يسأل محمد سلطان هل ترى شخصيتي وتفاعلي من الأحداث والأشياء؟ كيف تراه؟
فأجاب سلطان: بهدوء ولطف وتصل لما تريد لا تترك حقوقك وتصل لها دون غضب...الخ
فقال مُحمد: إنه المعنى يا سلطان.
شكراً على وقتك اللي خذيته في قراءة المدونة
أسعد جداً بتعليقك ومشاعرك على مواقع التواصل الاجتماعي
وما تنسى تشارك النص مع من تحب