ورقة أم حَركة؟
تفانى قدر ما تستطيع، أُخرج من الحظيرة، ولا تسمح لأحدٍ أن يقيّد حريّتك ويحكم على مصيرك بالخراب
الحدود العُرفية التي لم يُناقش فيها جيل هذا الزمان فأخذها كما هي وهو يعلم يقيناً انها منطقية، متى تُفتح ويتم البتّ فيها؟
لا أعتقد أن هناك سجناً في هذه الحياة كسجن الكم المعرفي الذي تناقلناه كسنن ومفاهيم وقوانين يُشترط في الصواب أن تتبع كما هي. إنها مثل الحبال الوهمية، مقيدون بها ولسنا في الواقع كذلك.
الأرض حينما كانت فراغاً تملأه الطبيعة الأولى، والفطرة الغرّة، والانسان العاري من المعرفة التي لا يحتاجها، كانت ملاذاً حقيقياً للحياة الأصيلة، الحياة المجبول عليها الانسان ولا شك.
فطرة الخالق بكل بساطة أمرٌ لا يحتاج إلى تفكير لتنفيذ بنودها، هذا وقت أن كانت خالصة لا تشوبها شائبة ولم يعقّدها صاحب فلسفة، أما الآن فهي من أصعب الأشياء الممكن الحفاظ عليها.
ولماذا؟ لأن كل فردٍ عاش في زمنه، وكان في موضع تحكّم بالآخرين، تتوجب عليه غريزته الانس-حيوانية بفرض مقوّماتٍ وسبلٍ وطرق محددة للتفكير، حيث ما يخرج عنها خاطئ ولا شك. فيبدأ بتلقينها، ودحض ما يخالفها، وإخراج جوف الأرض فقط لإثبات صحتها ومنطقيتها، وعندما يقتنع الناس، تصبح عقيدة قائمة بذاتها، والعقيدة لا تزول بسرعة إن كان منتحلوها عدد لا بأس به.
النظام المدرسيّ على سبيل المثال، نظامٌ نجح في فترة زمنية معيّنة، واقتنع العالم بجدواه، فلُقّن تلقيناً لم يحدث لغيره قط أن بقي على ظهر البشرية بالقوة والفكر المغيّب. ومع أن الدلائل كلها تشير اليوم إلى انخفاض ملحوظ في أهمية هذا النظام بشكله المعروف، إلا أن المسألة ما زالت متداولة طالما أن الكثيرون يرفضون التفكير في جدواها لجميع أصناف الشخصيات البشرية، وأن مهام الأصابع في اليد الواحدة مختلفة، فماذا عن سبعة مليار بشريّ حكم عليهم بمسارات محدودة لا يستطيعون الحياد عنها؟
الحريّة الحقيقية في الاختيار، ونفض جميع أشكال الأعراف القوميّة التي لا تصبّ في صالح المنقولة إليه. فكّر في عاداتك الآن، فكّر في الأمور التي تراها محرّمة وغير مقبولة وهي في الواقع لدى غيرك من الناس عاديّة، وتأمّل هذا الاختلاف، هل تريد بقاءه لمجرد الحفاظ على عادةٍ الكبرياء يمنعك عن كسرها؟ أم أنك بكل ما أوتيت من شجاعة مستعد لتفنيد جميع الملفات الفكرية واختيار ما يكون لك ظهيرا مما ليس لك به نفع؟