الثامنة والثلث
أستلقي كقطعة قماش مهترئة في محاولة للحفاظ على درجة حرارة جسدي كي لا ترتفع بعدما قررت شركة الكهرباء قطع الكهرباء بشكل مفاجئ عن منزلنا مما أفسد نومتي الهانئة معه.
أستمع مُسترخيةً لهديل حمامةٍ تُقيم عند نافذة غرفتي حتى وصل إلى مسامعي صوت أختي المتذمر من هذا الهديل العذب؛ إنها لا تحبه ككثير من الناس الذين لا أفهمهم.
أفكر بالنهوض وترك الفراش أملًا في ضبط ساعتي البيولوجية المتمردة ولكن الفطور أيضًا بحاجة إلى كهرباء! ربما تُعينني برادة الماء لصنع كوب شاي فاتر ولكن مالذي سيعينني على تسخين الخبز؟ تُعتبر الشمس المطلّة من النافذة حلًا جيدًا ولكنه بطيء جدًا وليس لي طاقة لانتظارها..
أتذكر حين نكون على سفر ولا يكون باستطاعتي استخدام المايكروويف -والذي بالمناسبة لا أفضّله البته في تسخين الخبز- فإني أستعين بالشمس لتدفئة خبز الفطور، لقد خلق هذا الفعل لدي ارتباطًا رقيقًا بالشمس، فأنا أشعر بأني أستفيد منها ولست متذمرةً من حرارتها فقط.
في الحقيقة إنني ألجأ إليها كثيرًا في هكذا أمور؛ كتخمير العجين بسرعة وتليين الزبدة بجوار نافذة المطبخ حين أقرر الخَبز في وقت متأخر -وهذا يذكرني دائمًا بمصيبتي الأولى في تجربة هذه الطريقة، حين وضعت الزبدة بلا صحن أسفل منها مما اضطرني لغسل النافذة بعدما ذابت أسرع مما توقعت وملأت المكان، لقد كان منظرًا مُضحكًا على هول مصيبته-.
ولا ننسى أن الشمس صديقة رائعة ما دمنا لا نتعرّض لها مباشرةً صيفًا، كما أنها جالبة للبهجة ومبددة لظلام الكآبة شتاءً.
بعد كل هذا التفكير قررت تأجيل الفطور لأن الوضع أيضًا لا يسمح بشرب شيء ساخن وستكون حماقةً إن فعلت ذلك وأنا التي تريد الحفاظ على درجة حرارتها في نطاق جيد. حينها تأملتُ حال من لا يملكون أجهزة تكييف تخفف عنهم لهيب هذا الصيف وشكرت الله على النعمة التي اعتدنا وجودها حتى نسينا شكرها.
عادت الكهرباء لتعمل أثناء كتابتي وكان أول شيء فعلته هو تشغيل المكيف، أما الآن فقد حان الوقت للاستمتاع بكوب الشاي الساخن والمنكّه بالبرغموت والحبق، بالإضافة إلى الخبز باللبنة مع الزعتر وزيت الزيتون. هذا مالدينا على قائمة الفطور اليوم ويالها من نعمه إضافية تستحق الشكر.
كان انقطاع الكهرباء فرصةً جيدةً لعودتي للكتابة والتعبير المطوّل بدلًا من التوقف عند جملة أو اثنتين كما اعتدت أن أفعل طيلة هذا الشهور التي مضت ومضى عمري معها..
أدام الله علينا النعم كبيرها وصغيرها ورزقنا شكرها والتنعّم بها والحمدلله رب العالمين.
طاب صباحكم؛
ع. ز.
ملحوظة: عدتُ للنوم ساعةً أخرى حين أحسست ببرودة المكيف ولن ألوم ساعتي البيولوجية على هذا العمل المخزيxD