المقامة الشاورماتية!
أكاد لا أصدّق. من بكامل قواه العقلية عساه يفعل؟
كيف لامرئ بالغ راشد، يرى دجاجاً شهياً، مشوّحاً من قفاه، ممزوجاً بالدهن، أو هو الدهن بذاته وفي ذاته، يَسقي دُهنه ما حوله سقي السحاب للأرض بالمطر، وقد امتزج ذلك الدجاج المدهن مزجاً ببطاطس مقلية قد نالت من الزيت حصتها وزيادة، وأضيف إلى ما تقدّم مُخلّلاً مالحاً، وثوماً سائحاً، وقد لُفَّ الجمع في خبزة طرية، وأحاطت الخبرة بما حوت حضن حبيبةٍ باكية لحبيبها، وفوق هذا كله، أضاف لها مُعلّمها قدراً لا بأس به من شطّة الفلفل، ثم أمسك المعلّم إياه بالمزيج وسدحه فوق صاجٍ ساخن سدح ملاكم لخصمه، وقلبّه على الصاج حتى مسّت حرارة الصاج قلب الشطيرة.
من عساه -أي حبيبتي البلهاء- يرى هذا المنتج النهائي المُصَنَّع بكل كياسة، المغلّف بقصدير حراسة، المحبوك أعلاه، المتقن أدناه، وقد جمع أطيب ما عرف الإنسان من طعام في كبسولة بحجم كف اليد، من يا ترى يُقاوم هذا الجمال إذا حيل بينَهُ وبينه؟ من ترواده نفسه بأنّه قد، مجرد "قد"، لا تميل نفسه إلى الشاورما؟! ما عسى هذه النفس الراكدة أن تميل إلى شيء بعد إذ؟ هل تحمل أي مشاعر أصلاً؟ أترى هذا المرء يحس؟ يشعر؟ يشتهي؟ أتعمل مقلتاه وتفرزان الدموع كسائر البشر أم قد جفّتا منذ أمد لا يُذكر؟ أتراه إنسان أصلاً؟!
إني لا أبالغ إذ أقول أي حبّي، أن المرء الذي يدّعي، مجرّد ادعاء، أنه إلى الشاورما لا يميل، هو امرئ ناقص الأهلية، قليل الإنسانية، لا تؤخذ شهادته، ولا يُسمع رأيه، ويُشكّ في رجاحة عقله. إنها الشاورماء، الشاورماء رحم الله والديّ ووالديك! ماذا عساه يحب إذن؟! البرجر والبيتزاء؟!
#المقامة_الشاورماتية