لنتفق على أمر ما. نحن كبالغون ننشئ أطفالنا على معتقدات معينة. على قيم نعتقد أنها الأمثل. كلنا، في كل مكان في هذا الكوكب، نقول لأطفالنا "صح" و"خطأ" و"افعل" و"لا تفعل" و"احترم جدتك" و"كن لطيفاً مع جارك". هذه الحقيقة، هي حقيقة كونية منذ فجر التاريخ. في كل مجتمع من المجتمعات ينشئ البالغون الأجيال الجديدة على ما يعتقدون أنه الأمثل.
ما الذي تغيّر إذن؟!
الذي تغيّر بسرعة لم يستوعبها أحد، وخلال سنوات قليلة جداً، أنه أصبح هناك شيء اسمه "محتوى". أفلام ومسلسلات وألعاب فيديو وأغاني وتطبيقات. هذا المحتوى يسافر بسرعة. ينتقل بسهولة. والنتيجة؟ النتيجة أن "بالغون" في مجتمعات أخرى، شرق العالم وغربه وجنوبه وشماله، لم يكونوا ليقتربوا من أطفالك سابقاً، أصبح لديهم وصول مباشر لأطفالك. وأصبح هؤلاء البالغون يملون على أطفالك قيمهم التي يعتقدون أنها الأمثل. أصبحوا هم الذين يقولون لطفلك "صح" و"خطأ" و"افعل" و"لا تفعل" و"احترم جدتك".. وهلم جرّاً. هذه الأشياء لا تُحدث تأثيراً مباشراً، فلا أحد يموت من وجبة سريعة واحدة، أو من سيجارة واحدة. هذه الأشياء تبني منظوراً للعالم في أذهان الأطفال، هذا المنظور يؤثر على حكمهم للأمور ونظرتهم للعالم.
ما الحل؟!
أن تستوعب ما يجري من حولك، وأنّه لأول مرة في تاريخ البشر سقطت البوابات التي كانت تحيط بالمدن، وأصبح العالم فعلياً قرية واحدة. أن تدرك أنّك مسؤول عن أطفالك. كما أنك على الأرجح تهتم لنوع الغذاء الذي يتناولونه، عليك أن تكترث لنوعية المحتوى الذي يشاهدونه، وكما يقولون في البرمجة "جاربج إن = جاربج آوت" (مدخلات قمامية = مخرجات قمامية)!