هيلين كيلر

قصة ملهمة وعظيمة

هل تعيق الإعاقة الازدهار و العطاء ؟


" عندما يغلق باب سعادة يُفتح آخر، لكننا عادة ننظر مطولا للباب

المغلق فلا نرى الباب الذي فُتح لنا"

هيلين كيلر

في ولاية ألاباما الأمريكية وُلدت هيلين أول طفلة لأبويها - آرثر وكاثرين - في يوليو 1880م طفلة طبيعية ذات بصر قوي، وفي عمر 6 أشهر بدأت نطق وتعلم بعض الكلمات ولكن أصابها المرض عندما بلغت الـ 19 شهراً وارتفعت درجة حرارتها (رجح أنه الحمى القرمزية)، وبعد أيام من بداية الحمى لاحظت والدتها أنها لا تظهر أي رد فعل للأصوات والإشارات، وفي حين قال الأطباء أن حياتها في خطر تعافت هيلين من المرض وخسرت سمعها وبصرها.

بالرغم من ذلك تمكنت هيلين في سنواتها الاولى أن تعبر عن

رغباتها وإرادتها للأشياء واستطاعت التواصل واللعب مع من

حولها باستعمال ما يقارب 60 إشارة بدائية قبل وصولها سن

السابعة، إلا أنها كانت تتملكها نوبات غضب واستبداد وتحطيم

 للأشياء لإدراكها أن الجميع يستطيعون التواصل مع الآخرين

 عن طريق أفواههم وهي مختلفة عنهم.

البحث عن أمل


لم تتوقف عائلة هيلين عن البحث عن طريقة لمساعدتها، وفي السادسة من عمرها وكمحاولة أخيرة لعلاجها أخذها والدها لجوليان شيزولم جراح العيون البارز، لكنه أكد لعائلتها استحالة استرجاع حواس ابنتهم، ورغم ذلك أقنعهم بقدرتها على التعلم وأرشدهم إلى ألكسندر غراهام بيل الذي يعمل على تعليم الأطفال الصم التحدث، وبدوره أرسلهم جراهام إلى معهد بيركنز للمكفوفين حيث طلب والد هيلين معلمة خاصة لابنته فرشح له المدير آن سوليفان المتخرجة حديثا من المعهد.

في مارس 1887 وصلت آن لمنزل هيلين وبدأت تعليمها على الفور بتهجئة كلمة دمية بأصابعها لتربطها بالهدية التي قدمتها لها وأكملت محاولاتها بكلمات أخرى، بدايةً سيطر الفضول على هيلين  وأصبحت تكرر الحركات ولكنها لم تفهم مغزاها وزادها الإحباط غضبا ورفضت التعاون، لذا  طلبت المعلمة من عائلة هيلين مكاناً معزولاً فانتقلوا بعدها إلى كوخ في مزرعة العائلة.

صانعــة المعجــزات


وضعت آن يد هيلين تحت ماء مضخة المزرعة وكررت حروف  الكلمة على يدها الأخرى، وقفت هيلين ثابتة للحظات  وفجأة تفتح وعيها وعرفت مغزى هذه الحركات فحاولت نطق الكلمة  وكررت تهجئتها على يد آن، ثم ضربت الأرض مطالبة بمعرفة  حروفها فهجئتها آن لها ودفع الحماس هيلين لتعلم 30 كلمة بحلول نهاية اليوم.

تلمست هيلين وجوه الناس بيديها لتتعرف عليهم وتعلمت التمييز بين الأشياء بالرائحة وأرادت تحسين مهارات تواصلها مع الناس فانضمت لمعهد بيركنز للمكفوفين ثم رغبت تعلم النطق ليفهمها الناس فالتحقت بمدارس تعليم النطق للصم ودخلت مدرسة كامبردج للشابات.


