تضحيات أم تنازلات؟

أولًا يجب أن نعلم بأن هنالك فرق بين التنازل والتضحية،

فالتضحية طوعية ومصدرها ضَحّى وهو بذل النفس أو العمل أو المال أو المصلحة في سبيل الآخرين من غير مقابل.

أما التنازُل فهو تخلٍ عن حق من حقوقك إكراهًا. 

أعتقد أن الفرق اتضح الآن.


يحدث أن تتخلى عن شيء ما بطيب نفس ويحدث أن تُجبر على التخلي عن أشياء أخرى. 

قرأت قبل فترة كتابًا أضحى من كتبي المفضلة فيما بعد وفيه صفحة مهمة عن نتيجة بعض التنازلات وتأثيرها -وقلت تنازلات لأني مؤمنة أن التضحيات لا تعود إلا بخير-. 

كان الكلام عن الأم -لا أتفق معه من تلك الناحية ولكنه يحدث- وهو مثال جيد لإسقاطه على ما تشاء وكيفما تشاء، فقد مررت بلحظات عديدة وجدت نفسي فيها في مكان هذه الأم المسكينة، لكني أم بلا أطفال، بلا زوج، بلا منزل خاص، فقط أم تتنازل!

دونكم هذه الصفحة فاقرؤوها جيدًا جدًا.

من كتاب مكتبة ساحة الأعشاب

أن تضحي من أجل طفلك لهو هدف سامٍ ونبيل لا يعرف قدره أحد آخر سواك فلا تقارن حياتك بحياتهم ولا مصيرك بمصيرهم ولا تأسَ على حالك.

لا ننكر طبعًا أن وضع تلك الأم محزن للغاية وهذا يوجب وجود أشخاصٍ مراعين ومقدّرين لكل تلك التضحيات، وإن كانت غير مطلوبة، فهي ضرورية وتتعدد زوايا وأسباب ونتائج التنازل لكني هنا سأتحدث عنه من زاوية واحدة فقط ألا وهي “الفضفضة”.


أن تضحي بكل ما تمتلك وبأعزهم وهم الصحة والوقت وأنت لا تملك منهما أصلًا ما يؤمّن لك حياةً هانئة مستقبلًا! بدلًا من الراحة اللازمة والسعي هنا وهناك، فهذا هو الجنون بعينه! 

دعونا من الكلام الطيب السمج الذي لا يعود بفائدة ولنكن واقعيين، أن تبقى في مكانك بلا حراك ومن دون مساعدة حالية أو مستقبلية هو تضحية بلهاء على حساب نفسك! 

عذرًا ولكن من الغباء توقع مردود طيّب من أشخاص لم تعتد ذلك منهم، أو انتظار أميرٍ ما ينتشلك من هذه الحفرة! لا نعلم الغيب نعم ولكن التعلق بأوهام لا أساس لها هو غباء محض لا يجدر بنا الوقوع فريسةً له، العمل العمل وترك الباقي على رب العباد ولكن فليكن العمل في المقام الأول. 

حتى أن التوكل عليه سبحانه مربوط بالأسباب فلا نتيجة من غير عمل! 

“والتوكل على الله سبحانه لا ينافي السعي في الأسباب والأخذ بها" وليس الجلوس مكتوف اليدين وتوزيع التنازلات عن اليمين والشمال وانتظار هبوط الخير من السماء! 

لكن كيف نعمل ونحن مشغولون بالتنازلات من أجل الآخرين؟! 

هنا مربط الفرس، فلست أعلم.

في النهاية ذكرت ناتالي حلًا لهذه التنازلات الثقيلة حين قالت:

أخيرًا؛ أتمنى لكم حياةً باسمة تملؤها المحبة والتفاهم، يملؤها الإخلاص والوفاء، حياةً لا تجبرون فيها على التنازل بل تضحون بما تريدون وفي أي وقت تريدون وأنتم مطمئنون.

ساقَ الله لكم الخير أينما كان وأرضاكم به.

ليلة سعيدة،

ع.ز.


كُتِبت هذه التدوينة تحت ضغوطات هائلة ومقاطعات عدة أفقدتني تركيزي، لذلك فقد قررت أن أستقبل النقد هنا.

الاقتباسات من كتاب مكتبة ساحة الأعشاب*

Join