رجل على الورق
في الواقع، لم نلتقي قط ..
لطالما كنت كائن حبري و كائن ملون ورمادي تتناثر شظايا من شخصيته -التي أختلقتها- على ساحة ملاحظاتي الإلكترونية، يجري بين كلمات نصوصي الأدبية ويتقوس و يتحدودب و يتكور تبعاً لأشكال الحروف .. و يسيح على بياض دفاتر الرسم التي أحملها أينما ذهبت ..
وبين أسطر الروايات التي أقرأها لطالما رأيت صدرك العاري
بين تقلبات شخصية “خالد طوبال” في ثلاثية أحلام مستغانمي، وبين فوضى رسائل مريم التي ضمتها رواية طوق الياسمين لواسيني الأعرج..
عبثاً أحاول أختلاقك في لوحات متعددة تختلف بمضامينها وملامحها و تتفق في الخطوط العريضة لشخصيتك ..
فالبني يشي دوماً برفيقتك القهوة، والسواد يشي
رقصك مع ستائر الليل وحبك للسهر، والشعر الغجري المحكوم عليه بالربط عداوة سافرة للمشط الذي في الحقيقة عدونا كلينا.
والأصفر تمرير خفي للقائتنا النهارية لطالما كان النهار خياري و كان الليل خيارك وبين ذاك وذا أتعمد أن أجهرك بالنور الأصفر..
لا وجود لنتيجة جراء العدم ..
حيث لاشيء يمكن تكوينه بشكل مجرد، لطالما كنت على قناعة في أن القناعة -بأمر ما- لم تأتي بشكل مجرد فكل الأشياء في هذا الكون نتاج سلسلة تراكمية من الصور و المشاهد و الأصوات لتخرج بفكرة قائمة تقنعك وتلذذ بها دونما عن غيرها لذا كان التنازل عن قناعة أو تغيرها أمر يحتاج لإقدام لمواجهة كل تلك الأمور التراكمية فأن فلحت في هزيمة واحدة ستهزمك حتماً الأخرى وهذا لايعني أن
التخلص منها مستحيل .. لكنه صعب.
وعليه أن عاجزة عن تحليل لما كانت هذه الشخصية عالقة بين لوحاتي و كتاباتي
كان البحث عن السبب أفق يفتح لي في كل مرة لوحاً ونصوص أختلقها .. ورجالاً أعبرهم ولا يعبرونني ..
ومن خلال الآراء لنتاجي الفني والأدبي معاً .. أجده في محاولاتهم العابثة لوصفه ..
ناضج .. رسام .. كاتب .. غير آبه.. كأنه غير مكترث ..
كأنه رجل كامل بنصف حياة .. تلون حياته البؤس .. الرجل الذي لم يقف قط على أمر ما و تستوقفينه أنتِ .. و يقف بين يديك بكل ماحواه و مر على شيباته الصغيرة في دقنه .. سلسلة من التفجيرات الحياتية وحرائق غابات لا تنطفي إلا بين ذراعيك ..
عبثية البحث
في كل حمل بحثي إجهاض محقق و دماْ من النصوص الجديدة ولوحات أجد ..
في كل مربع حوار تمزيق أشلاء شخصيته .. فلا المفردات مفرداته ولا الحروف حروفه ولا اللزماته لزماته ..
على كل طاولة بحث قهوة لم أشرب منها سوى الربع و نصف كعكة أخفقت في مهمة الكعك الأم ..
لقد وصفته أحلام مستغانمي لي بالحرف..
كانت له عينان طاعنتان في الإغراء، ونظرة منهكة لرجل أحبَّته النساء لفرط إزدرائه للحياة..
كم يبلغ عمره؟ لايهم ..
مسرع به الخريف، وينتظره صقيع الشتاء.
إنه في منتصف اليأس الجميل. منتصف الموت الأوّل، وهو لهذا يبتسم. يبدو أوج جاذبيته، جاذبية من يعرف الكثير لأنّه خسر الكثير وهذا سأفهمه لاحقاً.