هيلين المعجــزة


أصحبت قصة هيلين معروفة لعامة الناس وقابلت عدداً من المشهورين وذوي النفوذ، وإعجابا  بقصتها وإصرارها تبنى أحد مدراء الشركات نفقات تعليمها في كلية رادكليف، وفي الكلية  رافقتها آن وترجمت لها المحاضرات والنصوص وحصلت هيلين على البكالوريوس في الآداب  بامتياز عام 1904 م وعمرها 24 عاماً وكانت أول شخص ذو إعاقة يحصل عليها.


وبحلول هذا الوقت اتقنت هيلين الكلام والكتابة وتهجئة الأصابع وتعلمت لغة برايل للقراءة ومنهج تادوما لقراءة شفاه الناس بوضع الأصابع على الأنف والشفاه والحنجرة كما تعلمت اللغات الفرنسية والألمانية واليونانية واللاتينية

نشاطاتها


بعد تخرجها من الكلية نشرت هيلين كتابها الأول

(قصة حياتي)

بمساعدة آن وخطيبها، وقضت معظم حياتها في القاء

المحاضرات والخطب واهتمت بالقضايا الاجتماعية

والسياسية فدعمت حقوق المرأة والطبقة العاملة

وعارضت الحروب والتدخلات العسكرية وشاركت

في حملات التوعية ودعم المكفوفين، كما حظيت

بالدعم من المجتمع وذوي النفوذ لشجاعتها وذكائها.

وفي إحدى محاضراتها تحدثت هيلين عن البهجة والسعادة في حياتها والتي تعيشها في خدمة الآخرين والعمل والإنجاز، وعلى الرغم من أن المحاضرة استمرت أكثر من ساعة بقليل، إلا أنه كان لها تأثير عميق على الحاضرين.

مُنحت هيلين وسام الحرية الرئاسي لمساهماتها وألفت العديد من الكتب الأخرى والتي ترجمت لأكثر من 50 لغة، وعُيّنت مستشارة في المؤسسة الأمريكية للمكفوفين وسافرت إلى 35 دولة بين 5 قارات، وقابلت شخصيات سياسية وثقافية مثل الأديب المصري طه حسين وحصلت على الدكتوراة الفخرية من عدة جامعات من بينها تمبل وهارفرد وغلاسكو وجامعات من ألمانيا  والهند وجنوب أفريقيا.

مرافقيها وحياتها العاطفية


بقيت آن رفيقة لهيلين بعد انهاء تعليمها لمدة طويلة، وأصابها المرض بعد سنوات ، وقبل وفاتها دخلت في غيبوبة وتوفيت بين يدي هيلين، وخلفتها بولي ثومبسون برعاية هيلين



أما عن حياتها العاطفية ففي ثلاثينيات عمرها أثناء مرض معلمتها آن التقت هيلين ببيتر فاجان الذي عين كسكرتير لها، أُعجب الاثنان ببعضهما وتعلم بيتر لغة الإشارة من أجلها وقرأ لها الكتب والمقالات في يدها، ثم خطط الاثنان للزواج والرحيل إلا أن عائلة هيلين ومعلمتها عارضوا هذا الزواج اعتقادا أن الحياة الزوجية ليست للنساء ذوات الإعاقة وكان هذا الاعتقاد السائد في المجتمع ذاك لوقت، واختفى بيتر من حياتها، وقالت هيلين عن وقتها معه :

" جزيرة صغيرة من البهجة في بحر الظلام".


وفـــــــــــاتها





في آخر أعوامها تعرضت هيلين لعدة سكتات دماغية فأمضت أيامها في منزلها وقبضت روحها في نومها في 1 يونيو 1968 وكانت قد قاربت الـ 88 عاماً.






خلال حياتها كانت هيلين مثالاً مزدهراً للتغلب على

الشدائد والظروف الصعبة بالعمل الجاد والمثابرة

والفضول والخيال وكانت نموذجاً لناشطة محترمة

ومعروفة عملت من أجل تحسين حياة الآخرين.


المصادر:

 Helen Keller Biography.American foundation of the blind.Org

 Helen Keller. Perkins school for the blind.Org

للمزيد تابعوني على