مـاذا أهمــهم؟
لو كان الإنسان يعيش بلا هم وبلا مشكلة وبلا نقص يُحس به، فإن الحياة الدنيا هي الحياة الآخرة!
كل عُمر للإنسان يأتي معه أفكار وهموم، الرضاعة والغرابة، الطفولة واكتشاف الأشياء، بدايات التعليم وهم الفوز، الشباب وهم الدراسة، التخرج، البحث عن الوظيفة، الترقي، الزواج، التربية ...الخ
ثم يسعى الإنسان طويلاً في هذه الحياةِ، بل يركض حتى لا يكاد يجد وقتاً ولا مكاناً للراحة، تعاقبه نفس بالتفكير والمرض ولا يلقي لها بالاً ويستمر بالركض، يحقق ما يريد من مالٍ وزج وأبناء ومنزل وثراء كبير، الشأن لديه السعي وتقل مع ذلك علاقاته الاجتماعية، الوقت لأهله قليل، لقاء هنا واجتماع هناك، رحلة عمل وسفر طارئ.
جانب واحد عمل عليه في شبابه، السعي وراء العمل والمادة، يكبر، جسده لا يعطيه القوة التي كان عليها في الشباب، لديه كل شيء، وأساساً لا يحتاج المال الذي كان يسعى له ولا المنصب لأن جسده لا ينفع للركض الآن ولا لأكل السكريات، لديه رف مُلئ بالأدوية، يستيقظ صباحاً دون هدف مادي مُحدد، يصلي، يُفطر، يقرأ، ينام، يزور فلان وفلان، "يكشت" قهوة العصر ...الخ
هاتفه قل ضجيج الاتصالات فيه، والوقت المتاح دون عمل أصبح وافراً!!!
ثم يأتي بعد كل السعي السابق، في الصف الأول بالمسجد مبكراً قبل المؤذن يدعو، رافعاً كفيه مقابل وجهه ومقربها منه ويحركها باستمرار ولا تسمع منه إلا همسا!
مشهدٌ لا أنك من التأمل فيه، مشهدٌ يجيء محملاً بتساؤلاتٍ تُعطي إجابة واحدة، ماذا يريد؟ لماذا كل هذا الرجاء، ماذا يبتغي من زيادة في ماله وعياله؟ كل ما يريده من متع الدنيا قد تحقق؟ لماذا هذه الدموع منه؟ ماهي الأمور التي تجعله يأتي مبكراً للمسجد وفي قوة هواء الشتاء أو حرارة الصيف؟ هل تستحق كل هذا العناء؟
ثم تأتي الإجابة وتركد كل بعثرة العقل، النقص!
رغم كل ما لديه إلا أن شيئاً واحداً لم يتحقق وهو يريده، يريد العفو من الله، يريد الجنة، يريد النعيم الأزلي الأبدي، وهنا العظمة في ذلك أن جعل الله كل ذلك النعيم معلوماً لنا باسمه ووصفه لكن لا نلمسه فقط نتخيله ونريد تحقيق ذلك التخيل، فيارب اكتب لنا ذلك النعيم.
انتهــــــــــــى
الاثنين
2022/12/26 – 1444/06/02
06:30 PM
مقهى سلام – الطاولة الكبيرة أقصى اليسار خلف الزجاج
شكراً على وقتك اللي خذيته في قراءة المدونة
أسعد جداً بتعليقك ومشاعرك على مواقع التواصل الاجتماعي
وما تنسى تشارك النص مع من تحب