تقبُّل

كنت في خضم نشر تدوينة أخرى، قديمةً بعض الشيء بل ربما هي عبارة عن تجميع بعض اليوميات الماضية ولكني ارتأيت تأجيلها ليس لشيء سوى أني لا أشعر بهذه الأحاسيس في الوقت الحاضر وفكرت في كتابة تدوينة سريعة لمشاعر اللحظة، فاللحظة الحالية هي الأهم!

نحن نعيش في الحاضر لا في الماضي ولا حتى المستقبل، لذا يجب علي التركيز على الأهم وتأجيل المهم “الفضفضة” فالحديث عن الماضي القريب ليس إلا نوعًا من الفضفضة التي لا أكف عنها، بل إني في الحقيقة لا أود التوقف ليتّسع ما بداخلي ولأنها وسيلتي الوحيدة لتفريغ غضبي وحنقي الدائم على هذه الحياة.


منذ عدة أيام وأنا أحاول إقناع نفسي أن حياتي تغيرت تغيرًا جذريًا -إنها كذلك منذ خمس سنوات ولكني كنت أؤجل الاعتراف بهذا- وصار جديرًا بي التقبّل لكي أمضي قدمًا وأتوقف عن النحيب وأنا متسمرة في مكاني، فلننتحب ونحن نقطع الطريق يا صاح! لا عيب في ذلك.

صباح اليوم أحسست ببعض مشاعر التقبّل هذه، كوني استيقظت باكرًا واستعدت نظامي الصباحي العتيق -نسيت أن أُخبركم أني أضفت الرياضة إليه ولله الحمد- وكما تعلمون فبقائي لوحدي صباحًا يُخرج أفضل ما فيّ وما زالت هذه الحسنة الوحيدة التي لم أفقدها في معاركي مع الحياة.


ثم أما بعد؛ فقد بتّ أميل لعيش حياة الأمهات، حياةً لا أكترث فيها إن رأيت ما كان يزعجني سابقًا، الأهم أنه لا يؤثر بشكل جديّ ومباشر على معيشتي، أن أتخلى عن الكثير من الرفاهيات في سبيل تحقيق الراحة والسلام في جهة أخرى من الحياة وأن أتحمل مسؤولية طفل أو ربما طفلين بدون الكثير من التذمر والبكاء، أن أطبخ وجبات والدتي القديمة وأن أُشرك ابن أخي بأعمال التنظيف البسيطة وكذلك الطبخ!

لم أعد أنزعج لوجوده معي في المطبخ لنصنع كعكةً أو بسكويتًا أو أن يجذبني من طرف ردائي لأذهب معه وأشغّل له شارة همتارو على التلفاز وأنا في منتصف طبخ السليق، بل إني صرت أستمتع بوجوده حولي -ليس دائمًا فأنا سريعة الغضب في المطبخ-.

وعلى الرغم من صعوبة الخوض في أمر عدم الاكتراث ومحاولة التكيف إلا أنني أسعى جاهدةً لتحقيقه والوصول إليه بشكل كلي -بالطبع ليس بشكل سلبي- وسيكون هذا هو هدفي لهذه السنة بإذن الله، كما أن صعوبته تكمن في الحفاظ على ما تبقى مني لي.

أعتقد أن الحياة ما زالت تخفي لنا الكثير من المفاجآت، وأن التدوينات القادمة ستكتسي حُلة الأمومة باكرًا…


لقد كان صباحًا مُثمرًا؛ فقد بدأت في ترتيب غرفتي النصف جديدة ولكني اكتشفت أن الكثير ما زال ينقصني حتى أصل لمرحلة “غرفتي تشبهني” ولست أطمح للوصول إليها بنسبة 100% بل وكما أخبرت أختي سالفًا بأني أطمح وأرجو أن أصل إليها بنسبة 60-70% وهذا أكثر من كافٍ بالنسبة لحياتي الجديدة. يبدو أن الأمر بدأ بالظهور فقد تخليت -مُجبرةً- عن الكمال والمثالية اللذين لطالما سعيت إليهما في كل مناحي الحياة.

في الحقيقة أشعر بالانعتاق نوعًا ما وهذا أمر جيد، فلنتحرر مما يكبل أرواحنا الضعيفة لنحظى بالسكينة والسلام المنشودين.


وقت الظهيرة؛ كتابة تدوينة لحظية والاستمتاع برائحة الغداء مع خلفية صوتية لأحاديث والديّ، هذه هي النعم التي غفلت عنها والتي تستحق الشكر.


أدام الله علينا وعليكم نعمه ظاهرةً وباطنةً،

احظوا بيوم مثمر وكونوا أمهاتًا وآباء وأبناء صالحين.


طاب يومكم؛

ع. ز.

Join