أواخـــــــر 2015
إقرأ فالقراءة تعطيك حياتين، القراءة حياةٌ وعوالمٌ أخرى، القراءة تهذب النفس، القراءة تجوب بك العالم، القراءة والقراءة والقراءة!
كلها وأكثر كنت أسمعها في اللقاءات والندوات، جملٌ جميلةٌ لكنها لا تحمسني للقراءة أبداً، لا أريد جماليات، أعطني طريقة تناسبني للقراءة، لا تقل خصص وقتاً وساعة ومكان كل ذلك تنظير بالنسبة لي.
أذهب وأعود من المسجد لغرفتي في الإسكان الطلابي في الجامعة، وعلى مكتب الاستقبال للمبنى وضع كتاب، أنظر له بعيني اليسرى في ذهابي واليمنى في عودتي، يوم تلو الآخر والكتاب مكانه لم يتحرك وكأنه سمّر نفسه، وكأنه تعمد هذا المكان، أمر يوماً فأحركه وآخر أتصفحه بشكل سريع ويومٌ أجلس على الأريكة في الاستقبال وأجلس معه دقائق من التصفح.
اسبوعين والكتاب مكانه لم يأخذه أحد، هل نسيه صاحبه؟ أم هو يريد إعادة تدوير الكتب كما سمعت من قبل عن هذه الفكرة؟ عدت مرة وأخذت الكتاب، دخلت الغرفة، أطفأت كل الأنوار إلا إضاءة الدراسة! جلست على المكتب ثم قرأت وقرأت وقرأت! تعجبت مما يحدث في عقلي، لأول مرة أشعر بالانعزال التام عن كل شيء والتركيز في أمر واحد غير الصلاة.
قرأت نصف الكتاب! نعم لأول مرة أقرأ وقرت نصفه، ليس لأنه سهل يسير أو أني فهمت ما كتب أو أني أحببت ما كُتب، بل لأني أحببت البعثرة التي تحدث في عقلي، حالة الطوارئ والحركة، إعادة التنظيم القوية، وكأني عقلي عبارة عن مستودع قديم غير منظم كل شيء فوق الأخر مليء بالأتربة وفجأة قرر صاحب المستودع أن يبحث عن جوهرة فيه فأعاد ترتيب وتنظيم كل شيء ليس بمفرده بل مساعدة من حوله من أبناء وأصدقاء.
جاء اليوم الثاني وأتممت النصف الآخر، أغلق الكتاب وأسندت رأسي على طرف الكرسي، بابتسامة ملأت كل المكان وعينان ترى فيها نظرت من أحب شخصاً، أخذت نفساً عميقاً، حبسته في صدري ثم أطلقته وأنا مغمض العينين، وأخذت أتأمل، مالذي حدث؟ وكيف حدث؟ فعلاً قد أحببت هذا الأمر، أحببت البعثرة في العقل، أحب كيف يعمل العقل بالقراءة في ضبطه للأمور وربطه لها، كيف يستحضر المواقف ويواءمها، كيف يرد على فكرة جديدة ويستحضر الشواهد والحقائق.
وتطور الأمر إلى أن بدأت بشراء أول كتاب من المكافأة الجامعية، وهنا لعلي أدلكم على قراءة نص كتبته فيه تفصيل لبدايتي في القراءة بعنوان "نبات حسن" وهو في المدونة الالكترونية.
وأكملت السير في عالم القراءة وأقتني الكتب وأحضر الندوات للكتاب وأشارك في النقاش فيها، لم تكن القراءة فقط من أجل أخذ معلومات منها بل كانت كل شيء بالنسبة لي، فمن خلالها تطورت شخصيتي بشكل لاحظه كل من حولي.
وحينما أقول كل شيء فأعني ذلك، فاليوم عامر لديه كتاب باسمه!! هل كان هذا هدفاً أن أكون كاتباً؟ لا، هل تخيلت أنه في يوم من الأيام سيكون هنالك كتاب باسمي؟ لا، أني كنت أقرأ لكتاب فهل تخيلت أنه سيأتي يومٌ ويقرأ لي أحدهم؟ لا، هل تخيلت أنه سيكون لي مدونة أكتب من خلالها نصوصاً جميلة؟ لا، أن هنالك أشخاص سيأتون ويطلبون مني توقيعاً؟ لا، فالحمد لله ثم الحمد لله.
سئلت بعد معرض الرياض للكتاب ماهو شعورك؟ فقلت "ماعندي شعور محدد واحد على هذا الأمر، لكنه شعور جميل" وهذه الإجابة لازالت.
هنا عامر وهنا سرد آخر
الثلاثاء
2022/12/06 – 1444/05/12
07:30 PM
مقهى سلام – الجلسة الخارجية أول طاول يسار في الخلف
شكراً على وقتك اللي خذيته في قراءة المدونة
أسعد جداً بتعليقك ومشاعرك على مواقع التواصل الاجتماعي
وما تنسى تشارك النص مع من تحب